أسطح إدلب ليست حمراء.. “المونة” متوقفة ومحاولات لتأمينها

camera iconسيدة تصنع "دبس البندورة " في بلدة معرة مصرين بريف إدلب - آب 2020 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

يغيب اللون الأحمر عن أسطح المنازل بإدلب شمال غربي سوريا في العام الحالي، بعد أن رافقها لسنوات طويلة في “موسم المونة”، وذلك لأسباب كثيرة أهمها غياب الأمن والاستقرار، وغلاء أسعار المنتجات اللازمة للمؤن، والتي تقتصر على شهري تموز وآب من كل عام.

بعد إصابة زوجها بقصف من الطيران الحربي على بلدة تل منس شرقي مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، منذ أربع سنوات تقريبًا، ومعاناة أسرتها من وضع معيشي “صعب”، بدأت فاطمة المحمد البحث عن مصدر رزق لتعيل أسرتها ضمن منزلها.

اختارت فاطمة العمل في مجال تحضير مؤن الغذاء، حيث تشتري العائلات منتجات ومواد غذائية وتعطيها لفاطمة، لتعمل على تجفيفها وتحضيرها لتُخزن حتى تُستهلك في فصل الشتاء.

ظروف غير مناسبة للعمل

نزوح فاطمة الأخير إلى مخيم “كللي” شمالي مدينة إدلب دفعها مع بناتها إلى ترك العمل، حيث تعيش مع أسرتها في خيمة “على التراب”، وتتطلب مهنة تحضير المؤن مكانًا “نظيفًا”، الشرط غير المتوفر حاليًا، بحسب فاطمة.

فاطمة قالت لعنب بلدي إن عمل تحضير المؤن يتطلب مساحة واسعة، ومن الأفضل أن تُحضر في بيت عربي يتعرض لأشعة شمس وافرة، وهذا غير متوفر بعد النزوح، وخصوصًا إن كانت تقيم السيدة العاملة في هذا المجال في خيمة أو في شقة داخل بناء في المدينة.

غلاء يبعد المواطنين عن إعداد “المونة”

دفع النزوح والظروف المعيشية وضعف القدرة المادية مواطنين من إدلب إلى التخلي عن عادة تحضير “المونة الموسمية”، واستبدال شراء المنتجات الجاهزة من المحلات التجارية بها.

هيام الخلف، وهي نازحة من بلدة بسقلا بريف إدلب الجنوبي إلى مدينة إدلب، قالت لعنب بلدي إنها بدأت تعتمد على شراء المعلبات أو المؤن الجاهزة من المحلات التجارية وبكميات قليلة، وذلك لأن تحضير “المونة” يتطلب الآن أكثر من 300 دولار أمريكي أو ما يعادلها بالليرة التركية لعائلة متوسطة لا يزيد عدد أفرادها على خمسة أشخاص.

وأضافت متسائلة، “كيف الحال إن كان عدد أفراد العائلة أكثر، سيكون التحضير شبه مستحيل”، وخاصة للعائلة النازحة في ظل ارتفاع أسعار إيجارات المنازل والمتطلبات اليومية الأخرى.

من جهته، قال نوري الشايب، وهو صاحب محل لبيع المؤن في مدينة إدلب، لعنب بلدي، إن أغلب من يشتري المؤن بعد ارتفاع أسعار المواد لأربعة أضعاف هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية، هن النساء اللواتي يملكن وظيفة خارج المنزل بالإضافة إلى العائلات “الميسورة”.

وأشار نوري إلى أن أكثر الناس، بسبب غلاء المعيشة وعدم استقرار الوضع الأمني، يشترون احتياجات المنزل اليومية “كل يوم بيومه”، بحسب تعبيره.

“بيت المونة”

في حين تتخلى سيدات عن عملهن في إعداد المؤن الغذائية، ويمتنع مواطنون عن شرائها لغلاء أسعارها، تنطلق مبادرات لتوفير فرص عمل في إعداد المواد الغذائية، ولتأمين مؤن بجهود نسائية.

وانطلق مشروع “بيت المونة” منذ أكثر من عام، وهو مشروع غذائي تمويني يجمع عددًا من النساء في منزل، لـ“التكاتف” وتقديم أفضل ما لديهن من جودة في إنتاج وتوفير ما تحتاجه ربة المنزل من مؤن، بناء على المواسم المختلفة لإعدادها، بحسب مديرة “جمعية حناء لتنمية المرأة والطفولة” في مدينة بنش، كوثر علي باشا.

في حديث لعنب بلدي، قالت كوثر إن المشروع يهدف إلى تغيير واقع المرأة المتضررة في ظل الحرب، ودعم إمكانياتها وتقوية شخصيتها في الحياة العملية بشكل أفضل.

بالإضافة إلى تنمية دورها في مختلف مجالات الحياة، وتوفير متطلبات المؤن الغذائية بجودة عالية في منازل المدينة، ومنح فرص عمل أكثر للنساء اللواتي بحاجة إلى إعالة أنفسهن وعوائلهن، إذ إن هناك عشر سيدات عاملات ضمن المشروع.

ويختلف الإنتاج من عام لآخر بناء على الأوضاع الأمنية والاقتصادية “السيئة”، ما سبب غلاء المواد الأولية المستخدمة في المشروع وارتفاع التكاليف، الأمر الذي انعكس على ارتفاع أسعار المنتجات في “بيت المونة”، ولا سيما في العام الحالي.

وأضافت كوثر أن إدارة المشروع تبذل قصارى جهدها لتكون الأسعار مناسبة للزبائن، وتعمل في كل عام على توفير كميات مختلفة وكبيرة من منتجات “بيت المونة” وتسويقها، الأمر الذي يزيد القائمين على المشروع تحفيزًا للاستمرار والتقدم فيه بشكل أكبر وأوسع.

وتتنوع منتجات المشروع بين دبس البندورة والفليفلة والمكدوس والمخللات بأنواعها، إضافة إلى القديد والمجففات كالباذنجان والكوسا والقرع والزبيب والمشمش والتين اليابسين ومنتجات الألبان كالجبنة والدوبيركة، والملوخية وورق العنب والبازلاء والفول الأخضر، مع المربيات بأنواعها كالمشمش والوشنا والتين والقرع.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة