للمرة الثانية.. الأسد يستبق اجتماعات اللجنة الدستورية بـ”سقف عالٍ”

  • 2020/08/16
  • 6:31 م

رئيس النظام السوري بشار الأسد وجيمس جيفري المبعوث الأممي (صورة معدلة)

قبل أسبوع من انطلاق الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية، في 24 من آب الحالي، في جنيف، بمشاركة وفود النظام السوري و”هيئة التفاوض السورية العليا” والمجتمع المدني، جدد رئيس النظام،  بشار الأسد، رفضه أي عملية سياسية لا تتوافق مع وجهة نظره ولا يكون طرفًا فيها.

“لن يكون سوى في أحلامهم”، عبارة كررها الأسد للمرة الثانية قبل انعقاد اللجنة الدستورية، في خطابه أمام أعضاء مجلس الشعب، في 12 من آب الحالي، في تأكيد واضح من قبله على رفضه أي مبادرات ومفاوضات سياسية تجري خارج إرادته، ولا يتحكم بمخرجاتها.

وفي ظل سعي الدول الضامنة لمسار “أستانة” (تركيا وروسيا وإيران) لتقريب وجهات النظر، والتقدم في اجتماعات اللجنة الدستورية، استبق الأسد ذلك بـ”سقف عالٍ”، واصفًا المبادرات بأنها “خزعبلات سياسية”.

جولة ثالثة أكثر جدية؟

في 30 من تشرين الأول 2019، انطلقت الجولة الأولى من أعمال اللجنة الدستورية، بمشاركة جميع أعضائها (150 عضوًا)،  وسط ترحيب ودعم دوليين، بعدما عانت من مخاض دام طويلًا، قبل ولادتها بجهود الأمم المتحدة.

وبعد أقل من شهر، في 25 من تشرين الثاني، عقدت جولة ثانية، اقتصرت على المجموعة المصغرة (45 عضوًا)، لكنها وُصفت بـ”عدم الجدية”، خاصة من قبل وفد النظام السوري، الذي حاول “فحص وطنية” وفد المعارضة بمناقشة ما أطلق عليه “الثوابت الوطنية”، ليحكم عليها بالفشل.

وسبق انعقاد الجولة الثانية بأيام نسف الأسد عمل اللجنة، وتنصله منها عبر نفيه أن تكون أعمالها لها علاقة بالانتخابات في سوريا، وقال في مقابلة مع قناة “روسيا 24” ووكالة “روسيا سيفودنيا”، في 15 من تشرين الثاني 2019، إن “اللجنة الدستورية لا علاقة لها بموضوع الانتخابات، لها علاقة فقط بموضوع الدستور، أما إذا كانوا يعتقدون أنهم سيعودون إلى عصر الانتداب، فسأقول لهم، هذا لن يكون سوى في أحلامكم”.

نفس العبارة استخدمها الأسد في خطابه أمام أعضاء مجلس الشعب، في 12 من آب الحالي، قبل انعقاد الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة، التي يؤمل منها الجدية للدخول في حوار دستوري يفضي بالتوصل إلى وضع دستور جديد يمهد لانتخابات رئاسية وبرلمانية.

ووصف الأسد “المبادرات السياسية” بأنها تحولت إلى “خزعبلات سياسية، بفضل الولايات المتحدة ووكيلتها تركيا وممثليهما في الحوار”.

وأضاف أن “استخدام المبادرات السياسية، هدفه إيقاعنا بأفخاخ نصبوها ليحققوا عبرها ما فشلوا به عبر الإرهاب، وهذا لن يكون سوى في أحلامهم، ولكننا سنسير معهم تطبيقًا للمثل الشعبي (إلحق الكذاب لورا الباب)”.

كما وصف الحديث عن أي عملية سياسية مستقبلية بأنه “ضجيج وغبار يثار من وقت لآخر لم يحمل معه أي تبدل يذكر”، مشيرًا إلى أن أي مستجدات في المستقبل، سيتحدث بها بكل بشفافية ليكون الشعب مطلعًا على كل التفاصيل.
وكان الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة، هادي البحرة، أعلن صدور التأشيرات للوفد المفاوض باللجنة، إلا أن “وباء فيروس كورونا المستجد، أثر على التحضيرات اللوجستية للجلسة المزمعة”، مشيرًا إلى إمكانية تأجيلها بسبب “كورونا”.

