كيف يسهم القانون (31) لعام 2018 بانتهاك الملكية العقارية الوقفية؟

  • 2020/09/03
  • 10:22 ص

أحمد صوان

يُعتبر القانون رقم (31) لعام 2018 الناظم لعمل وزارة الأوقاف جزءًا من منظومة القوانين العقارية التي تستهدف العقارات السورية بكل أشكالها، وتعبث بالاستقرار الذي عرفته سوريا في ظل نظام السجل العقاري قبل أن تتناوله القوانين الجديدة بالعبث والتغيير.

يُعرّف القانون رقم (31) لعام 2018 الأوقاف بأنها “الأموال المنقولة وغير المنقولة المُعدَّة على حكم ملكِ الله تعالى والمخصصة للنفع العام وفق أحكام الشريعة الإسلاميَّة”. 

وتُعتبر العقارات الوقفية ملكية من نوع خاص، فلا هي من أملاك الدولة كي تتصرف الحكومات بها كما تشاء، كما أنها ليست من أملاك الأفراد، رغم أن معظم الأملاك الوقفية هي بالأصل من الأملاك الخاصة للأفراد الذين تنازلوا عنها للأوقاف لتكون ثمارها مخصصة لأعمال البر والخير ومساعدة المحتاجين.

وحددت المادة (57) من القانون ملكيات الأوقاف بأنها “جميع الأموال والعقارات الموقوفة قبل صدور هذا القانون أو التي كانت تُعدُّ وقفًا، والأوقاف الخيرية والأوقاف المنشأة لجهة من جهات الخير المحضة، ومثالها الجوامع والمساجد والتكايا والزوايا ودور التوحيد والمدارس والكتاتيب والمكتبات ودور الشفاء والمقابر والمقامات والمزارات وما شابهها، ويلحق بها جميع العقارات والأموال المنقولة وغير المنقولة الموقوفة على الجهات المذكورة”.

الغاية من القانون

لهذا القانون غايات معلنة هي التحديث وتطوير أداء وزارة الأوقاف، لكن الغايات الحقيقية والأهداف الخفية تختبئ بين السطور، إذ يهدف هذا القانون للسطو على كنوز أموال الأوقاف من خلال خلط هذه الأموال بموازنة الوزارة بأساليب عديدة، وكذلك التحايل على مبدأ حظر بيع العقارات والأموال الوقفية أو التصرف بها، وهو المبدأ المقرر بنص المادة (59) منه.

كيف أتاح القانون لوزارة الأوقاف التلاعب بالعقارات والأموال الوقفية؟

تضمّن هذا القانون ثغرات كثيرة تُتيح للسلطة التنفيذية السطو على الأموال والأملاك الوقفية ومنها:

1- تُتيح المادة (12) من القانون للوزارة خلط موازنتها مع إيرادات العقارات الوقفية، وتسديد بعض الرواتب من إيرادات هذه العقارات من خلال التزام مديريات وشعب الأوقاف بتغطية نفقات وتكاليف إقامة الشعائر الدينية.

2- كما يُتيح القانون التلاعب بالملكيات العقارية للأوقاف، وهدم “مبدأ حظر البيع والتصرف بالأموال الوقفية”، إذ ورد في المادة (52) من القانون: “يُشكَّل في الوزارة مجلس يُسمَّى مجلس الأوقاف المركزي، يتولى ممارسة المهام والصلاحيات الآتية: إقرار عقود المشاركة واستثمار الأوقاف بالطريقة التي يراها مناسبة، والإسهام في عمليات البنوك الإسلامية المعتمدة في الجمهورية العربية السورية وشركات التأمين الإسلامي وغيرها”.

إن هذه الصلاحيات تُتيح لوزارة الأوقاف أساليب عديدة للتصرف بالأموال الوقفية، لأن الإسهام في عمليات البنوك الإسلامية المعتمدة وشركات التأمين الإسلامي تُعتبر عمليات مضاربة، وتوصف عقودها في التشريع الإسلامي بـ”عقود الغرر”، أي الأعمال والعقود التي تدور بين النفع والضرر، وتُعتبر هذه الصلاحيات تحايلًا للتلاعب بهذه الأموال والملكيات العقارية الوقفية، إذ يستطيع مجلس الأوقاف المركزي أن يقدم هذه العقارات كإسهام بالبنوك وشركات التأمين، أو يرهن العقارات الوقفية لهذه البنوك والشركات، ما قد يؤدي في حالات الخسارة إلى بيعها بالمزاد العلني، ونقل ملكيتها للبنوك وشركات التأمين عند الخسارة أو الإفلاس.

3- ومن صلاحيات مجلس الأوقاف المركزي وفق المادة (52)، استبدال عقارات أخرى بالعقارات الوقفية كافة، بما فيها بعض الجوامع والمساجد والمؤسسات الخيرية والمقابر القديمة، وهذه الصلاحيات قد تؤدي للتحايل واستبدال عقارات أخرى زهيدة القيمة بالأملاك العقارية النفيسة والباهظة الأثمان التي تملكها الأوقاف في سوريا، ما يُتيح أبوابًا للسرقة والفساد ونهب ثروات الأوقاف السورية. 

4- تمنح المادة (52) الصلاحيات لمجلس الأوقاف المركزي للبتّ في طلبات اللجوء إلى التحكيم والمصالحة في قضايا الأوقاف والدعاوى القضائية مع الأفراد والجهات الأخرى، إذا كان في ذلك فائدة للأوقاف، وتُتيح هذه الفقرة للمجلس صلاحيات المصالحة في النزاعات والدعاوى القضائية المتعلقة بالعقارات الوقفية، وصلاحيات التنازل عن الدعاوى وعقد الصفقات مع الخصوم، والتفريط بالعقارات المملوكة للأوقاف.

5- منحت المادة (64) وزارة الأوقاف صلاحية استبدال عقار آخر بالعقارات المتجاوز عليها أو أجزائها، وفي حال تعذُّر الاستبدال يجوز الاستبدال بالمبالغ النقدية، وهذه المادة تُبيح بيع العقارات الوقفية، وتهدم “مبدأ حظر البيع والتصرف بالأموال الوقفية”.

مقالات متعلقة

  1. ما الحقوق الواجب تسجيلها في السجل العقاري
  2. قوانين أجازت تملّك الأجانب للعقارات في سوريا.. هذه أبرز مخاطرها
  3. حرائق الغابات وانتهاكات الملكية العقارية الحراجية
  4. "قانون التطوير والاستثمار العقاري".. أداة النظام السوري لمصادرة العقارات وهدمها

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي