استخدمت قوات الأسد قنابل النابالم المحرمة دوليًا في استهداف الأحياء السكنية داخل مدينة داريا، خلال الأيام الأربعة الماضية، ضمن حملة قصفٍ مستمرة منذ مطلع الشهر الجاري.
وبدأت قوات الأسد حملتها غداة معركة “لهيب داريا” التي بدأت في الثاني من آب الجاري، واستطاع خلالها لواء شهداء الاسلام بالاشتراك مع الاتحاد الاسلامي لأجناد الشام السيطرة على منطقة الجمعيات غرب المدينة وقتل عشرات من عناصر النظام المتمركزين فيها، وفق قائد اللواء، النقيب أبو جمال.
المدينة تحترق
وألقى الطيران المروحي 15 اسطوانة حارقة محملة بمادة “النابالم” على أحياء داريا في 11 آب الجاري، للمرة الأولى، وكرر استهداف المدينة بهذا النوع من المتفجرات بعد يومين وعلى نطاق أوسع، ما تسبب في نشوب حرائق ضخمة.
وطال القصف مستودعًا للأخشاب ما أدى لاشتعال النار فيه عدة أيام، وقفت أمامها فرق الدفاع المدني عاجزة عن إطفائها، وأطلقت نداءات استغاثة إلى جميع المنظمات الدولية لوقف استهداف المدنيين بالقنابل الحارقة.
وقال أبو سليمان، مدير الدفاع المدني في داريا، إن “المدينة تتعرض يوميًا للقصف بعشرات الصواريخ والبراميل المتفجرة والألغام البحرية، إضافة إلى استهدافها بالمواد الحارقة”، مضيفًا في حديث إلى عنب بلدي “فرق الدفاع المدني تعمل ليلًا نهارًا على فتح الطرقات وإطفاء الحرائق، متحملة خطورة القصف الذي لم يهدأ منذ عشرة أيام، ما أدى إلى إصابة أحدهم بجروح خطيرة”.
وأشار أبو سليمان إلى أن نقص الإمكانيات والمعدات اللازمة لإطفاء الحرائق وقلة الكوادر جعلت الفريق عاجزًا أمام الحرائق الضخمة التي اندلعت في عشرات المباني، مردفًا “إن هذا يعطي مؤشرًا سيئًا إذا ما تكرر القصف بهذه المواد وينذر بكارثة قد تحصل في المدينة”.
كثافة نارية “هائلة”
وبحسب المجلس المحلي، بلغت حصيلة القصف الذي تعرّضت له المدينة منذ 2 آب، إلى 325 برميلًا متفجرًا، 130 صاروخ أرض – أرض (الفيل)، 375 إسطوانة متفجرة (قذيفة جهنم)، 585 قذيفة ثقيلة (مدفعية، دبابات، هاون)، 5 ألغام بحرية، 75 اسطوانة حارقة تحمل مادة النابالم، 4 غارات بطيران الميغ بالصواريخ الفراغية والموجهة.
وأكد المجلس المحلي أن المدينة ودعت 27 من أبنائها بينهم عائلة كاملة، إضافة إلى عشرات المصابين أغلبهم من المدنيين، خلال الحملة الاخيرة المستمرة منذ مطلع آب، محذرًا من تدهور أوضاع المحاصرين داخلها، ومشيرًا إلى نسبة دمار فاقت 80% في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر.
“العالم لا يحرك ساكنًا”
بدوره، اعتبر النقيب أبو جمال أن “معركة لهيب داريا حققت نجاحًا كبيرًا تمثل في تحرير منطقة الجمعيات والوصول إلى طريق المعضمية، وسط خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد لقوات النظام”.
وأضاف أبو جمال في تصريح إلى عنب بلدي أن “وقوف قوات الأسد عاجزة أمام الهزيمة النكراء جعلها تلجأ إلى الطيران والبراميل العشوائية واستخدام الأسلحة المدمرة كصواريخ الفيل، ما أدى إلى دمار كبير خلال فترة قصيرة”، موضحًا أن “النظام شنّ خلال الأيام الماضية بعدة محاولات يائسة لاستعادة ما خسره، لكنها باءت بالفشل”.
وحاولت قوات الأسد التقدم في إحدى النقاط من منطقة الجمعيات، الجمعة 15 آب، لكن لواء شهداء الإسلام أوقف الهجوم وقتل قرابة 10 عناصر بينهم ضابطان وسحب عددًا من الجثث، وأضاف أبو جمال “إن فشل قوات الأسد في سحب جثث عناصرها جعلها تلجأ إلى استخدام النابالم المحرم دوليًا لحرق المدينة بشكل ممنهج أمام مرأى العالم والمنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية دون تحريك ساكن”.
وتعتبر الأمم المتحدة استخدام النابالم ضد تجمعات المدنيين “جريمة حرب”، لكنّ مجلس الأمن لم يعاقب إلى اليوم نظام الأسد على الاتهامات الموجهة له باستخدام الكيماوي والبراميل المتفجرة وغيرها.
ويعيش في المدينة قرابة 10 آلاف مدني بعد نزوح أكثر من 250 ألف من أهلها مع بداية الحملة العسكرية لقوات الأسد نهاية عام 2012، وسط حصارٍ جعلم يحاولون ابتكار طرقٍ جديدة لتأمين احتياجاتهم الأساسية والاعتماد على ما تنتجه الأرض في غذائهم.