وأكد البحرة، في مقابلة مع وكالة “الأناضول” التركية، الأسبوع الماضي، أن اللجنة الدستورية بعد عام على تشكيلها وانعقاد جولتين، لم تؤدِّ إلى شيء، لكن “أهميتها تكمن في أنها آلية ونتاج أول اتفاق سياسي ضمن العملية السياسية لتنفيذ القرار الأممي 2254 عن الحل السياسي في سوريا”.

جيفري في جنيف

خطاب الأسد والسقف العالي الذي تحدث به، لم يرق للمبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري، جيمس جيفري، الذي أكد أن أي شيء يتحدث به الأسد يجب ألا يصدق.

وتعليقًا على خطاب رئيس النظام السوري، قال جيفري في مؤتمر صحفي عبر تقنية “الفيديو” ، في 13 من آب الحالي، إن “أي شيء يقوله الأسد يجب أن يؤخذ مع كمية كبيرة من الملح”، في إشارة إلى عدم تصديق كل ما يقوله.

ويوجد تعبير بالإنجليزية يقول “خذ ما يقال مع حبة ملح“، بمعنى أن يؤخذ الكلام مع كثير من الشك والتحفظ.

وأكد المبعوث الأمريكي أن واشنطن لا تطيل أمد أي شيء أو تتلاعب بأي شيء، ردًا على قول الأسد إن أنقرة وواشنطن تماطلان لإطالة أمد الحرب، مشيرًا إلى أن الأسد “لم يدعم قرار الأمم المتحدة رقم 2254 على الرغم من أن حليفه الروسي وقع عليه في كانون الأول 2015، وسعى دائمًا للحل العسكري بمساعدة كل من روسيا وإيران لإنهاء الصراع في بلده”.

وحول قراءته لخطاب الأسد، يعتقد جيفري أن “المهم في الخطاب بأن الأسد تطرق للعملية السياسية، ونحن ننظر باهتمام لحقيقة تكلمه عن العملية، وهذه نقلة في خطاباته، ونحن نحاول استدلال معناه”.

ويرى المبعوث الأمريكي أن “دمشق باتت تفهم حقيقة أن الحل السياسي أو العملية السياسية تحظى بدعم من كل الأطراف الدولية، وأن هذا الخيار لن يتبدد، ولن تجد دمشق سبيلًا إلا التماشي معه، وهذه دلالة جيدة أو مبشرة”.

إلا أن الأسد تحدث مرارًا في خطاباته السابقة حول العملية السياسية ورفضه القرار الأممي “2254”، الذي يعتبر مرجعية أساسية لعملية التفاوض السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، كما رفض مسار “جنيف” الذي يجب أن يفضي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية ضمن القرار “2254”، واعتبره خديعة أمريكية تهدف إلى إسقاط نظامه عبر “هيئة مؤقتة”، بحسب ما قاله في مقابلة مع قناة “روسيا اليوم”، في 11 من تشرين الثاني 2019.

ولأول مرة يكون جيفري في العاصمة السويسرية جنيف لعقد لقاءات مع ممثلي المعارضة السورية، تزامنًا مع انعقاد اللجنة الدستورية، بحسب ما أعلنه.

وأكد جيفري أن واشنطن تتطلع بشدة لرؤية التقدم في اللجنة الدستورية، قائلًا “هذا أمر بالغ الأهمية لحل هذا الصراع”، معربًا عن أمله بتحقيق أمرين: الأول هو عقد لقاءات اللجنة الدستورية لأسابيع وليس لأيام فقط، ورؤية جدول اجتماعات جديد.

أما الأمر الثاني فهو “الانتقال من نقاش المبادئ الأولى فقط، وهو ما يريده نظام دمشق، وهي دعاية معتادة حول سيادته ومحاربة الإرهابيين، إلى تقدم حقيقي (…) في الحديث عن التغيير الدستوري، هذا مهم جدًا”.

وفي ظل تصريحات الأسد، وعجز روسيا عن إيجاد أو فرض بديل له، و”استمرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في العمل مع الأسد وحكومته الضعيفة، وأملها في أن يقدم الأسد وحاشيته بعد انتخابات عام 2021 على أخذ زمام المبادرة نحو مصالحة حقيقية”، كما يعتقد سفير أمريكا السابق في دمشق، روبرت فورد، في مقال له بصحيفة “الشرق الأوسط“، يبقى المواطن السوري ضحية صراعات سياسية، ويعيش في ظروف اقتصادية متردية جدًا، نتيجة تراجع العملة السورية وارتفاع الأسعار، إلى جانب مواجهته فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) في ظل قطاع صحي متردٍّ جدًا.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي