دوالي الحبل المنوي.. 15% من الرجال يصابون به

  • 2020/08/30
  • 12:54 م
دوالي الحبل المنوي

د. أكرم خولاني

تعد مشكلة دوالي الخصية، أو ما يعرف بدوالي الحبل المنوي، من المشاكل الصحية المعروفة بين الرجال، وتعتبر هذه المشكلة إحدى المشاكل المسببة لضعف الخصوبة وعدم القدرة على الإنجاب، وهي حالة شائعة الحدوث، إذ إنها تصيب ما يقارب 10- 15% من الرجال، وتشاهَد لدى 30- 40% من الرجال المصابين باضطرابات في الخصوبة.

ما هي دوالي الحبل المنوي

الحبل المنوي هو هيكل أنبوبي يشبه الحبل موجود لدى الذكور، يمتد من الحلقة الأربية العميقة في جدار البطن إلى كل خصية عبر ما يسمى بالقناة الأربية، ويحتوي على الأسهر وتراكيب خاصة بالخصية (شرايين وأعصاب وأوعية لمفاوية وأوردة)، ويبلغ القطر الطبيعي للحبل المنوي حوالي 16 ملم (من 11 إلى 22 ملم).

دوالي الحبل المنوي، يشار إليها أيضًا بدوالي الخصية، وهي توسع في الأوردة الخصوية التي من المفترض أن تسحب الدم الفاسد من الخصية نحو الأعلى، والمشكلة هنا لا تنتهي بحدوث التوسع فقط كما في دوالي الساقين، بل في جريان الدم بالاتجاه المعاكس، فبدل أن يسيل الدم من الخصية باتجاه الأعلى فإنه يسيل باتجاه الأسفل نحو الخصية، ما يسبب ركودًا دمويًا كبيرًا في الخصية يؤدي إلى تأثير سلبي فيها حيث تُعطل إحدى أهم آليات المسكن الخصوي الخارجي ألا وهي تنظيم حرارة الخصية، إذ تسبب الدوالي ارتفاع درجة حرارة الخصية بنحو 0.5-1 درجة مئوية.

عادة ما تحدث المشكلة في سن المراهقة، ولكنها قد تحدث في أي سن، وتجدر الإشارة إلى أنه في 90% من الحالات تظهر الدوالي في الجهة اليسرى، وفيما يقارب الـ10% تكون ثنائية الجانب، وفقط في حالات قليلة تظهر في الجهة اليمنى وحدها، ويعود ذلك لأسباب تشريحية، إذ إن وريد الخصية اليسرى موجود بزاوية عمودية أكثر، مقارنة بوريد الخصية اليمنى الذي يوجد في زاوية تسهل عليه عملية نَزْح الدم.

ما أسباب حدوث دوالي الحبل المنوي؟

يحدث توسع أوردة الخصية نتيجة خلل في عمل الصمامات التي تتحكم في تدفق الدم فيها، والسبب غالبًا مجهول، وقد ينتج المرض تشوهًا وعائيًا، لكن قد توجد عوامل مؤهبة لحدوث هذه المشكلة، منها:

  • الشحوم الدموية.
  • التدخين.
  • البدانة.
  • قلة النشاط الفيزيائي.

ما المضاعفات المحتملة للإصابة بدوالي الحبل المنوي؟

في بعض الحالات النادرة وعندما يكون مرض دوالي الحبل المنوي شديدًا، قد تحدث العديد من المضاعفات كضمور الخصية أو العقم:

ضمور الخصية:

إن الجزء الأكبر من الخصية يتكون من سلسلة من الأنابيب التي تنتج الخلايا المنوية، وتتضرر هذه الأنابيب عند تعرض إنتاج الخلايا المنوية للضرر، ما يؤدي إلى انكماش الخصية. كذلك فإن أحد تفسيرات هذه الحالة، هو أن تراكم الدم في الخصية يؤدي لتأثير أكبر للمواد السامة، الأمر الذي يؤدي إلى موت الخلايا.

العقم:

يعد ارتباط دوالي الحبل المنوي بنقص الخصوبة عند الذكور مؤكدًا، لكن الآلية التي تؤثر بواسطتها الدوالي على إنتاج النطاف من الخصيتين لا تزال غير واضحة بدقة، وقد اقترح الباحثون عددًا من التفسيرات لذلك، أرجحها أن الدوالي تسبب ارتفاع درجة حرارة الخصية، ما يؤثر سلبًا على إنتاج النطاف وعلى حركة ووظيفة الحيوانات المنوية، وننبه إلى أن الدوالي في الخصية اليسرى تسبب الضرر لعملية إنتاج الحيوانات المنوية حتى في الخصية اليمنى.

ما أعراض الإصابة؟

قد تبقى لسنوات دون أن يشعر بها المريض ولا تسبب له أي مشكلة، ولكن بالمقابل قد تترافق مع شعور بالثقل قد يحس به الرجل ضمن كيس الصفن، و يظهر هذا الشعور بشكل خاص بنهاية النهار، وخاصة في الأيام والبلاد الحارة.

