حلب – عروة المنذر
رغم تصاعد حدة تفشي وباء “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وارتفاع أعداد الإصابات في سوريا، تصر وزارة التعليم العالي على إجراء امتحاناتها في حلب، معوّلة على وعي الطلاب في اتخاذ إجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي خلال فترة الامتحانات، لكن ذلك آثار غضب عدد كبير من الطلاب، ودفعهم إلى إنشاء مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة منهم لثني الوزارة عن عزمها دون جدوى، فالامتحانات بدأت ولا يبدو أنها ستتوقف.
يزداد عدد الإصابات في مناطق سيطرة النظام السوري بوتيرة متسارعة، بحسب قوائم وزارة الصحة السورية، بالتزامن مع واقع معيشي سيئ، حيث تنتشر الطوابير على الأفران وصالات التجارة المدعومة من الحكومة. ازدحام وصل إلى مراكز فحص فيروس “كورونا”.
إجراءات شكلية
قبل بدء الامتحانات، أعلنت وزارة التعليم العالي، في 5 من آب الحالي، إجراء الامتحانات في موعدها، وأنه لا تأجيل عن الموعد المقرر، لتنطلق العملية الامتحانية، مع قرار إلزام الطلاب بلبس الكمامة، وعدم السماح لأي شخص بالدخول إلى الحرم الجامعي دون ارتدائها تحت طائلة المسؤولية، بينما سمحت للطلاب المصابين بفيروس “كورونا” التقدم بطلب إيقاف تسجيل، والامتناع عن دخول الامتحانات تجنبًا لنشر العدوى.
محمد لطفي، من طلاب جامعة “حلب”، قال لعنب بلدي، “كنا نأمل بتحمل وزارة التعليم العالي مسؤوليتها تجاه صحة وسلامة الطلاب، خاصة أنها تدير عددًا كبيرًا من المشافي الجامعية، وتلمس الواقع عن قرب، إلا أنها أقرت الامتحانات بموعدها دون تحقيق أدنى شروط الوقاية، فأغلب الطلاب يصلون إلى الجامعة بوسائل نقل جماعي مزدحمة، مع عدم قدرة معظمعم على شراء لوازم الوقاية من الكحول والكمامات المرتفعة الثمن”.
قبيل كل امتحان يتجمع الطلاب بصورة مزدحمة على أبوب الكليات بانتظار السماح لهم بدخول بناء الكلية والتوجه إلى القاعات الامتحانية، ويقف بعض المسؤولين من “اتحاد الطلبة” وحزب “البعث” في محاولات لإجبار الجميع على ارتداء الكمامات.
يوسف نصار، طالب في كلية الحقوق، قال لعنب بلدي، إن عدد طلاب دفعته 2300 طالب، متسائلًا “كيف يدخلون من باب بعرض ثلاثة أمتار خلال عشر دقائق (موعد فتح القاعات قبيل الامتحان) ويحققون التباعد الاجتماعي؟”.
ويصف الإجراءات بـ”الشكلية”، ففي زيارة للتلفزيون السوري إلى كلية الاقتصاد، بدت اللامبالاة حيال تطبيق هذه الإجراءات من عدمه، إذ صوّر التلفزيون مشاهد بعد خروج الطلاب وانتهاء الازدحام.
أحد طلاب الهيئة الإدارية في كلية العلوم قال، في نقاش طلابي تحققت من مضمونه عنب بلدي، إن “الامتحانات أمر واقع فرضته وزارة التعليم العالي. نقوم بكل الإمكانيات لمحاولة المكافحة واتخاذ الإجراءات الاحترازية، لكن أبنية الكليات غير مصممة لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الطلاب، وذلك يحدّ من قدرة الجامعة على تحقيق التباعد الاجتماعي”.
السكن الجامعي مجمع للوباء
يضم السكن الجامعي طلاب المحافظات البعيدة، حيث يلتقي في الغرفة الواحدة أربعة طلاب، مع غياب سبل الوقاية، وانخفاض مستوى النظافة، والاختلاط في المرافق الصحية من مطابخ وحمامات مشتركة.
لؤي السعدي، طالب من محافظة درعا في جامعة “حلب”، قال لعنب بلدي، “لا أستطيع الإقامة خارج السكن الجامعي، فإيجار أقل منزل يزيد على 35 ألف ليرة، ما يجبرني على تشارك الغرفة مع ثلاثة طلاب من محافظات مختلفة، وتشارك دورات المياه والمطبخ مع 60 طالبًا في نفس الجناح”.
وأضاف الطالب، “أحد المقيمين في الغرفة المقابلة يعاني من أعراض (كوفيد- 19)، وجرى الإبلاغ عنه لكن لم يستجب أحد”.
وأشار إلى أنه “مجبر” على تقديم الامتحانات والنجاح، ليحصل على تأجيل الخدمة الإلزامية.
مشرف إحدى الوحدات السكنية في جامعة “حلب”، فضل عدم ذكر اسمه، قال لعنب بلدي، “السكن الجامعي مكان يجتمع فيه عدد كبير من الطلاب، لا يمكننا إغلاقه رغم معرفتنا المسبقة بعدم قدرة قاطنيه على التباعد، لأن معظم الطلاب لا يمكلون قدرة على دفع إيجارات منازل”.
وبلغ عدد المصابين بفيروس “كورونا” في مناطق سيطرة النظام، حتى 15 من آب الحالي، 1515 حالة، توفي منهم 58 مصابًا، ومن بين الإصابات 150 إصابة وحالتا وفاة في محافظة حلب.