الماسونية تغزو إدلب

  • 2020/08/16
  • 12:00 ص
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

لا يجوز أن يمر الخبر الذي نشرته صحيفة “عنب بلدي” حول ظهور شاب واقف مع أبي محمد الجولاني وعلى صدره شعار الماسونية دون اهتمام، سيما وأن الأستاذ أيمن عبد النور، مؤسس موقع “كلنا شركاء”، كان له تعليق طريف على هذه الصورة.

في الصورة، الشيخ الجولاني يتفقد الرعية حاسرَ الرأس، بقميص دون جاكيت، يتحلق حوله بعضُ الرجال. وهذا يذكرُنا بجولات بشار الأسد التي كان يتفقد خلالها الشعب، بالقميص والبنطلون، تسبقه قطعان من الأمن والشبيحة إلى المنطقة المستهدفة، تمشطها تمشيطًا دقيقًا، وتلتقي بالناس الموجودين فيها، واحدًا واحدًا، وتوزع الأدوار على الراغبين بالتحدث مع بشار، وتحدد عدد الكلمات التي يحق لكل متحدث أن “يتبلضم” بها، فإذا أضاف فاصلة، أو حرفَ جر، أو إشارة تعجب، يا ويله. ويوضح قائدُ تلك القطعان للمصور التلفزيوني بأنه إذا سها عن كادره، فدخلت فيه صورة لأحد الأبنية التي هدمها بشار الأسد فوق رؤوس أهلها، فسوف تتعرض نساؤه ومحارمُه لما لا يسر خاطره.

إن هذا، لعمري، من أرقى مشاهد الكوميديا الرئاسية الديكتاتورية التي كان صدام حسين، هو الآخر، يشترك في تمثيلها، فيدخل إلى بعض أماكن وجود الشعب، يحنو عليهم، ويسألهم عن مشاكلهم، ويأمر بحلها فورًا، وفي هذه الأثناء تكون مخابراتُه منشغلة في إذاقة العراقيين السم والدم.

تساءل أيمن عبد النور، في تعليقه، عن مصدر الـ”تي شيرت” الذي يرتديه الشاب الواقف مع الجولاني، يا ترى هل هو عضو بمحفل إدلب الماسوني، مثلًا؟! يا سيدي، إذا كنت قد أطلقت هذا التساؤل بقصد الدعابة، فلا بأس، وإن كنت جادًا حول وجود محفل ماسوني في إدلب، فهذا يؤشر على أنك لا تعرف شيئًا عن حياة شعب إدلب.

لا يمكن الإشارة إلى وجود محفل ماسوني في إدلب من مسافة ضوئية، وأنا أراهن على أنه لا يوجد بين الحاضرين شخص، وبضمنهم لابس الـ”تي شيرت”، والجولاني نفسه، يعرف أنها رمز الماسونية. الفقراء، يا صاحبي، يشترون ملابسهم إما من “البالة”، أو من “البسطات” التي تبيع قمصانًا أجنبية عليها طبعات مختلفة لا يهتم الشاري بماهيتها ولا بمدلولها، ولعلمك أنه يرتديها في الليل وفي النهار، لأنه لا يمتلك غيرها، وقلما يدقق الفقير فيما هو مكتوب على قطعة “البالة”، أو قطعة “البسطة”. أتذكر أننا كنا، أنا وأبو حمود كدرو، جالسين، أواخر السبعينيات، في مقهى محمد قدور بيطار بمعرتمصرين، وبالمصادفة كان يجلس أمامنا شاب توجد على قميصه كتابة بالإنجليزية، قرأ أبو حمود نصف الجملة، ولم يستطع إكمالها بسبب طبيعة جلوس الشاب، وباللاشعور مد يده ولكزه، وقال له: عن إذنك خاي، افتول حالك شوي!

أخيرًا، لا توجد ماسونية في إدلب، وأنا أراهنك على أن قسمًا كبيرًا من أهلنا الأدالبة الطيبين الملتزمين بالصلاة يقرؤون الفاتحة في صلواتهم عشرين مرة في اليوم، وقليل منهم فقط يعرفون من المقصود بـ”المغضوب عليهم”، أو بـ”الضالين”!

أي محفل ماسوني في إدلب إذا كان مواطننا العزيز يرتدي قميصًا لا يعرف ما هو مرسوم عليه؟

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي