ما هي التجارب السريرية التي تحكم فعالية اللقاحات؟
لا يمكن تقديم أي دواء أو لقاح جديد على البشر بمجرد التوصل إليه، إذ يحتاج دومًا إلى التجربة السريرية لمعرفة مدى فاعلية وسلامة العلاج، وهذا ما أثار شكوك حول اللقاح الروسي للمصابين بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19) الذي يسببه فيروس “كورونا المستجد” واتهامات بعدم إكماله مراحل التجارب السريرية.
وفي هذه الأيام ينتظر الجميع دواء أو لقاح سحري ضد فيروس “كورونا”.
فما هي التجارب السريرية التي نسمع عنها كثيرًا وتحدد فاعلية اللقاحات والأدوية قبل استعمالها؟
تعريف
التجربة السريرية أو التجربة العيادية (Clinical Trials) هي أي دراسة بحثية توزع المشاركين أو المجموعات البشرية على دواء أو لقاح متعلقة بالصحة لتقييم التأثيرات على النتائج الصحية.
وتدرس هذه الأبحاث التي تجري على متطوعين، إن كان استخدام علاج جديد ما آمن وفعال، وقد تختبر التجارب السريرية طرقًا جديدة لإيجاد أو منع مرض ما.
وهي أفضل طريقة معتمدة لاختبار طرق جديدة لتشخيص الأمراض أو علاجها أو الوقاية منها.
وقد يطلق على التجارب السريرية أيضًا تعبير تجارب التدخلات، وتشمل التدخلات بجانب أمور أخرى مثل الأدوية، والخلايا والمنتجات البيولوجية الأخرى، والإجراءات الجراحية، والشعاعية، والأجهزة، والمعالجات السلوكية، وتغيرات طريقة الرعاية، والرعاية الوقائية وغيرها.
أربع مراحل
تمر التجارب السريرية بعدة مراحل قبل اعتماد دواء أو لقاح ما وهي:
المرحلة صفر
تتميز هذه المرحلة بأن عدد المشاركين فيها قليل (أقل من 15 متطوعًا)، يستخدم الخبراء جرعة صغيرة جدًا من الأدوية للتحقق من أنها ليست ضارة للبشر، قبل بدء استخدامها بجرعات أعلى في مراحل متقدمة.
أما إذا كان تأثير الدواء خلاف المتوقع، يجري الباحثون المزيد من الأبحاث الأولية قبل اتخاذ قرار بشأن مواصلة التجربة.
المرحلة الأولى
أطول من المرحلة الأولى ويشارك فيها بين 20 و80 متطوعًا لا يعانون أي أمراض، وهدف المرحلة معرفة أقصى جرعة يستطيع الإنسان تناولها من دون آثار جانبية خطيرة.
ويراقب خلالها الباحثون كيف تفاعل أجسام المشاركين مع الدواء، وتوفر هذه المرحلة معلومات مبدئية عن الجرعات.
ويحاول الباحثون من خلالها أيضًا معرفة أفضل طريق لأخذ العلاج سواء عن طريق الفم أو الحقن أو غيرها.
وتقول إدارة “الدواء والغذاء الأمريكية” إن نحو 70% من الأدوية تنتقل من هذه المرحلة إلى المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية
يشارك فيها مئات المتطوعين المصابين بالمرض الذي ينتظر من الدواء الجديد معالجته، بإعطاء جرعة أثبتت أنها آمنة في المرحلة الأولى من التجارب.
تستغرق هذه العملية من عدة أشهر إلى سنوات ربما بحسب الدواء والمرض، ويراقب فيها الباحثون المشاركين لمعرفة مدى فعالية الدواء وملاحظة أي آثار جانبية قد تحدث معهم.
نحو 33% فقط من الأدوية الموثوقة تنتقل في هذه المرحلة إلى المرحلة الثالثة.
المرحلة الثالثة
يشارك فيها غالبًا نحو ثلاثة آلاف متطوع مصاب بالمرض، تستمر لسنوات أحيانًا لتقييم عمل الدواء، وهدف الباحثين فيها إثبات فعالية الدواء وسلامته.
وتشترط “إدارة الغذاء والدواء الأمريكية” في معظم الحالات، مرور الدواء بالمرحلة الثالثة قبل الموافقة عليه، نظرًا للعدد الكبير من المشاركين ومدة التجارب الطويلة، فقد تظهر خلالها الآثار الجانبية نادرة الحدوث وطويلة المدى بسبب الدواء.
وتصادق إدارة الغذاء على ما يقدر بين 20 و30% من الأدوية التي تصبح جاهزة للاستعمال البشري.
المرحلة الرابعة
تجرى بعد الموافقة على العقار، وتهدف إلى مقارنته مع أدوية أخرى موجودة بالفعل في السوق، ومراقبة فعاليته على المدى الطويل وتأثيره على نوعية حياة المريض.
وتختلف مدة جميع المراحل بحسب الدواء أو اللقاح المختبر باستثناءات ولا سيما في حال وجود جائحة أو وباء.
تجارب لقاحات “كورونا”
تعمل عدة دول على اختبار عشرات اللقاحات والأدوية متعلقة بـ”كورونا المستجد”، لكن اللقاح الذي أعلنت عنه روسيا الأكثر إثارة للجدل.
بحسب موقع اللقاح الروسي “سبوتنيك V” فإن اللقاح تجاوز جميع التجارب ما قبل السريرية من حيث الفعالية والسلامة، وشمل ذلك تجارب على أنواع مختلفة من الحيوانات المخبرية.
كما تجاوز المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية، في أول آب الحالي، دون تسجيل آثار خطيرة، كما لم يصب أي مشارك بفيروس “كورونا” بسبب اللقاح.
أما المرحلة الثالثة من اللقاح بدأت في منتصف آب الحالي، بمشاركة متطوعين من عدة دول بينها دول عربية.
وتؤكد وزارة الصحة الروسية أن لقاحها يسمح “بتكوين مناعة طويلة” الأمد، مقدرة أن تستمر الاستجابة المناعية مدة “عامين”.
وتعرض اللقاح لانتقادات وتشكيك بأنه انتهك البرتوكولات المتبعة بهدف تسريع الآلية العملية، ولا سيما أنه لم يتجاوز المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.
وبحسب “منظمة الصحة العالمية” هناك تجارب سريرية جارية تتضمن أدوية غربية وتقليدية معًا، وتتولى المنظمة تنسيق الجهود الرامية إلى تطوير لقاحات وأدوية للوقاية من مرض “كوفيد-19” وعلاجه.
وتغطي مبادرة دولية تشرف عليها “الصحة العالمية”، وتعرف بـ”كوفاكس”، 172 دولة لدعم تسعة لقاحات مرشحة لـ “كوفيد-19”. وتستهدف تأمين الإمدادات وتسليم ملياري جرعة للدول الموقعة بنهاية عام 2021.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :