السعودية والنظام السوري.. علاقة مضطربة حسب السياق

  • 2020/08/23
  • 3:34 م

رئيس النظام السوري بشار الأسد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان (تعديل عنب بلدي)

شهدت العلاقات بين النظام السوري والدول الخليجية توترًا منذ 2011، نتيجة توجه رئيس النظام، بشار الأسد، للحل الأمني في مواجهة المتظاهرين، على الرغم من الدعوات المتكررة من حكام الخليج إلى ضرورة الإصلاحات وعدم تفاقم الوضع.

وكانت المملكة العربية السعودية أولى هذه الدول، التي اتسمت علاقتها مع النظام السوري، منذ وصول الأسد إلى سدة الحكم خلفًا لأبيه حافظ في عام 2000، بـ”المضطربة” مع خلافات واسعة في العديد من قضايا المنطقة، وفي مقدمتها العلاقة مع إيران.

عقدان مضطربان

على مدار عقدين من الزمن شهدت علاقة الأسد الابن مع المملكة السعودية منحى انحداريًا، بدأ الأول بفتور أعقب غزو الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها العراق في 2003، الذي أيدته السعودية، وصولًا إلى تأزم العلاقات بينهما بعد حرب “تموز 2006 “بين إسرائيل و”حزب الله”.

وأطلق الأسد حينها مصطلح “أنصاف المواقف أو أنصاف الرجال”، الذي اعتبرته الرياض حينها موجهًا لحكامها، لتبدأ القطيعة بينهما، قبل عودة المياه إلى مجاريها في زيارات متبادلة لزعماء الدولتين في 2009.

في العقد الثاني، اتسمت علاقة السعودية مع الأسد بسياسة “الكيل بمكيالين”، فمن جهة دعمت الرياض النظام بالمال مع بداية الثورة في 2011 تجنبًا لتفاقم الوضع، وحثت روسيا على التدخل إلى جانب النظام في 2015، بالتزامن مع دعم الفصائل العسكرية بالسلاح والمعارضة السياسية عبر مؤتمرات “الرياض”.

ففي مطلع 2011، ومع ازدياد رقعة الاحتجاجات، حاولت الرياض دفع الأسد إلى اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة، وأرسلت مندوبين اثنين، بحسب ما أكده رئيس الاستخبارات السعودية وأمين عام مجلس أمنها الوطني وسفيرها لدى واشنطن، الأمير بندر بن سلطان، في لقاء مع صحيفة “إندبندنت العربية“، في شباط 2019.

وقال ابن سلطان إن “الملك عبد الله أرسل إلى بشار مندوبًا برسالة مفادها أن عليه اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة لتهدئة الأمور قبل أن تفرط، فوعده بشار بذلك، لكن للأسف استمر بشار في سياسته القمعية”.

وأضاف أن “الملك أرسل مندوبًا للمرة الثانية، حذر بشار من استمرار تدهور الوضع، فكان رده أنه يعي ما يحصل، وسيقوم باتخاذ إجراءات سياسية إصلاحية عاجلة، ولكن هذا يتطلب إصلاحات اقتصادية ورفع مرتبات الجيش”.

وعقب ذلك، أرسلت السعودية مبلغ 200 مليون دولار كمساعدة عاجلة لتهدئة الوضع والتعامل مع الأمور سياسيًا واقتصاديًا، لكن الأسد “أخذ الأموال دون فعل شيء”، بحسب ابن سلطان.

ومع تعنت الأسد، انقلبت السعودية ضده، عبر قطع علاقتها السياسة وسحب سفيرها، في آب 2011، وقال حينها العاهل السعودي، إن “ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية، وليس من الدين ولا من القيم والأخلاق”.

كما بدأت بدعم فصائل المعارضة المسلحة، وخاصة فصيل “جيش الإسلام” في الغوطة الشرقية، بحسب ما أكدته صحيفة “DW” الألمانية في 2018، الأمر الذي نفاه الرئيس السابق للمكتب السياسي في “جيش الإسلام”، محمد علوش.

سياسيًا، دعمت الرياض اجتماعات المعارضة، عبر احتضانها ثلاثة مؤتمرات تحت اسم “الرياض”، في 2015 و2017، وأسهمت في تشكيل “هيئة التفاوض العليا” التي تعتبر، اليوم، أكبر هيئة سياسية معارضة.

التدخل الروسي بدعم سعودي

لكن في المقابل، لعبت السعودية دورًا في تشجيع روسيا على التدخل إلى جانب النظام السوري ودعمه ضد فصائل المعارضة في 2015، بعدما كانت تسيطر على مساحات واسعة، بحسب تقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية.

ووفقًا لدعوى قضائية رفعها رئيس المخابرات السعودي السابق، سعد الجبري، ضد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أوضحت الصحيفة أن ابن سلمان، الذي كان في 2015 وزيرًا للدفاع، أعطى الضوء الأخضر السري لتدخل روسيا في سوريا.

واعتبرت الصحيفة أن دعوة ابن سلمان لروسيا، في حين كان الأسد قد أوشك على السقوط، يعتبر “قنبلة متفجرة”، لأن الرياض كانت تدعم ظاهريًا فصائل المعارضة عبر “غرفة الرياض” بإشراف ولي العهد السعودي السابق، محمد بن نايف، والجبري بدعم من المخابرات المركزية الأمريكية.

وبحسب تقرير صادر عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في 30 من أيلول 2019، فإن روسيا قتلت 6686 مدنيًا من بينهم 1928 طفلًا منذ تدخلها في سوريا، في 30 من أيلول 2015.

كما عملت الرياض، خلال عام 2019، على دعم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في شمال شرقي سوريا، وتجسد ذلك عبر زيارات متكررة لوزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية، ثامر السبهان، منتصف العام نفسه.

والتقى السبهان وجهاء في العشائر العربية والكردية بمحافظة دير الزور شرقي سوريا، بهدف تقديم دعم إضافي لـ “قسد”، بحسب قناة “الجزيرة“.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي