لم تنقطع عن مرضاها وهي على فراش مرضها في تركيا، فكانوا يراسلونها إلكترونيًا، لكن الموت غيّب طبيبة الأطفال عالية قصاص.
40 عامًا قضتها الطبيبة عالية ابنة حلب (منذ 1980)، تمارس مهنتها في بلدة سلقين شمال غربي إدلب، بعد زواجها من الصيدلاني محمد أمين كوسا.
وكانت أنهت اختصاص أمراض الأطفال وحديثي الولادة عام 1979، بعد تخرجها من كلية الطب في جامعة حلب 1974، وكانت من أكثر طلاب كليتها اجتهادًا.
اكتشفت الطبيبة عالية إصابتها بمرض السرطان مطلع 2019، لكنها فضلت عدم خضوعها العلاج، وقضاء ما تبقى من عمرها في خدمة المرضى، حسبما تحدث به ابنها الصيدلاني مصطفى كوسا لعنب بلدي.
لكن سرعان ما ساء وضعها بعد أسبوع ونُقلت إلى تركيا، وخضعت لعمل جراحي ومعالجة بالكيماوي، أما علاقتها مع مرضاها فلم تنقطع خلال هذه الفترة، من خلال الرد على مراسلاتهم عبر الإنترنت.
وما إن تحسّن وضعها، وبدأت بإجراءات العودة، عاودها المرض وخضعت لعمل جراحي آخر في 6 من أيار الماضي.
وبقيت في المشفى بعد العمل الجراحي مدة ثلاثة اشهر، وقضت آخر شهر منها في العناية المشددة، وتوفيت في 30 من تموز الماضي، ودُفنت في تركيا.
الطب ليس مهنة لجمع المال
لم تتخذ الطبيبة عالية مهنة الطب كمكسب للعيش فقط، بل جعلت منها عملًا إنسانيًا باستقبال المرضى على مدار الساعة، وخاصة الفقراء منهم.
ومن كان مقتدرًا من مرضاها دفع أجرة المعاينة ومن لم يستطع فغير مطلوب منه ذلك، إضافة إلى مساعدة المرضى المحتاجين بتأمين الدواء، حسب مواطنين التقتهم عنب بلدي.
فهناك أناس حالتهم المادية ضعيفة، ترفض الطبيبة عالية أن تأخذ منهم أجور المعاينة، وأحيانًا تعطي الأدوية لبعض الأهالي من عيادتها في حال توفره، وأحيانًا أخرى يلزم حليب أطفال أو أدوية، تعطي ثمنها للشخص كي يشتريها.
وذكر محمد علوش، وهو من أهالي قرية إسقاط قرب سلقين، لعنب بلدي، أن الطبيبة كانت تقدر حالة مرضاها المادية، مشيرًا إلى زيارتها باستمرار لعائلة طاف منزلها بسبب مياه الأمطار، وتقديم الخدمات الطبية لأبناء العائلة مجانًا، مع إعطائهم الأدوية والمساعدات المالية.
ومع توافد موجات النزوح إلى الشمال السوري، كانت عونًا للمهجّرين، وفتحت عيادتها ومنزلها لاستقبال جميع مرضى النازحين من مختلف مناطق سوريا.
–