وزير الصحة لعنب بلدي: أطراف دولية تمنع قيام أي سلطة صحية في سوريا

  • 2015/08/09
  • 3:17 ص

يواجه القطاع الصحي في سوريا تحديات كبيرة في ظل استمرار الحرب الدائرة منذ أكثر من أربعة أعوام، وتحاول وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة توفير أرضية مؤسساتية طبية للسوريين في المناطق الخاضعة للمعارضة شمال وجنوب البلاد.

عنب بلدي التقت الدكتور محمد وجيه جمعة، وزير الصحة في الحكومة المؤقتة، في مكتبه في مبنى الوزارة بمدينة غازي عنتاب التركية، الجمعة 31 تموز، وأطلعها على الواقع الطبي “المعقد” والتحديات التي تواجه الوزارة

 حاوره: عبادة كوجان

واعتبر الوزير أن سوريا وصلت إلى وضع تتشابك فيه مجموعة من العوامل لتخلق وضعًا صحيًا فريدًا من نوعه، “عندما نتحدث عن الحالة الصحية فنحن نتكلم عن براميل لازالت تسقط وقذائف وصواريخ وسلاح كيماوي، بالإضافة إلى إهمالٍ بيئيٍ مؤهلٍ لكثير من الأمراض، ووضع نفسي له تأثير على الحالة المناعية للإنسان”.

وضعٌ طبيٌ معقد

وتابع وزير الصحة تفنيده للواقع الصحي “تفاجأ العالم بكيفية ظهور حالات جديدة لشلل الأطفال في سوريا، رغم أن أطفالنا حرموا من اللقاح”، منوهًا إلى أن “البرنامج الوطني للقاح متوقف في المناطق المحررة، بالإضافة إلى الحالة التغذوية المتفاقمة للمواطن السوري”.

وأشار إلى أن “هذه العوامل تلعب دورًا في الكثير من الحالات المرضية التي يصعب تطويقها والتعامل معها، وتجعلنا نتحدث عن حالةٍ ووضعٍ عام معقدٍ وصعبٍ جدًا… أكبر الدول التي تمتلك منظومة صحية مستقرة قديمة وذات خبرة وتمويل كاف تعجز أمام هكذا تعقيد من حالة صحية”.

في ظل نقص الدعم.. وزارة الصحة لا تقدم بل توفر

وحول ما قدمته وزارة الصحة منذ تعيينه قبل 8 أشهر، قال جمعة “بالدرجة الأولى يجب أن نحدد ما يمكن أن نقدمه وما يمكن أن نعمل من أجله… وجدنا أننا يجب استبدال كلمة (تقدّم) فوزارة الصحة لا تملك أي موارد وبالتالي هي لا يمكن أن تقدم، فأعدنا تعريف ذاتنا واستبدلناها بكلمة (توفر)، أي تتعامل مع كل المنظمات الدولية الصحية وكل الأطراف وكل ماهو موجود على الأرض لتتوفر خدمة صحية للإنسان السوري أينما وجد”.

وأوضح جمعة أن هناك أطرافًا، لم يسمها، تمنع الوصول إلى سلطة صحية في سوريا “تسعى إلى التعامل المباشر من خلال نفوذ بعض المنظمات التي تقوم بأدوار فردية مناطقية ما يمنع تشكيل سياسة عامة تضع أولويات وتخلق سلطات صحية، وهذه إحدى أكبر أوجه مشاكلنا”.

لكن وزير الصحة أبدى تفاؤلًا بعمل وزارته فهي “تعمل في الداخل السوري من خلال مديريات في عدة محافظات سورية ولها هيكليتها، ومع اكتساب الخبرة أصبحت هي المحور الأساسي الصحي في المناطق”، منوهًا إلى الدور الكبير للمنظمات الطبية التي تقدّم خدماتها للسوريين في الداخل.

وأشار الوزير إلى أن الحكومة المؤقتة ووزاراتها لم تتلق التمويل لكي تقوم بدورها الحقيقي، لكنه أكد في الوقت ذاته أن “عدم وجود الدعم المالي لم يكن حائلًا بيننا وبين الكثير من الأدوار التي استطعنا تنفيذها من خلال تعاوننا مع مديرياتنا ومن خلال إيمان الناس في الداخل أنهم بحاجة إلى طرف مؤسساتي يجمع المشاريع ويؤطرها لكي يقدم خدمة أفضل”.

المنظمات الطبية وعلاقتها بوزارة الصحة

واعتبر الوزير أن “كل من لا يريد التعامل معنا يتذرع بأن الحكومة معترفٌ بها سياسيًا لكن لا يوجد اعتراف قانوني، وبالتالي لا يبنون علاقة مباشرة معنا.. هناك تراتبية قانونية تبدأ من الأمم المتحدة وصولًا إلى الكثير من القضايا القانونية تعيق بعض الأطراف التي تريد أن تبني علاقة مع الحكومة المؤقتة”.

ولا زالت الكثير من المنظمات الدولية تتعامل مع النظام وتدفع له الكثير من المساعدات، والجزء الأكبر مما يخصص للشعب السوري يذهب له، وفق الوزير، الذي اعتبر أن النظام “يدفع بها إلى أعوانه وقتلته ويقدّم تقارير أنه يوصلها إلى كل الشعب السوري، وقد ادعى سابقًا أنه يقدم اللقاح في كل المناطق السورية، قبل أن تظهر حالات شلل الأطفال في بعض المناطق وتكتشف المنظمات لاحقًا أنه لم يقدمها”.

“كل ما يتبع لمنظمة الصحة العالمية وكل التفريعات التابعة لها تعمل مع المنظمات المحلية والدولية ولا تتعامل معنا بشكل مباشر إلا في موضوع اللقاح، لأنه سيادي شامل ولأنهم بحاجة إلى من يقوم بهذا التنظيم والترتيب وما يحمله الملف من مسؤولية، والطرف الوحيد القادر هو هيكلية وزارية حكومية”.

وأضاف جمعة “ما نتمناه في وزارة الصحة أن ننسق وننظم أدوار المنظمات ونتفادى التكرار والتوزيع العامودي وننتقل إلى التوزيع الأفقي وتقديم الخدمة القريبة والمباشرة للمواطن، وألا تكون بعض المرافق مشبعةً وأخرى محرومة”.

مديريات الصحة ومشاريع الوزارة

تتوزع مديريات الصحة الحرة في محافظات حلب وإدلب واللاذقية وحماة وحمص ودرعا والقنيطرة وتمارس الوزارة الرقابة عليها، “نحن على تواصل دائم معهم، ومعلوماتنا الطبية نحصل عليها من خلالهم”، وأضاف الدكتور “ندعم الكوادر الإدارية والتشغيلية للمديريات.. انطلقنا بعدد إجمالي 186 موظفًا وندعمهم بالرواتب فقط، أما المستلزمات الطبية فتقدمها المنظمات”.

وتعمل الوزارة على تفعيل الرقابة الدوائية في سوريا، عبر فريق مكون من 8 أشخاص استضافته وزارة الصحة التركية في أنقرة مؤخرًا، وأجرى تدريبًا عمليًا على الرقابة الدوائية بطلب من الوزارة.

وكانت المناطق المحررة شهدت، في أيلول 2014، مقتل 15 طفلًا في معرة النعمان بريف إدلب بسبب خطأ فني في لقاحات الحصبة، وتطورت القضية إلى مطالب بإقالة الوزير السابق ومحاسبة المسؤولين.

ولتعزيز المناطق المحررة بأطباء مختصين، كشف جمعة أن الوزارة استصدرت من رئاسة مجلس الوزراء قرارًا بإحداث الهيئة السورية للاختصاصات الطبية، لتساعد الأطباء السوريين الذين تخرجوا من كليات الطب ولم يتمكنوا من متابعة تخصصاتهم في التقدم لإجراء امتحانات تتيح لهم الحصول على شهادات في التخصصات المطلوبة.

وأضاف “حاليًا انتهينا من الهيكليات ووصلنا إلى موضوع تشكيل اللجان، وعن قريب ستتقدم الدفعات الأولى من الأطباء للامتحان وحصولهم على الشهادة المطلوبة”.

وعن الهيكلية وشفافية التوظيف في الوزارة

بداية العام أنجزت الحكومة المؤقتة النظام الأساسي للعاملين فيها، وفق ما نقله الوزير “منذ 6 أشهر ونحن نخفض عدد الموظفين في الوزارة، ولو قررنا توظيف أحد فلدينا كل اللوائح اللازمة للآلية التي سيتم من خلالها التوظيف مع سلّم رواتب للداخل والخارج يشمل التعويض العائلي وباقي التفاصيل، لكن يؤسفنا أننا لا نملك إمكانية للتوظيف الآن”.

“رواتب العاملين في وزارة الصحة تأتي عن طريق الحكومة المؤقتة من دولة قطر الشقيقة، وهي الطرف الوحيد الذي يدعم الحكومة من خلال الرواتب والمصاريف التشغيلية”.

واعتبر أن “الشفافية” تميز وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة “كثيرون يعملون دون لوائح مالية، بينما نعمل من خلال لوائح مالية واضحة المعالم تبين كل نقطة مالية ومسارها الواضح، ولدينا لجنة مشتريات ومتابعة لها، ويوجد آليات ضابطة وأمثلة حقيقية تبين هذه الأمور”.

وتساءل جمعة: كيف لنا أن نتورط بفساد ونحن منذ أكثر من 8 أشهر لم نقم بأي عملية شراء، ولم نوظف أحد بل نسرح، ولم تتوفر أي إمكانية نختبر بها شفافية نظامنا المالي؟”، مردفًا “استطعنا أن نوجد منظومة عمل تفوق من حولنا في إمكانية إثبات الشفافية، وهي نقاط قوة وليست ضعف، هناك أناس تهوى الهجوم على الحكومة المؤقتة دون أن تمتلك أي معطيات”.

وعن أدائه منذ توليه الوزارة، قال الدكتور جمعة “استطعنا في وزارة الصحة أن ننتج من المدخلات المتواضعة الكثير… راضون عن أدائنا حتى الآن، فقد تم تجريدنا بأقصى ما يمكن ولكن بقينا نلعب دورًا محوريًا بطرح كثيرٍ من القضايا التي أدت إلى نتائج معقولة”.

محمد وجيه جمعة

طبيب أخصائي جراحة عامة من محافظة حلب، عمل في المشافي الحكومية منذ عام 1990، وعين مديرًا للمشفى الوطني في منبج عام 1995، ومن ثم رئيسًا لقسم الجراحة العامة في مشفى الرازي، ليصبح في عام 2010 نقيبًا لأطباء حلب قبل انشقاقه في آب 2012.

يشغل محمد وجيه جمعة منصب وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة منذ كانون الأول عام 2014، خلفًا للدكتور عدنان الحزوري.

 

المقابلة كاملة:

مقالات متعلقة

لقاءات

المزيد من لقاءات