إدلب – يوسف غريبي
تعرض ابن وليد أصلان لارتفاع في درجة حرارة جسمه بشكل مفاجئ عند الساعة 12 ليلًا، ليحاول التوجه به إلى أحد المستشفيات في أريحا جنوبي إدلب مكان إقامته، لكنه لم يجد أي مركز أو مستشفى يستقبل حالات مرضية في هذا الوقت، واضطر لنقله إلى مدينة إدلب.
ما حصل مع وليد في بحثه عن مركز طبي ليلًا يلخص معاناة الآلاف من أهالي أريحا بعد تردي الوضح الصحي في المنطقة، نتيجة عدم فتح المستشفيات أبوابها أمام المرضى على مدار الـ24 ساعة.
وتوجد مستشفيات ونقاط طبية تابعة لمديرية صحة إدلب ولمنظمات في أريحا، لكنها تعمل بنظام إداري، ولا توجد مناوبات مسائية، حسب وليد.
أريحا لم تنهض بعد
أثرت الحملات العسكرية التي شنها النظام على مناطق سيطرة المعارضة، خاصة منذ آب 2019 حتى توقيع الاتفاق الروسي- التركي في 5 من آذار الماضي، على القطاع الصحي في المدينة، نتيجة استهداف المستشفيات والمراكز الطبية والمرافق الحيوية.
وأدى القصف إلى نزوح سكان المدينة لفترة امتدت أكثر من أربعة أشهر.
وأوضح مدير فريق “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، في حديث إلى عنب بلدي، أن عدة مطالب وتنبيهات وُجهت للمنظمات المعنية، لكن الاستجابة لا تزال ضعيفة، واعتبر أن الوضع الطبي في منطقتي أريحا وجبل الزاوية جنوبي إدلب “سيئ جدًا”.
ويبلغ عدد سكان مدينة أريحا حاليًا بعد عودة السكان إليها من النزوح حوالي 83 ألف نسمة، حسب حلاج.
وينقل مركز “الدفاع المدني” في أريحا نحو عشر حالات مرضية يوميًا من أريحا إلى مدينة إدلب، عدا عمليات نقل المرضى من المراكز الأخرى، ومعظم الحالات لحوادث وكسور بحاجة إلى عمليات جراحية، أو تصوير وربما تجبير، وهذه الخدمات غير متوفرة في أريحا، حسب حديث مدير المركز، محمد الهاشم، لعنب بلدي.
وتنقل الإصابات والحالات المرضية إلى أقرب نقطة طبية، وهي في مدينة إدلب التي تبعد مسافة طويلة، وفي حال كانت الحالة المريضة خطيرة من الممكن أن يموت المريض في الطريق، بحسب حلاج.
أما مراكز عزل مصابي جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) الموجودة في المنطقة فهي غير مخصصة للإسعاف، ولم تستقبل أي حالة إسعافية.
عودة خجولة للعمل الطبي
لم تعد مراكز أريحا فاعلة طبيًا كالسابق، لكن حاليًا توجد فيها ثلاثة مستوصفات ومستشفى أطفال ونسائية ومركز معالجة فيزيائية، ويجري العمل على تدعيمها بمستشفى جراحة عامة، حسب حديث رئيس دائرة الرعاية الصحية الأولية في “مديرية صحة إدلب”، الطبيب أنس دغيم، لعنب بلدي.
فخلال حملة النزوح الأخيرة على أريحا بداية العام الحالي، وقصف مستشفى مدينة أريحا الجراحي، توقف عمل المنظمات والمستشفيات والنقاط الطبية، وانتقلت إلى خارج المدينة، إلا أن بعض المراكز الطبية عادت إلى العمل، حسب حديث رئيس المجلس المحلي في مدينة أريحا، عمر صلوح، لعنب بلدي.
وافتتحت منظمة “أوسوم” في منطقة أريحا مركز رعاية أولية واختصاص أطفال ونسائية وطب عام وداخلية، وعيادة تغذية، وفريق عمال صحة مجتمعية ومخاض، يقدم خدمة الصحة الإنجابية، وصيدلية مجانية توفر خدمة اللقاح، حسب حديث منسق المشاريع في منظمة “أوسوم”، مجد فحام، لعنب بلدي.
واستقبلت مراكز “أوسوم” الطبية، خلال تموز الماضي، في منطقة أريحا 141 ولادة و446 استشارة طبية في قسم المخاض، و3500 استجابة من مركز الرعاية الصحية، بالإضافة إلى تقديم كل أنواع التحاليل، حسب فحام.
وأشار إلى وجود نقص في اختصاصات الأطباء، ما يجبر المنظمات على توظيف “طبيب عام”، وهو ما حدث في مركز أريحا، فعدم وجود طبيبة نسائية اضطرت المنظمة لتوظيف “طبيبة عامة لاحقة بروتوكولات لها علاقة بالصحة الإنجابية وطب النساء”.
كما افتتحت منظمة “سيما” مستشفى باختصاص نسائية وأطفال، ويوجد مركزا عزل صحي لمصابي فيروس “كورونا”، لكن عملها مقتصر على نظام الدوام الإداري، حسب رئيس المجلس المحلي، عمر صلوح.
وتفتقد المنطقة لمستشفى جراحى وإسعافي على مدار اليوم، ويحاول المجلس المحلي، حسب صلوح، العمل والتواصل مع منظمات ومتطوعين لترميم المستشفى الجراحى وتجهيز نقطة إسعافية بكوادر تطوعية.