اعتقلت “هيئة تحرير الشام” ناشطين ومقاتلين وقادة، سوريين أو أجانب، وبررت اعتقالهم لاحقًا لأسباب مختلفة.
وشهدت الأشهر الأخيرة نشاطًا لـ”تحرير الشام” في اعتقال شخصيات معروفة بمناطق شمال غربي سوريا، آخرها “الجهادي” الفرنسي عمر ديابي، سبقه اعتقال الصحفي الأمريكي بلال عبد الكريم، وعامل الإغاثة البريطاني توقير شريف.
ديابي.. “التفرد وإنشاء إدارة مصغرة”
أكدت “تحرير الشام”، في 1 من أيلول الحالي، اعتقال “الجهادي” الفرنسي عمر ديابي، وهو قائد لجماعة من المقاتلين الفرنسيين في سوريا.
واسم ديابي الحقيقي عمر أومسن، ويبلغ من العمر 41 عامًا، وتقول السلطات الفرنسية إنه “مسؤول عن تجنيد 80% من الجهاديين الذين يتحدثون اللغة الفرنسية ممن ذهبوا إلى سوريا أو العراق”.
وولد ديابي في السنغال، وانتقل للعيش في فرنسا عندما كان طفلًا، قبل أن ينتهج “التطرف” بعد أوقات قضاها في السجون.
وانتقل ديابي إلى سوريا في 2013، وترأس كتيبة “جهادية” في غابات اللاذقية، ويعتبر الزعيم الروحي لجماعته.
ونشر ديابي سلسلة من مقاطع الفيديو تحت اسم “19 HH”، نسبة إلى الـ19 شخصًا الذين قاموا بهجمات الحادي عشر من أيلول في أمريكا 2001.
وفي عام 2016، صنفت الخارجية الأمريكية عمر ديابي، كـ”إرهابي عالمي”.
وبررت “تحرير الشام”، عبر تصريح لمكتب العلاقات العامة وصل إلى عنب بلدي، اعتقاله بحجة “تفرده بما يشبه إدارة مصغرة خاصة به وبأهل منطقته، تتضمن أغلب الإجراءات المدنية المتعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والمعاملات”.
كما اتهمت “الهيئة” ديابي بتنظيم محاكمات بعيدًا عن إدارة المنطقة المعنية، إضافة إلى “وجود سجن مصغر في منطقته (المخيمات)، وما يتضمن ذلك من إنزال عقوبات وتعزيرات على المخالفين”.
واعتبرت “الهيئة” أن الإجراءات التي قام بها ديابي “مع قلة الأهلية وانعدام الخبرة، هي بوابة إفساد وشر، تسبب ضياع الحقوق والعبث بالحرمات”.
بلال عبد الكريم.. “طاعن بالمؤسسات القضائية والأمنية”
“فرغ بلال نفسه للطعن بالمؤسسات القضائية والأمنية، والمسارعة لأخذ قول كل كذاب مدلس، دون أي اعتبار للمهنية الصحفية”، كان هذا تبرير “تحرير الشام” لاعتقال الصحفي الأمريكي بلال عبد الكريم من قبلها.
واعتقل بلال، في 13 من آب الماضي، وطالبت “لجنة الصحفيين الدوليين” (CPJ) وعدد من الجهات الحقوقية بالإفراج عنه، إلا أن “تحريرالشام” لم تستجب.
وجاء اعتقاله عقب مطالباته بالإفراج عن عامل الإغاثة البريطاني توقير شريف، الملقب بـ”أبو حسام البريطاني”، وطرحه تساؤلًا على “تحرير الشام” حول جواز التعذيب في السجون، وذلك على خلفية تعرض “أبو حسام” للتعذيب خلال اعتقاله.
“البريطاني”.. “ادعاءات خطيرة بحقه لا يمكن التغاضي عنها”
اعتقل “أبو حسام” من قبل “تحرير الشام” مرتين، الأولى كانت في 23 من حزيران الماضي، مبررة اعتقاله بـ”ادعاءات خطيرة بحقه، لا يمكن التغاضي عنها، فأوقف على ذمة التحقيق”.
وتتعلق الادعاءات بـ”سوء إدارة أموال الإغاثة، ونقل جزء منها لدعم بعض المشاريع التي تحرض على الانقسام والانشقاق والتفرقة”، حسب “تحرير الشام”.
وأُفرج عنه بكفالة حضورية، في 15 من تموز الماضي، إلا أن “تحرير الشام” اعتقلته للمرة الثانية في 11 من آب الماضي.
ورغم مطالبات عائلة توقير بالإفراج عنه وفقًا للكفالة، فإن “تحرير الشام” ألغت الكفالة بسبب “الإخلال بشروطها، ورفع معظم الكفلاء أيديهم” حسب تبريرها، وقررت استمرار سجنه.
وجاء قرار “تحرير الشام” نتيجة “التهجم والتعدي الجسدي واللفظي” على عضو اللجنة المكلفة بقضية “أبو حسام”، وتصويره بالقوة من قبل “أبو حسام”، ما يهدد حياة عضو اللجنة، حسب تبرير مكتب العلاقات العامة في “تحرير الشام”.
وفي 28 من آب الماضي، أحالت “تحرير الشام” “أبو حسام” للبت في قضيته بعد انتهاء مراحل التحقيق وجمع الأدلة والشهادات.
ويوجد في مناطق سيطرة المعارضة أجانب أتوا من مختلف دول العالم خاصة في العام 2013 عبر تركيا، واختلفت الأعمال أو النشاطات التي يؤدونها.
وعمل بعضهم في المجال الطبي والإغاثي، كما دخل صحفيون لتغطية تطورات الأحداث.
إلا أن معظمهم جاء للقتال، ونظموا أنفسهم ضمن مجموعات كـ”الحزب الإسلامي التركستاني” و”الأوزبك”، وبعضهم انضم إلى فصائل وتنظيمات أخرى، كـ”هيئة تحرير الشام”، و”حركة أحرار الشام” سابقًا.
لكن “تحرير الشام” في مناطق نفوذها بإدلب وجزء من ريف حلب الغربي تحاول القضاء على أي تنظيم عسكري خلال الفترة الأخيرة، وحصرت جميع الأعمال أو الفصائل ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين”.
وحاربت فصائل أخرى واستطاعت تفتيتها، وهو ما حصل مع غرفة عمليات “فاثبتوا” التي تضم فصائل “جهادية” وعلى رأسها “تنظيم حراس الدين”، فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا.
–