سياسة ناعمة تقابلها عصا غليظة.. ما دوافع التمسك الأوروبي بإيران أمام ترامب؟

  • 2020/08/29
  • 8:23 م

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

خسرت الولايات المتحدة الأمريكية أمام إيران حربًا دبلوماسية في مجلس الأمن الدولي، من خلال رفض المجلس، في 14 من آب الماضي، مشروعًا أمريكيًا لتمديد اتفاقية حظر الأسلحة على إيران.

وشهدت الجلسة عزلة سياسية أمريكية، من خلال الاعتراض على التصويت، الذي أجراه مجلس الأمن الدولي على تمديد حظر السلاح، المقرر أن ينتهي في تشرين الأول المقبل، بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والدول الكبرى.

وفي تأكيد على اتساع نطاق المعارضة للاقتراح الأمريكي، صوتت جمهورية الدومينيكان فقط مع الولايات المتحدة لتمديد الحظر، وصوتت روسيا والصين ضده، بينما امتنع 11 عضوًا عن التصويت، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهي الدول الأوروبية التي ساعدت في التفاوض على اتفاق 2015 وعانت من أجل إنقاذه.

واعتبر المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية إلى إيران، برايان هوك، أن “السماح بانتهاء حظر الأسلحة كان بمثابة عيب كبير في الاتفاق النووي الإيراني”.

وتعيش واشنطن عزلة داخل مجلس الأمن فيما يتعلق بإيران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في أيار 2018.

وينتهي حظر الأسلحة المفروض على إيران منذ 13 عامًا، في تشرين الأول المقبل، بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بين إيران وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والذي يمنع طهران من تطوير أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات.

وكانت دول بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد عملت في محاولة سابقة للتوسط في تسوية مع روسيا والصين بشأن الاقتراح الأمريكي لتمديد حظر السلاح على إيران، لكنها لم تفلح، وذلك قبل أن يجري التصويت في مجلس الأمن.

ورحبت طهران، السبت الماضي، برفض مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الأمريكي.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي، في تغريدة عبر “تويتر”، إن الولايات المتحدة “لم تشهد عزلة كما هي عليه الآن منذ 75 عاما من تاريخ الأمم المتحدة”.

ورفضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في بيان مشترك، تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتفعيل آلية “سناب باك”، والتي تقضي بعقوبات على إيران، بعد رفض مجلس الأمن للمشروع الأمريكي الذي يقضي بحظر السلاح على طهران.

دوافع محتملة

أثار امتناع الدول الأوروبية عن التصويت لصالح القرار تساؤلات حول دوافع التمسك الأوروبي بطهران.

وكان وزير خارجية فرنسا لنظيره الإيراني تمسك الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي بتعهداتها الواردة في الاتفاق.

محلل الشؤون الإيرانية علاء السعيد أشار، في حديث لعنب بلدي، إلى أن المصالح الأوروبية تتفق في العموم مع المصالح الأمريكية وليس هناك تعارض عميق بينهما بما يتعلق بإيران، لكن يختلف الطرفان بالتفاصيل إذ يريد كل طرف استفادة اقتصادية أكبر في منطقة الشرق المتوسط.

وقال السعيد إن أوروبا تريد توزانًا سياسيًا في المنطقة للحفاظ على مصالحها فيها، ولذلك تسعى إلى تخفيف الضغط الأمريكي على طهران، لأن أوروبا لا تريد سيطرة اقتصادية مطلقة لواشنطن في الشرق الأوسط، ولاسيما أن منطقة اليورو تعاني مشاكل اقتصادية.

التمسك الأوروبي بإيران يقابله مطالبات من الجانب الأوروبي لطهران بتغيير سلوكها في الشرق الأوسط.

هذا التمسك عبر عنه وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، إذ أعرب عن تأييده لإجراء محادثات مع إيران بشأن برنامجها الصاروخي وتعديل سلوكها الإقليمي.

ومن أبرز تلك التصرفات التي تحدث عنها الوزير الألماني تصرفات إيران في سوريا والعراق ولبنان، وقال، “نحن لسنا ساذجين بشأن إيران ونعرف أنها تلعب دورًا خطيرًا في المنطقة”، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

https://www.enabbaladi.net/archives/409236

من جابنه، يرى الباحث بالشأن الإيراني حسن راضي، أن الدول الأوروبية خالفت الولايات المتحدة بسياساتها تجاه إيران عدة مرات لأنها لا تريد انهيار النظام الاقتصادي الذي قد يؤدي إلى سقوط النظام السياسي، وذلك ليس حبًا بإيران ىل خوفًا من أن تؤدي العقوبات القاسية إلى انهيار الاتفاق النووي الذي تراه أوروبا السبيل الوحيد لمنع إيران من الوصول إلى السلاح النووي.

وأضاف راضي لعنب بلدي أن سياسية الدول الأوروبية مع إيران هي إمساك العصى من الوسط مقابل سياسية العصى الغليظة من واشنطن، وتجلى ذلك باغتيال قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني” قاسم سليماني، وقصف قوات مدعومة من إيران في العراق.

وعن سبب الغلظة الأمريكية يقول راضي، إن واشنطن تريد من إخضاع طهران للشروط الأمريكية، ومنها توقيع اتفاق شام  جديد، يشمل الاتفاق النووي والصواريخ البالستية والتمدد الإيراني في المنطقة.

أما حلول أوروبا وإيران فتكمن بالرهان على خسارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ولايته الثانية، وهو ما استبعده راضي.

ويرى الباحث في الشأن الإيراني أن السياسة الناعمة التي تتبعها الدول الأوروبية غير ناجحة مع إيران، لأنها انتهكت الاتفاق عدة مرات وجندت شبكات تجسس في أوروبا، وعلى العكس فالسياسية الأمريكية الغليظة مكنت الدول الأوروبية من انتزاع بعض الامتيازات من إيران منها قبول تفتيش موقعين، كانت ترفض إيران دخول مفتشي الوكالة إليهما.

ويزور مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، طهران شخصيًا في ظل التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين حول محاولة واشنطن تمديد حظر السلاح المفروض على إيران وتفعيل “سناب بك”.

ومن المقرر أن يجتمع ممثلون من أوروبا، مع روسيا والصين وإيران، في العاصمة النمساوية الأربعاء المقبل، لبحث مسار الاتفاق النووي.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي