عنب بلدي – إدلب
“تابعتُ دراستي إلى الصف الثالث الثانوي، وبسبب ظروف النزوح عملتُ في كثير من المهن، منها الزراعة، ثم قررتُ الالتحاق بدورة مهنية عن التمديدات الكهربائية، كنتُ قد سمعتُ عنها”.
خالد العيسى، متدرب في مشروع أطلقته جمعية “عطاء للإغاثة الإنسانية” في محافظة إدلب، قال لعنب بلدي، “تشجعتُ على التسجيل في الدورة لأن لدي خبرة في مجال الكهرباء، وأردتُ تطويرها، كما أن هذا التخصص مطلوب حاليًا، ويدعمه وجود أمل كبير بعودة التيار الكهربائي إلى المنطقة”.
ويأمل المتدرب في الدورة المهنية أن يجد عملًا بالخبرة التي يكتسبها أو أن يتمكن من بدء مشروعه الخاص، كما يتمنى أن يخرج من الدورة المهنية التي تمتد لستة أشهر، متمكنًا بشكل كامل من العمل بالمهنة التي عمل بها قليلًا في السابق، ولديه أفكار أولية عنها.
شملت الدورة النواحي النظرية والعملية، وساعد وجود معدات عملية للتطبيق على التطور في المجالات المقدمة في التدريب، بحسب ما قاله المتدرب.
ويرى المتدرب أن هذه الدورات “ستمنح خبرات بسيطة للشباب العاطلين عن العمل وتصقلها، ليكونوا جاهزين للعمل بشكل منظّم ومهني”.
الأولى من نوعها في الشمال السوري
بدأ المشروع المهني في جمعية “عطاء للإغاثة الإنسانية” منذ أكثر من عامين ببناء هيكل المعهد وإكسائه، ثم تشغيله بالتعاون مع منظمة “سبارك” وجمعية “الشيخ عبد الله النوري” بـ11 ورشة تدريبية، بحسب ما قالته منسقة المشروع المهني والتعليم في جمعية “عطاء”، برهان بيازيد.
ويستقطب المشروع الشباب من عمر 16 حتى 35 عامًا، ويُقبل المتدربون من خلال تسجيل طلبات الانتساب عبر رابط إلكتروني يُعلن عنه قبل بداية كل سنة تدريبية، ويجري اختيار المقبولين وفق عدة معايير تشمل العمر والمرحلة الدراسية وعدد أفراد الأسرة، مع مراعاة الأولوية للأيتام وذوي الإعاقة والمعيلين.
وأضافت منسّقة المشروع أن الهدف من إنشاء المعهد يتمثّل بـ”تدريب وتأهيل كوادر للعمل في مهن مطلوبة بشكل كبير في الشمال السوري من جهة، ومن جهة أخرى تأمين خبرات لخلق فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل، ممّن لم يتمّوا تعليمهم الجامعي”.
وتابعت، “نأمل رفع الوضع الاقتصادي في المنطقة، والإسهام في انتقال كثير من العائلات من عائلات معتمدة على المساعدات، إلى عائلات منتجة”.
يحضر الطلاب الدورات التدريبية لمدة ثلاثة أو ستة أشهر حسب مدة الدورة، ويتعلمون المبادئ الخاصة بكل ورشة، كما يمارسون بشكل عملي ما تدربوا عليه، حيث يوفر لهم المشروع المعدات المطلوبة، وفقًا لما ذكرته منسقة المشروع.
ويقدم المعهد للمتدربين منحة شهرية بقيمة 40 دولارًا، لمساعدتهم على متابعة التعلم، والتخفيف من التحديات الاقتصادية التي يعيشونها، يتسلمها الطالب عند إتمامه نسبة حضور 90% من حصص وتدريب الشهر، وبعد توصية مدربه بحضوره الفعال في الصف.
استقطاب الخبرات
خلال 12 شهرًا من بدء المشروع، بلغ عدد المستفيدين منه 352 طالبًا وطالبة، إذ استقطب المعهد المهني كثيرًا من الخبرات في المنطقة من حملة الماجستير أو من ذوي الخبرة العملية الطويلة في التدريب المهني لنقل خبراتهم للطلاب، في حين يشرف على المتدربين “موجّه مهني مختص تقنيًا وذو خبرة في توجيه المدربين ومتابعتهم ودعمهم بكل ما يحتاجونه”.
وعقب الانتهاء من الدورة، يتاح للطلاب المتفوقين فرصة التدريب بإحدى الورشات في المجتمع المحلّي، لتطبيق ما تعمله المتدرب خلال وجوده في المعهد.
كما سترفد الدورة الطلاب بدروس داعمة، مثل القيادة والإدارة ومهارات الحياة والدعم النفسي الاجتماعي والأنشطة المختلفة والرياضة، ليكون الطالب مستعدًا لبدء مشروعه الخاص عند تخرجه من المعهد.
وينظّم المعهد عددًا من الدورات، منها دورة تمديدات كهربائية وتمديدات صحية، وصيانة الأجهزة الكهربائية، وصيانة الدراجات النارية، وصيانة الهواتف الذكية والحواسيب، ودورات في الحلاقة الرجالية والنسائية، وتعليم صناعة المعجنات والحلويات، ولف المحركات، وصيانة وتركيب أجهزة الطاقة الشمسية.
دورات تدريبية في الصناعات اليدوية
تنظّم مجموعة “هذه حياتي” التطوعية، دورة لتعليم “زوجات الشهداء والمعتقلين” مهنًا وحرفًا يدوية، وقال مدير مكتب إدلب في مجموعة “هذه حياتي”، سارية بيطار، إن “دورات المشروع ستشمل ورشة الأكياس القماشية لإعادة التدوير من ملابس البالة، وورشة الصوف، وورشة الحصر والسلل والقش، وورشة الفسيفساء”.
وسينتج المتدربون نماذج مصغرة من رموز تشير إلى المحافظات السورية، ويعتبر بيطار أنه لا بد من حفر تلك المناطق في ذاكرة الأطفال بالشمال السوري، الذين حُرموا من رؤية ساعة “حمص”، والجامع “الأموي” في دمشق، وقلعة “حلب”، لأنها “حضارتنا وتراثنا وامتدادنا العربي والإسلامي”.
وأوضح بيطار أن الهدف من الورشات تدريب اليد العاملة، لا سيما العاطلين عن العمل، وبشكل خاص ممن ليس لديهم معيل ولديهم أطفال، حيث ستطرح منتجات الدورة وتباع بـ“مبالغ زهيدة”، وستخصّص أرباحها لـ“زوجات الشهداء والمعتقلين”.