مبادرات سورية لمتضرري بيروت تتخطى العنصرية
عنب بلدي – زينب مصري
في اليوم التالي لانفجار مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت، لم تشأ مجموعة من الحرفيين السوريين المقيمين في المدينة، الاكتفاء بمتابعة الأخبار ومشاهدة الدمار في المنازل والمباني فيها، وسارعوا إلى نشر مبادرتهم للمساعدة على إصلاح تلك الأضرار عبر مجموعات تضم لبنانيين في موقع “فيس بوك”.
اتفق خمسة أصدقاء، وهم فني تركيب أسقف مستعارة، وفني تمديدات صحية، وفني تركيب بلاط ودهان، وفني كهرباء، ونجار، على تشكيل مجموعة عمل وترميم منازل اللبنانيين التي تضررت بفعل الانفجار، بشكل مجاني دون مقابل، على أن يؤمّن أصحاب المنازل المواد اللازمة للترميم.
مبادرة إنسانية
“أمر بديهي وإنساني أن تكون هذه المبادرة رد فعلنا على ما حصل”، قال أحد القائمين على المبادرة، والمقيم في لبنان منذ 25 عامًا، ماهر الحموي، لعنب بلدي.
وأضاف ماهر أن قرار المبادرة جاء بسبب إقامة المشتركين فيها في لبنان منذ زمن طويل، إذ بدأت بخمسة شباب وخمس مهن مختلفة، ثم انضم أربعة شباب آخرين لاحقًا للعمل مع المجموعة.
لاقت المبادرة استحسان مواطنين لبنانيين، وإقبالًا منهم على طلب المساعدة، فبعد ساعات من نشره الإعلان في موقع “فيس بوك”، تلقى ماهر العديد من الاتصالات من أشخاص لإصلاح كهرباء مقطوعة، أو سقف منزل مدمر، أو شبكة تمديد صحي متضررة في المنزل.
إلّا أن العديد من الأشخاص الذين طلبوا المساعدة لم يقبلوا عمل الحرفيين بشكل مجاني، وأصروا على إعطائهم أجرة، حتى لو كانت رمزية أو تغطي مصاريف الطريق، بحسب ماهر.
وبعد 12 يومًا من الانفجار الضخم الذي هز مدينة بيروت، يستمر ماهر وأصدقاؤه في مبادرتهم، وسط ترحيب العديد من اللبنانين والسوريين بها وشكرهم عليها.
الضحايا والأضرار
خلّف التفجير الذي هز مرفأ بيروت، في 4 من آب الحالي، في حصيلة غير نهائية، 179 قتيلًا، قال السفير السوري في لبنان، علي عبد الكريم، إن 43 منهم سوريون، بالإضافة إلى 30 مفقودًا وأكثر من خمسة آلاف جريح، 100 جريح منهم في قسم العناية المركزة، بحسب وزير الصحة اللبناني، حمد حسن.
كما أسفر عن تدمير معظم الميناء، وتسوية الأحياء المجاورة بالأرض، وإلحاق الضرر بعدة مستشفيات وعيادات صحية، وقدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، في تقييم أولي للأضرار التي لحقت بالمؤسسات الثقافية والمواقع التراثية في المدينة، تضرر ما لا يقل عن ثمانية آلاف مبنى، منها حوالي 640 مبنى تاريخيًا، 60 مبنى منها معرض لخطر الانهيار.
وأطلقت الأمم المتحدة نداء إنسانيًا، يهدف إلى جمع ما قيمته 565 مليون دولار أمريكي، لمساعدة لبنان على الانتقال من الإغاثة الإنسانية إلى مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، بحسب ما نقله موقع “أخبار الأمم المتحدة”، في 14 من آب الحالي.
تضامن من الشمال السوري
التضامن مع ضحايا ومتضرري تفجير مرفأ بيروت جاء أيضًا من الشمال الغربي السوري، وتحديدًا من مدينة إدلب، حيث نظم متطوعو ”الدفاع المدني السوري” وقفة تضامنية مع ضحايا ومتطوعي “الدفاع المدني” الذي قُتلوا في الانفجار.
ونشر حساب الفريق عبر “تويتر”، في 8 من آب الحالي، صورًا للمتطوعين وهم يحملون لافتات كُتبت عليها عبارات تضامنية، منها عبارة الكاتب اللبناني الراحل سمير قصير، الذي اغتيل في عام 2005، “ربيع العرب حين يزهر في بيروت إنما يعلن أوان الورد في دمشق”، بينما كُتب على لافتة أخرى “للأرواح التي سبقت الموت، لأبطال الدفاع المدني اللبناني.. أرز لبنان لن ينحني”.
وكتب رئيس منظمة “الدفاع المدني السوري”، رائد صالح، في تغريدة عبر حسابه في “تويتر”، “من القلب في إدلب إلى القلوب في بيروت”.
جدارية من إدلب
لم تكن هذه المرة الأولى التي تتضامن فيها إدلب مع بيروت، إذ رسم الفنان عزيز الأسمر بريشته وألوانه “جدارية” للتضامن مع العاصمة اللبنانية.
وسبق للأسمر أن عاش في منطقة المرفأ لأكثر من 15 عامًا، وقال لعنب بلدي إنه من الواجب الإنساني التضامن مع بيروت في هذه المحنة، خاصة أن المنطقة التي شهدت الانفجار يقطنها سوريون ولبنانيون مناصرون للثورة السورية، بحسب تعبيره.
وأضاف الأسمر، الذي اشتهر بلوحاته الجدارية على أنقاض المنازل والمباني المدمرة في محافظة إدلب، أن الإنسانية لا تتجزأ، ويجب أن يكون الإنسان ضد الظلم في أي مكان، معتبرًا أن “أي وجود لإيران في أي مكان يؤدي إلى خرابه”، مذكرًا بمئات اللبنانيين الذي وقفوا إلى جانب السوريين، وكذلك بالمعتقلين اللبنانيين في سجون النظام السوري.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :