رحبت أطراف دولية بقرارات المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، بينما اتهمت أطراف أخرى المحكمة بالتقصير.
وأدانت المحكمة الدولية أمس، الثلاثاء 18 من آب، المسؤول في “حزب الله” سليم عياش، بالتهم الموجهة إليه وحملته المسؤولية عن عملية الاغتيال.
وقالت المحكمة إن “الأدلة تثبت ضلوع سليم عياش في عملية اغتيال الحريري عمدًا وعن سابق إصرار”، مؤكدة أن “عياش مذنب في كل التهم الموجهة إليه”.
ولم يعلّق “حزب الله” على قرار المحكمة حتى ساعة نشر هذا التقرير، لكن أمينه العام، حسن نصر الله، اعتبر في كلمة له، الجمعة الماضي، أن الحزب غير معنيّ بقرارات المحكمة.
وأعلنت المحكمة أن المتهمين الآخرين، حسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي وأسد صبرا، “غير مذنبين فيما يتعلّق بجميع التهم المسندة إليهم”.
وذكرت أنه “لا دليل مباشر على دور سوري بعملية الاغتيال”، وأوضحت أن “غرفة الدرجة الأولى” في المحكمة “تشتبه في أن لسوريا وحزب الله مصلحة في اغتيال الحريري، لكن لا يوجد دليل مباشر على هذا الأمر”.
وعقب المحكمة، طالب نجل رفيق الحريري ورئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري، “حزب الله” بتسليم المدان باغتيال والده.
وتباينت الردود بين الرضا والترحيب وبين اتهام المحكمة بالتقصير، خاصة أنها أدانت متهمًا واحدًا في العملية.
ترحيب يقابله عدم رضا
موقف الولايات المتحدة الأمريكية عبر عنه وزير خارجيتها، مايك بومبيو، في بيان جاء فيه أن “إدانة عياش تسهم في تأكيد ما بات العالم يدركه أكثر فأكثر، هو أن (حزب الله) وأعضاءه لا يدافعون عن لبنان كما يدعون، بل يشكّلون منظمة إرهابية هدفها تنفيذ الأجندة الطائفية الخبيثة لإيران”.
We welcome @STLebanon's ruling today, which found Hizballah operative Salim Ayyash guilty for his role in the 2005 terrorist attack that killed Rafik Hariri and 21 others in Beirut. Ending impunity is imperative to ensuring Lebanon’s security, stability, & sovereignty.
— Secretary Pompeo (@SecPompeo) August 18, 2020
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى احترام حكم المحكمة، وقال في بيان إن “الحكم انعكاس لالتزام المجتمع الدولي بالعدالة، عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في ذلك اليوم (يوم اغتيال رفيق الحريري)”.
ونقلت وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية، عن عضو إدارة التشريع في وزارة العدل بحكومة النظام السوري، القاضي عمار بلال، أن استنتاجات المحكمة “غير مبنية على أدلة، وإنما على حالة ظرفية يراها المحقق من خلال تصريح لسياسي هنا وسياسي هناك، وهذا ليس عملًا قانونيًا أو تحقيقيًا مهنيًا، وهو ما يطلق عليه بالأدلة الظرفية”.
عضو مجلس الشعب السوري أحمد الكزبري (ورئيس اللجنة الدستورية والتشريعية في المجلس سابقًا)، علّق على قرار المحكمة، بالقول إن “على الساسة في لبنان أن يقدموا اعتذارهم للحكومة السورية وإلى الشعب السوري عن كل ما بدر منهم من اتهامات زائفة، بعدما صدر الحكم عن المحكمة الدولية، وأثبت عدم علاقة الحكومة السورية بعملية الاغتيال”.
كما أثار قرار المحكمة حالة عدم رضا عند بعض الأكاديمين، بينما اعتبر ناشطون أن قرارات المحكمة تساعد مرتكبي جرائم الحرب في سوريا على الإفلات من العقاب مستقبلًا، وتقوض أملهم في الوصول إلى العدالة المطلوبة ولو كانت متأخرة.
وقال الحقوقي والصحفي السوري منصور العمري، إن “لبنان دفع نصف مليار دولار و15 سنة من الأمل من أجل إدانة شخص واحد طليق، يحق له إعادة المحاكمة من البداية إن قُبض عليه، وكأن هذه المحاكمة والتكاليف والآمال لم تكن”.
وأضاف أن “هذا الفشل الذريع للعدالة الدولية يردع كل من يفكر بالعدالة الدولية على طريقة محكمة الحريري، ويقدم درسًا قاسيًا ومهمًا وخيبة أمل كبرى للضحايا وعائلاتهم”.
وقال الناشط حسام الدين ملص، “هل لنا كسوريين أن نأخذ عبرة مما حصل اليوم في لاهاي؟ هل سننتظر لنخرج عصابة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بخفَّي حنين، وتذهب دماء شهدائنا أدراج الرياح؟”.
بعد ١٥ سنة و٢ مليار دولار كلفة
محكمة العدل الدولية تطلع تقول لم تجد دليل ان القاتل قتل!
الحريري ومعه ٢١ ضحية اخرى لم يجدوا العدالة على كوكب الارض نامل ان عدالة السماء تاخذ حقهم هم واخرين ضاقت بهم عدالة البشر— فيها حاجة حلوة (@nagwaegypt1234) August 19, 2020
في لغة المحكمة الدوليّة، تقوم الإدانة على توافر الأدلّة والتبرئة على عدم كفاية الأدلّة.
وحصر الأحكام بأشخاص دون الحكومات والتنظيمات عائد الى نظام المحكمة كما وضع آنذاك كي لا يقابَل بالفيتو من الصين أو روسيا مثلًا.
حكم احترافيّ ستكون له نتائج سياسيّة خارج نطاق المحاكم وصلاحيّاتها.— Marwan Najjar (@marwangnajjar) August 18, 2020
الصحفي أحمد كامل قال تعليقًا على قرار المحكمة، “يا سوريين علموا أولادكم وأحفادكم ألا يتوجهوا إلى المحاكم الدولية ومجلس الأمن”.
وشهدت العاصمة اللبنانية بيروت، في 14 من شباط 2005، تفجيرًا ضخمًا أودى بحياة أحد أهم السياسيين اللبنانيين رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، ومرافقه الشخصي، بالإضافة إلى 20 شخصًا، وأُصيب 226 شخصًا.
وبلغت كمية مادة “TNT” المستخدمة 1800 كيلوغرام.
واتهمت جهات دولية، منها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وجهات محلية لبنانية، كرئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري، وزعيم الحزب “الاشتراكي”، وليد حنبلاط، ورئيس وزراء لبنان الأسبق، فؤاد السنيورة، “حزب الله” اللبناني والنظام السوري بتنفيذ عملية الاغتيال.
–