قبل 14 عامًا عاشت المنطقة الحدودية الجنوبية اللبنانية مواجهة شاملة بين إسرائيل و”حزب الله” اللبناني، توسعت لتشمل سوريا وإيران، فيما عُرف حينها بـ“حرب تموز 2006″، توغلت فيها إسرائيل خلال 33 يومًا في العمق اللبناني بريًا، ونفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية في لبنان حوالي سبعة آلاف غارة بالقنابل والصواريخ، إلى جانب عدد كبير من جولات القصف المدفعي والبحري.
وامتنعت إسرائيل خلال الحرب عن التقيّد بالالتزامات الأساسية التي تفرضها قوانين الحرب، وفق منظمة “هيومن رايتش ووتش“، بعدم تمييز الغارات الإسرائيلية بين الأهداف المدنية والعسكرية التي من المشروع مهاجمتها، وبين المدنيين الذين ليسوا موضوعًا للهجوم، بالتزامن مع امتناع إسرائيل عن اتخاذ التدابير الكافية لتفادي وقوع الإصابات المدنية.
ويعد خرق إسرائيل الالتزام بعدم تعرض المنشآت المدنية لأي سلوك عسكري نقطة انطلاق لتقارير حقوقية تسلط الضوء على السياسات الإسرائيلية، التي أسهمت بارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في أثناء الحرب الممتدة من 12 من تموز حتى 14 من آب عام 2006.
غارة تقتل 25 مزارعًا سوريًا
أدت غارة إسرائيلية، في مثل هذا اليوم قبل 14 عامًا (4 من آب 2006)، خلال الهجوم على مزرعة فاكهة نائية في قرية القاع بشمال وادي البقاع شرقي لبنان، إلى مقتل 25 عاملًا زراعيًا من الكرد السوريين.
وفي ذلك اليوم رصد الجيش الإسرائيلي، بحسب تحقيق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش“، مغادرة شاحنة محملة بالفاكهة المزرعة على الحدود اللبنانية مع سوريا، قبل الغارة بزمن قصير، فقصف المباني دون التثبت مما إذا كانت هدفًا عسكريًا مشروعًا أم لا.
وأطلقت الطائرات الإسرائيلية حينها ثلاثة صواريخ على الأقل باتجاه الشاحنات التي كان يجري تحميلها بفاكهة الدراق (البرقوق) والخوخ، ونُقل الجرحى إلى داخل سوريا وفق المنظمة.
واستهدفت الغارة حينها معبر “الجوسة” الحدودي بين لبنان وسوريا، بحسب ما قاله وقتها الدفاع المدني اللبناني.
هجمات “عشوائية” إسرائيلية ضد المدنيين في “حرب تموز”
في 16 من تموز 2006، بعد أربعة أيام من نشوب الحرب، أصدر مسؤول الرقابة العسكرية التابع لجيش “الدفاع” الإسرائيلي، الكولونيل سيما فاكنين غيل، دليلًا إرشاديًا للصحفيين يحظر عليهم الكتابة عن عدة أشياء، منها الزيارات الخاصة بالحكومة الإسرائيلية ومسؤولي جيش “الدفاع” الإسرائيلي إلى شمال إسرائيل حتى انتهاء الزيارات، وهذا للصلة الواضحة بين زيارات المسؤولين والهجمات الصاروخية في المناطق المعنية في لبنان.
كما منعت السلطات الإسرائيلية في أثناء الحرب على الصحفيين نشر أخبار الصواريخ التي تصيب قواعد الجيش العسكرية أو المنشآت الاستراتيجية، أو الصواريخ التي تسقط في البحر المتوسط.
وتعتقد منظمة “هيومن رايتش ووتش”، في تقرير لها حمل اسم “لماذا ماتوا“، أن تلك السياسة الرقابية من قبل السلطات الإسرائيلية على الصحفيين كانت بمثابة قيود على المعلومات التي بإمكانها توضيح أكثر لـ”هجمات إسرائيل العشوائية ضد المدنيين في لبنان”.
وأطلقت قوات “حزب الله” في لبنان آلاف الصواريخ على إسرائيل في تلك الحرب، وتسببت وفق منظمات حقوقية بإصابات للمدنيين وأضرار لحقت بالمنشآت المدنية.
ويعتمد “حزب الله” في هجومه على أسلحة غير موجهة لا تتمتع بالقدرة على إصابة الأهداف العسكرية بأي قدر من الدقة، وتكررت إصابتها للمدن والبلدات والقرى دونما أي جهد ظاهر تم بذله للتمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية.
ووفقًا لما نشرته وزارة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، تسببت صواريخ “حزب الله” بمقتل 43 مدنيًا داخل إسرائيل في أثناء “حرب تموز”.
–