إثر قصف من حواجز تابعة لقوات النظام السوري على مدينة حلفايا شمال غربي مدينة حماة، نزح “أبو أحمد” مع عائلته من المدينة عام 2013، تاركًا وراءه منزله بما فيه من مفروشات، وأرض زراعية تقدر مساحتها بـ20 دونم، على أمل عودته بعد فترة إلى المدينة والانتفاع من ممتلكاته.
لكن أبو أحمد (تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه لأسباب أمنية) لم يستطع العودة إلى حلفايا، وعلم عن طريق صفحات موالية أن أرضه التي شكلت محاصيلها السنوية مصدر رزق له وللعائلة، سيجري تضمينها لصالح “من هجرهم وقتل أبناءهم”، بحسب ما قال لعنب بلدي.
وعلى الرغم من امتلاكه لسندات ملكية موثقة بالسجل العقاري (الطابو)، يعتقد أبو أحمد أن أصحاب القرارات الصادرة مؤخرًا بحق الأراضي الزراعية العائدة ملكيتها لنازحين عن المدينة لا يعترفون بالقانون ويريدون “الانتقام” منهم بتضمينها لأشخاص آخرين لا يمتلكونها.
لا يحرثها إلا مالكها
وكان رئيس اللجنة العسكرية والأمنية في محافظة حماة، رمضان يوسف الرمضان، أصدر قرارًا في 11 من آب الحالي، بمنع حراثة الأراضي الزراعية لغير المالكين الأساسيين لها أو العمل بها، حتى انتهاء اللجنة المشكلة بالأمر الإداري رقم 3077 بتاريخ 3 من حزيران 2020 من عملها.
وبحسب برقية أرسلها إلى محافظة حماة، صدر القرار “لورود معلومات تفيد بأن بعض المواطنين يضعون يدهم على تلك الأراضي” على مسؤولية رؤساء البلديات وأمناء الفرق الحزبية ورؤساء مكاتب الفلاحين ومدراء النواحي وقادة المفارز الأمنية.
وأنهت اللجنة عملها في مسح الأراضي في 26 من آب، وسيجري الإعلان عن مزاد خلال الأيام المقبلة تحت رعاية فرع حزب “البعث” في حماة وقيادة شعبة الحزب في مدينة محردة شمالي حماة.
وكان رئيس اللجنة العسكرية والأمنية قرر تشكيل لجنة لمسح الأراضي الزراعية العائدة ملكيتها لمواطنين غير مقيمين في مناطق سيطرة النظام السوري والمطلوبين لأجهزة النظام الأمنية، في مدينة حلفايا شمالي غربي مدينة حماة، بحسب ما نشره عضو “لجنة المصالحة الوطنية” في حماة ونائب رئيس مجلس حلفايا المحلي، أيمن كرمو صيادي، عبر صفحته في “فيس بوك” في 23 من آب الحالي.
وتقدم لجنة مسح الأراضي تقريرًا يوميًا لمجلس المدينة والفرق الحزبية في حلفايا عن المواطنين غير الموجودين في مناطق سيطرة النظام السوري، وعن الأشخاص الذين يحرثون أراضيهم ويزرعونها.
وقال صيادي إن حراثة الأرض ممنوعة منعًا باتًا إلا من قبل مالكها، ولا يمكن للابن أو الأخ أو الزوجة زراعة أرض الزوج إلا بعد الحصول على حصر إرث من القضاء المختص.
ودعا الراغبين بضمان الأراضي التي مُسحت من قبل اللجنة، والمقدر سعر الدونم الواحد فيها بـ25 ألف ليرة سورية كحد أدنى لضمان عام واحد، إلى مراجعة مجلس المدينة والفرقة الحزبية لتنظيم قائمة بأسمائهم لشعبة الحزب أصولًا، ليتم المزاد عليها بعد الإعلان عن اليوم والساعة.
مخالف للقانون
يخالف قرار اللجنة العسكرية والأمنية القانون السوري بحسب المحامي ورئيس “تجمع المحامين السوريين”، غزوان قرنفل، لأنه لا يزال يتعاطى مع حزب “البعث” كحزب قائد للدولة والمجتمع، رغم أن المادة الدستورية التي كانت تعطيه تلك الصفة قد أُلغيت ولم يعد لها وجود في دستور عام 2012.
كما يمنع المالك من حقه بالتصرف بما يملك سواء بيعًا أو رهنًا أو إيجارًا أو استثمارًا أو إدارة أو توكيل من يشاء لفعل ذلك، وهذا اعتداء على حق الملكية الذي يُفترض أن الدستور السوري قد أسبغ عليه الحماية، بالإضافة إلى منعه الورثة من إدارة أموال التركة وتقييدها بتنظيم حصر إرث وهو تجاوز على القانون، بحسب ما قال لعنب بلدي.
وأضاف قرنفل أنه لايوجد في القانون السوري مايمنع المالك من توكيل وتفويض من يشاء لإدارة أمواله ومنعه من ذلك لأنه مطلوب أمنيًا، وهذا فيه اعتداء على حقوقه وسطو على ملكيته دون سند قانوني أو أمر قضائي.
الأمر الذي أكده العضو في نقابة “محامي حماة الأحرار” المحامي علي العمرK في حديثه لعنب بلدي، مشيرًا إلى المادة “768” من القانون السوري، والتي تنص على أن لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق إستعماله وإستغلاله والتصرف به.
وحق الاستعمال يشمل استعمال المالك الشيء لكل ما أعد له ويمكن أن يقوم المالك شخصيًا بذلك، أو أن يوكل شخصًا آخر بهذا الحق.
أما حق الاستغلال فهو أن يقوم المالك بالأعمال القانونية والمادية اللازمة في استعمال الشيء للحصول على ثماره ومنتجاته، أو أن يؤجر أو يوكل غيره بذلك.
وحق التصرف هو قدرة المالك على القيام بكافة الأعمال المادية والقانونية علي الشيء، فللمالك حق التصرف على عقاره، وله أن يهبه أو يبيعه أوو يوصي به كما له أن يتنازل عنه أو يوكل غيره بالتصرف به.
وقال المحامي إن حصر الإرث يكون من الورثة وتوزع نسبة الحصص بينهم، الأمر الذي لا يمكن أن يحدث إلا في حال وفاة المالك.
أسهم في إعداد المادة مراسل عنب بلدي في مدينة إدلب إياد عبد الجواد