درعا – حليم محمد
قُتل عشرات الأطفال وجُرح آخرون في درعا، جنوبي سوريا، في أثناء تنفيذ عمليات اغتيال طالت شخصيات عسكرية ومدنية، وزادت وتيرتها بعد سيطرة النظام السوري على المنطقة الجنوبية في تموز 2018.
ورغم أن الأطفال لم يشكلوا الهدف الرئيس لعمليات الاغتيال، لم يمنع وجودهم في مسرح العملية بالمصادفة، أو خلال ركوبهم بسيارات خاصة مدنية، منفذ العملية من تنفيذها.
وتثير هذه العمليات مخاوف أهالي الأطفال في المحافظة، كما أنها تعد انتهاكًا صريحًا لحقوق الطفل.
عمليات اغتيال قُتل نتيجتها أطفال
شهدت درعا محاولات اغتيال متعددة دون أن تتبنى أي جهة مسؤوليتها عنها، في حين تصدر بيانات عن تنظيم “الدولة الإسلامية”، يتبنى من خلالها بعض العمليات التي ينفذها عبر خلاياه النائمة في المحافظة.
ومن أبرز هذه العمليات استهداف، في 24 من آب الحالي، أصاب فريق أطفال نصيب بعد مباراة كرة قدم مع فريق داعل، وأسفر عن مقتل طفلين، وإصابة أربعة آخرين بجروح، في أثناء وجودهم بسيارة القيادي السابق في “الجيش الحر” عماد أبو زريق.
وكذلك انفجرت عبوة ناسفة، في 15 من تموز الماضي، بسيارة القيادي السابق عامر المحاميد، في بلدة أم المياذن، ما أسفر عن مقتل طفلتيه وزوجته.
السيدة أميمة، مدرّسة لغة عربية في درعا، قالت لعنب بلدي إن خوفها على أطفالها يزداد مع كل عملية جديدة، وخاصة عندما يكون تنفيذ العملية بين المدنيين، فمن السهل تجنيب الأطفال الأماكن والعربات العسكرية.
وأفاد مكتب “توثيق الشهداء في درعا” أنه وثق مقتل 12 طفلًا منذ سيطرة النظام السوري على المنطقة الجنوبية في عام 2018، بالإضافة إلى جرح عشرة أطفال آخرين.
في حين وثق مقتل 25 طفلًا في أثناء سيطرة المعارضة على المحافظة بين عامي 2011 و2018، نتيجة عمليات الاغتيال.
ووفقًا لأرقام المكتب، التي أفاد بها عنب بلدي، وصل العدد الكلي للأطفال المستهدفين بمختلف العمليات العسكرية منذ عام 2011 إلى ألف و999 طفلًا.
الاستهداف انتهاك لحقوق الطفل
نصّت القوانين الدولية على حماية الطفل بموجب القانون الدولي الإنساني، ويعتبر استهداف الأطفال انتهاكًا لتلك القوانين، ويندرج تحت جرائم الحرب.
وأكد المحامي سليمان الفرقان، لعنب بلدي، أن العمليات التي يُقتل نتيجتها أطفال هي من أهم الجرائم التي حرمها القانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان، وتشكل انتهاكًا صارخًا لهذه القوانين، خاصة أن القانون الإنساني نص صراحة على حماية المدنيين بشكل عام والأطفال بشكل خاص، وتحييدهم عن جميع أشكال النزاع.
وميّز عضو مكتب “توثيق الشهداء في درعا”، عمر الحريري، بين الجرائم التي تعتبر انتهاكًا للقوانين الدولية، وقال لعنب بلدي، إن بعض حوادث استهداف الأطفال لا تعتبر انتهاكًا من المستهدف، بل تقع المسؤولية على من وضعهم في ظروف خطيرة تهدد حياتهم بشكل مباشر، كوجودهم في مقرات عسكرية أو ركوبهم حافلات عسكرية.
وأشار الحريري إلى أن أغلب حوادث استهداف الأطفال في درعا كانت إما لأطفال وُجدوا بشكل عفوي في مكان الحادث، عندما يكون المكان مدنيًا، وإما كانوا يستقلون سيارات مدنية ولكنها تعود لقياديين عسكريين.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في تقرير صدر في 4 من حزيران الماضي، مقتل 29 ألفًا و296 طفلًا على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا، بين آذار 2011 وحزيران الماضي، كما وثق التقرير وجود أربعة آلاف و816 طفلًا لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.