تتسارع الأحداث العسكرية في إدلب وريفها بالشمال السوري، خلال الأيام الماضية، ما ينبئ بتصعيد مقبل وخاصة في منطقة جبل الزاوية، رغم خضوع المنطقة إلى اتفاق تركي- روسي في آذار الماضي، والتي تنص على وقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي حلب- اللاذقية (M4).
ويلف الغموض مصير المنطقة، الواقعة جنوب “M4″، خاصة وأن ملامح معركة مقبلة بدأت تتشكيل، نتيجة زيادة الخروقات من قبل قوات النظام والطيران الروسي، خلال الأيام الماضية.
لكن في المقابل تبقى اتصالات مسؤولي تركيا وروسيا، وتأكيد زعماء الدولتين على الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، موضع ترقب، لأنها قد تحول دون تصعيد مقبل في المنطقة، ولجم روسيا لقوات النظام والميليشيات الإيرانية.
استهداف الدوريات وتصعيد روسي
على مدى الأسابيع الماضية، شهدت إدلب هدوءًا تخلله خروقات من قبل قوات النظام بقصفها بالمدفعية الثقيلة على مدن وبلدات جبل الزاوية، وسط تصريحات سياسية متكررة بالتأكيد على الهدوء وتحذير من اختراق الاتفاق وخاصة من قبل تركيا.
لكن استهداف الدورية المشتركة على “M4″، في 14 من تموز الماضي، بسيارة مفخخة وإصابة ثلاثة جنود روس بجروح طفيفة، وأفراد طاقم السيارة المدرّعة التركية، حسب المركز الروسي للمصالحة، أدى إلى خلط الأوراق مجددًا.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية ما أسمتها “جماعات إرهابية” بالمسؤولية عن التفجير، في حين تبناه فصيل مجهول يطلق على نفسه “كتائب خطاب الشيشاني”، يظهر لأول مرة في إدلب.
وأعقب ذلك إيقاف الدوريات المشتركة، قبل إعادة تسييرها، ليتم استهدافها مرة أخرى، الاثنين الماضي، بقذيفة “آر بي جي”، وتتبنى كتائب “خطاب الشيشاني” للمرة الثانية الاستهداف.
ورافق ذلك تصعيد روسي على مدن وبلدات جبل الزاوية بريف إدلب، إذ تعرض محيط بلدة حربنوش والمرتفعات المحيطة بمنطقة الشيخ بحر في شمال غربي إدلب، أمس، لأكثر من عشر غارات جوية روسية.
وسبق الغارات الجوية سقوط صاروخ أرض- أرض في ذات المنطقة، التي استهدفها سرب من طائرات روسية، تناوبت على قصف المنطقة، إذ بقي يحلّق في الأجواء أكثر من 50 دقيقة، بحسب مرصد عسكري نقل عنه المراسل.
وذكر “الدفاع المدني”، عبر صفحته الرسمية في “فيس بوك”، أن محيط المنطقة التي تعرضت للقصف تضم العديد من المخيمات، منها مخيم “السلام” و”العمران”.
وأفاد مراسل عنب بلدي أن صاروخ أرض- أرض سقط، اليوم الأربعاء 19 من آب، مصدره البوارج الروسية على محيط بلدة كوكنايا شمالي إدلب.
وفي المقابل تعمل الفصائل العسكرية على تجهيز مقاتليها من خلال دورات تدريب عسكرية، إلى جانب ردها على خروقات النظام، وتصديها لمحاولات تقدمها على خطوط القتال.
أعين النظام وإيران على إدلب
التصعيد العسكري رافقته تصريحات سياسية وتلميحات بإمكانية فتح معركة إدلب، من قبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى جانب تصريحات إيرانية.
وتحدث الأسد، خلال كلمة له أمام أعضاء مجلس الشعب في “القصر الجمهوري”، الأسبوع الماضي ، عن إصراره على “تحرير ما تبقى من الأراضي لصيانة وحدة أرضنا وحماية شعبنا”، بحسب تعبيره.
وأشار بشكل ضمني إلى معركة إدلب، التي يجري الحديث عنها منذ أيام بسبب زيادة الخروقات من النظام المدعوم روسيًا، واستمراره بالحشود العسكرية، مقابل تجهيزات عسكرية للفصائل العسكرية.
وقال الأسد إن “التوقيت (للمعركة) تحدده جاهزية قواتنا المسلحة لخوض المعارك المخططة”.
وأوصل الأسد بشكل غير مباشر رسالة إلى الجنود الأتراك الموجودين في إدلب وريفها، باعتبارهم “محتلين”.
وأضاف، “عندما نخوضها (المعركة) لا فرق عندنا بين إرهابي محلي ومستورد، ولا بين إرهابي وجندي محتل، ولا بين صهيوني وتركي وأمريكي، فعلى أرضنا كلهم أعداؤنا”.
وخلال لقاء الأسد مع كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، علي أصغر خاجي، اعتبر أن “معركة إدلب هدفها القضاء على الإرهاب الذي يهدد أمن وسلامة المواطنين السوريين في تلك المنطقة”.
من جهته طلب خاجي من تركيا تنفيذ الاتفاقات بشكل كامل ودقيق، مجددًا “رفض إيران لأي وجود غير شرعي على الأراضي السورية”.
وفي ظل ذلك يترقب الأهالي في إدلب وريفها ما تخبئه الأيام المقبلة، وسط تخوف من عودة المعارك التي شهدتها المنطقة في شباط الماضي، خاصة في ظل تفشي فيروس “كورونا” ووصول عدد الحالات إلى 54 حالة.