الاعتراف أولى الخطوات.. مؤتمر لمكافحة التحرش في أماكن العمل السورية

  • 2020/09/01
  • 6:52 م
لقطة من الفيديو الترويجي لحملة لنكون بأمان (صفحة المبادرة السورية في فيس بوك)

لقطة من الفيديو الترويجي لحملة لنكون بأمان (صفحة المبادرة السورية في فيس بوك)

اُختتمت في مدينة اسطنبول التركية أعمال “المؤتمر السوري التشاوري الأول لمكافحة التحرش في أماكن العمل” أمس، الاثنين 31 من آب، بحضور عدد من المنظمات السورية، تحت شعار “لنكون بأمان”.

ونظم المؤتمر “المبادرة السورية”، وتستضيفه وتدعمه “كلية واشنطن للقانون في الجامعة الأمريكية”.

مؤتمر لمكافحة التحرش.. الاعتراف أولى الخطوات

هدف المؤتمر إلى الاعتراف بوجود حالات تحرش تحدث في مقرّات العمل، وتطوير قوانين المؤسسات للحد منه ومكافحته، لتكون المؤسسات السورية “سباقة لمنعه وألا تنتظر حصوله للتعامل معه”، بحسب مدير “المبادرة السورية”، ضياء الرويشدي.

الرويشدي قال لعنب بلدي، إن المؤتمر هدف أيضًا للعمل على إجراءات الوقاية والمحاسبة الفاعلة للتعامل بشكل واضح مع حالات التحرش.

وأشار الرويشدي إلى أن “المبادرة” تسلّمت عددًا من الشهادات والقصص الخاصة بالتحرش والعنف الجسدي، خاصة بعد انتشار جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، التي نقلت التحرش إلى الفضاء الإلكتروني، وهو ما كشف أن مفهوم التحرش “غير واضح للمؤسسات”.

وبحسب دراسة لمنظمة “Christian Aid” البريطانية، نُشرت في 18 من أيلول 2019، من خلال لقاء 25 مشاركًا من منظمات سورية غير حكومية، لم تتوفر في البيئة القمعية التي أدارها الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، منذ السبعينيات، المقومات اللازمة لنشوء المجتمع المدني التعددي ضمن الدولة، ولا المستقل قبل عام 2011، ورغم وجود 550 منظمة مرخصة عام 2000، لم تقدم الخدمات الاجتماعية للشعب مع إحاطتها بـ”الخطوط الحمراء”.

من جهتها، قالت مديرة برنامج الحماية في منظمة “سيما”، كندة حوراني، التي التقتها عنب بلدي على هامش أعمال المؤتمر، إن هذا الأخير يحمل “أهمية خاصة لأنه أتى بالتزامن مع ظهور حالات تحرش وانتهاكات في مراكز العمل”.

وأشارت حوراني إلى أن المؤتمر سيساعد على تطوير السياسات داخل المنظمات وآليات المساءلة، وخاصة القانونية، التي تحمي الأشخاص داخل مؤسساتهم.

كما أكدت على أن الاعتراف بالمشكلة هو أولى الخطوات نحو حل أي مشكلة، وأضافت، “إذا رفضنا الاعتراف لن نصل إلى حل، وعلينا بناء ثقافة داخل منظماتنا لحل هذه الأمور من جذورها”.

ويتوافق رأي كندة حوراني مع وجهة نظر مديرة الموارد البشرية في منظمة “سوريا للإغاثة والتنمية” (SRD)، مروة أبو الهدى، التي قالت لعنب بلدي، إن أهم ما في المؤتمر أنه “مبادرة سورية، لأننا من نعيش في المشكلة، وإذا رفضنا الاعتراف لن نصل إلى حلول”.

وأضافت أبو الهدى أن المنظمات قادرة على الاستفادة من بعضها وتطوير أنظمتها الداخلية، كما أنه من المفترض أن لا تتوقف عملية التطوير على “الشق النظري فقط”، خاصة أن التحرش يؤثر على عمل المنظمة ككل.

وفي حديث سابق لعنب بلدي، بينت المستشارة في الإرشاد النفسي الدكتورة الأردنية رزان عبيد، أن التحرش بشكل عام مرتبط بظروف بيئية غير سليمة، تكمن بوجود أفكار مضطربة لدى الأفراد، أو بسبب تنشئة بيئية تحتوي على مشاكل أسرية أو اجتماعية، وهذا ما ينطبق على الظروف المرتبطة بالأشخاص العاملين في المؤسسات.

وأضافت الدكتورة عبيد، التي قدمت تدريبات لمؤسسات إعلامية سورية في إدارة الضغوط النفسية، أن سياسات وقوانين المؤسسة نفسها قد تكون من الظروف التي تمهد لوقوع حالات تحرش في مكان العمل، فعدم وجود إجراءات محاسبة أو قوانين رادعة يسهل على المتحرش القيام بفعلته، في بيئة اجتماعية تضطر الضحية إلى السكوت والتنازل، خوفًا من “نظرة العار”.

تشجيع لا إكراه.. ولجان للمراقبة

أشار ضياء الرويشدي إلى أن الهدف من المشاركة في المؤتمر ليس إكراه المؤسسات على التطوير بل التشجيع عليه، وبالتالي “فإن الجانب الطوعي يحوّل المؤسسات من مستجيب إلى فاعل، وهذا ما نريده في المبادرة، ويسهم بتملكها حماسًا أكبر، خاصة أننا لا نمس باستقلاليتها”.

واتفق المشاركون في ختام المؤتمر على تشكيل ثلاث لجان، تتضمن فردًا من كل مؤسسة، وهي لجنة تثقيفية، ولجنة التقرير والإبلاغ، ولجنة المساءلة والمحاسبة، وكل مؤسسة مجبرة على تقديم سياساتها، وفي اللحظة التي ستمتنع ستخرج من مجموعة العمل، وفقًا للرويشدي.

وعرّفت اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن القضاء على العنف والتحرش في العمل لعام 2019 التحرش بأنه: “مجموعة السلوكيات والممارسات غير المقبولة أو التهديدات المرتبطة بها، سواء حدثت مرة واحدة أم تكررت، تهدف أو تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي، وتشمل التحرش على أساس النوع الاجتماعي”.

ومن المقرر أن تنشر “المبادرة السورية”، في كانون الثاني 2021، النتائج التي توصلت إليها المنظمات والمؤسسات الموقّعة على البيان، على أن تنشر أيضًا من لم يلتزم بمخرجات المؤتمر.

البيان الختامي

شارك في المؤتمر، الذي استمر لمدة يومين، منظمة “سوريا للإغاثة والتنمية” (SRD)، ورابطة “الأطباء السوريين المغتربين” (سيما)، ومنظمة “رحمة بلا حدود”، ومنظمة “إحياء الأمل”، ورابطة “المحامين الأحرار”، ومنظمة “نقطة بداية”.

كما كان من ضمن الموقعين على البيان الختامي، والمشاركين في المؤتمر، فريق “ملهم التطوعي”، ومنظمة “مزن للأعمال الإنسانية”، ومنظمة “الخوذ البيضاء للتنمية المستدامة”، ومنظمة “بيتنا سوريا”، بالإضافة إلى إذاعة “نسائم سوريا”.

وتضمّن البيان الذي تلقت عنب بلدي نسخة منه، تبني نهج “عدم التسامح مع شكاوى وحوادث وتقارير التحرش في مرافق العمل، والاعتراف بوجود الانتهاكات ومعالجة أسبابها، بالإضافة إلى نشر الوعي حول مفهوم التحرش وأشكاله المختلفة، ونشر الوعي القانوني”.

كما تعهد الموقّعون بفتح حوار بين إدارة المؤسسات والعاملات والعاملين فيها للوصول إلى فهم مشترك وتعزيز التواصل بين الأفراد، ومراجعة السياسات المؤسساتية الداخلية وتطويرها، وتطوير آليات إبلاغ متنوعة وموثوقة وسرية لتمكين الضحايا وجميع الأشخاص من الإبلاغ عن أي انتهاكات.

مقالات متعلقة

منظمات مجتمع مدني

المزيد من منظمات مجتمع مدني