وقد تتجاوز الحالة مجرد الثقل، فقد تصل إلى درجة الألم في الخصية في بعض الحالات النادرة عند تضخم الأوردة بشكل كبير، وتختلف حدة الألم من شخص لآخر، فعند بعضهم قد يكون الألم خفيفًا، وعند آخرين قد يكون الألم شديدًا، وقد ينتشر الألم إلى الوجه الداخلي للفخذين، كما أن الألم قد يزداد عند بذل مجهود أو عند الوقوف لفترات طويلة وحتى في أثناء النشاط الجنسي، ويخف عند الراحة أو الاستلقاء على الظهر.

كيف تُشخّص الإصابة بدوالي الحبل المنوي؟

كثيرًا ما يتم اكتشاف المرض من خلال الفحوصات البدنية الروتينية أو خلال اختبارات تقييم الخصوبة، ولكن في بعض الحالات يراجع المريض عند الشعور بألم شديد أو عند حدوث تورم في كيس الصفن أو عند ظهور كتلة على كيس الصفن أو عند ملاحظة اختلاف في حجم الخصيتين، وعندها يقوم الطبيب بفحص الخصيتين والمريض مستلقٍ على ظهره، وقد يضطر لإجراء الفحص في أثناء وقوف المريض، وعندها يحس بوجود كتلة لا تسبب الألم عند مسها، وملمسها مشابه لملمس كيس من الديدان.

وفي بعض الحالات قد يقوم الطبيب بتصوير كيس الصفن باستخدام الموجات فوق الصوتية، وبعد تشخيص المرض سيقوم الطبيب بتصنيف مرض دوالي الحبل المنوي بناء على حجم الخصية.

ماذا عن علاج دوالي الحبل المنوي؟

عندما لا يؤثر مرض دوالي الحبل المنوي على الإنجاب، وعندما لا يسبب حدوث أي أعراض، لا يتم علاجه، ولكن عند ظهور أعراض أو عندما يؤثر ذلك المرض على الإنجاب فسيتم علاجه، ويمكن استخدام المسكنات والأدوية المحسنة للعود الوريدي، إلا أن العلاج الأساسي عن طريق الجراحة، وتقتصر استطبابات الجراحة على أربع حالات:

  1. دوالي حبل منوي مع تأثر قيم السائل المنوي (عدد النطاف أو شكلها أو حركتها).
  2. دوالي حبل منوي مع نقص حجم الخصية.
  3. دوالي حبل منوي مع ألم مستمر في الخصية.
  4. أسباب نفسية أو تجميلية.

يمكن إجراء العمل الجراحي لإصلاح دوالي الحبل المنوي وفق عدة طرق: الجراحة المفتوحة والجراحة التنظيرية وتصليب الأوردة، ويبدو أن معدل نجاح هذه الطرق متشابه تقريبًا، لكن معدل الاختلاطات الجراحية مختلف كثيرًا.

الجراحة المفتوحة:

هي أشيَع الطرق الجراحية المتبعة، وتتم تحت التخدير العام أو التخدير الموضعي، ويمكن للمريض العودة إلى ممارسة الأنشطة اليومية بعد يومين من إجراء هذه الجراحة، ولكن يحتاج المريض إلى أسبوعين حتى يتمكن من العودة لممارسة التمارين الرياضية، وأيضًا يفضل تجنب ممارسة الجنس لعدة أشهر بعد الجراحة.

الجراحة التنظيرية:

ويتم هذا الإجراء تحت التخدير العام، لكن نادرًا ما يتم إجراء هذه الجراحة لأنها مقترنة بالتخدير وبمضاعفات أكثر من الجراحة المفتوحة، كتكرر حدوث دوالي الحبل المنوي أو حدوث تراكم للسوائل في الخصيتين أو تلف أحد شرايين الخصية.

العلاج بتصليب الأوردة عبر الجلد:

يتم بإدخال أنبوب من أحد أوردة الفخذ أو من أحد أوردة الرقبة، ومن ثم سيقوم بتمريره إلى أوردة الخصية، ومن ثم سيتم استخدام محلول لعمل ندب على جدران الأوردة المتضخمة وبالتالي تضييقها، ويمكن للمريض العودة إلى ممارسة الأنشطة اليومية بعد يومين من العملية، ولكن يمكنه العودة إلى ممارسة التمارين الرياضية بعد سبعة إلى عشرة أيام من العملية، وتجدر الإشارة إلى أنه نادرًا ما يتم علاجه باستخدام الإصمام عبر الجلد.

بشكل عام تعتبر اختلاطات العلاج الجراحي نادرة، ولكن في بعض الأحيان قد يتكرر نكس دوالي الحبل المنوي بعد العلاج، ويعتمد معدل النكس على التقنية الجراحية المتبعة وخبرة الجراح، لأن أي أوردة جانبية صغيرة تُترك دون ربط قد تكبر مع الزمن وتؤدي إلى نكس دوالي الحبل المنوي.

وعندما يكون سبب علاج الدوالي هو ضعف الخصوبة وعدم القدرة على الإنجاب، يمكن تقييم تحسن قيم السائل المنوي بعد الإصلاح الجراحي للدوالي عن طريق إجراء تحليل سائل منوي بعد العمل الجراحي بثلاثة إلى أربعة أشهر، وذلك لأن الحيوانات المنوية تحتاج إلى ثلاثة أشهر حتى تنمو، وتجدر الإشارة إلى أنه وفي بعض الحالات قد يظهر التحسن في الخصوبة بعد ستة أشهر أو بعد سنة من الجراحة.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية