عنب بلدي – إدلب
يعتقد المواطن عمر السلوم، من بلدة حيش في ريف إدلب الشمالي، أن التعامل بالليرة السورية “أكثر راحة” من غيرها، بعد اعتماد تداول الليرة التركية و الدولار الأمريكي في المنطقة، وذلك بسبب استغلال التجار والصرافين لمن وصفهم عمر السلوم بـ”قليلي الحيلة” من الناس.
ويعيش سكان شمال غربي سوريا حالة من التخبط والارتباك عند أخذهم أي قرار بالشراء أو تصريف عملة، بسبب استغلال بعض التجار والصرافين الوضع الراهن للعملات الثلاث التي يتعاملون بها، خاصة مع غياب الرقابة من السلطات المحلية.
ما الذي يجري؟
أجاب صاحب محل صرافة في إدلب، تحفظ على ذكر اسمه، عن أسئلة طرحتها عليه عنب بلدي، ملخصًا الحالة التي يتصرف وفقها زملاء مهنته أو التجار الذين يتعاملون مع المستهلك والزبون بشكل مباشر.
ويتعرض المواطن للخسارة بحالتين: الأولى عند تصريف الليرة السورية إلى التركية للتداول بها، وعندها يحدد الصرافون سعر الصرف دون مرجعية أو رقابة، وفي حالة تسعير البضائع من قبل التجار، الذين يعتمدون تسعيرة بناء على تقلبات سعر صرف الدولار أو الليرة التركية مع هامش كبير للربح.
ويبلغ سعر صرف الليرة التركية، بحسب موقع “الليرة اليوم“، 305 ليرات سورية للشراء، و321 للمبيع، في حين يبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 2140 ليرة سورية للشراء، و2240 للمبيع.
لكن أسعار الصرف هذه غير مضبوطة في السوق، ومع غياب التسعيرة الرسمية، تقع الفوارق على عاتق المواطنين.
وناشد الصراف السلطات التي تدير المنطقة، وأبرزها حكومة “الإنقاذ”، بإلغاء تداول الليرة التركية من الأسواق بشكل كامل، أو اعتماد عملية ثابتة لتسعير البضائع تحد من التقلبات ومن تحكم “أهواء” الباعة والصرافين بالسوق.
ما الآلية للتخلص من هذه المعضلة؟
الباحث والمحاضر في العلوم المالية والمصرفية منهل العثمان، قال لعنب بلدي إن الدافع وراء اعتماد تداول الليرة التركية أو الدولار كان تقلبات أسعار السلع بسبب تأرجح سعر صرف الليرة السورية، وانخفاض قيمتها لمستويات قياسية.
لكن عندما فرضت السلطات المحلية التعامل بالليرة التركية، لم تضع آلية رقابية وتنفيذية ملزمة على التجار والصرافين، ولا مرجعية مصرفية تفرض ذلك التداول.
ولا يزال بعض التجار والأهالي يستخدمون الليرة السورية كمقياس لقيمة البضائع والسلع، الأمر الذي يسبب لهم تخبطًا شديدًا، بحسب منهل العثمان.
وتتوجه السلطات المحلية حاليًا، بحسب العثمان، إلى زيادة الاعتماد على الليرة التركية، وفرض قرارات ملزمة وآليات تنفيذية لـ”إجبار” المواطنين على استخدامها كبديل كامل عن الليرة السورية، وذلك جنبًا إلى جنب مع الدولار الأمريكي، إذ تستخدم الليرة التركية للصفقات المتوسطة، والدولار الأمريكي للصفقات الكبرى.
ومن أهم التدابير التي يجب اتخاذها من حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، و”الحكومة المؤقتة” العاملة في ريف حلب، تشكيل مجلس “نقد” تكون مهامه ضبط عملية الأسعار وحجم الكتلة النقدية، بحسب العثمان، للتمهيد لفرض استخدام الليرة التركية بعد مهلة (شهر أو شهرين للتبديل)، بالتنسيق مع الجهات الأمنية في المنطقة.
وكانت حكومة “الإنقاذ” حددت عدة خطوات لوقف التدهور الاقتصادي في المنطقة، في 10 من حزيران الماضي، خلال اجتماع “مجلس الشورى العام”، منها “العمل على اعتماد العملة التركية بدلًا من السورية في أقرب وقت”.
أما “الحكومة السورية المؤقتة” فأعلن رئيسها، عبد الرحمن مصطفى، إجراء لقاءات مع مسؤولين أتراك، من أجل تدارك تدهور الليرة السورية، وضخ العملة التركية من الفئات الصغيرة في ريف حلب الشمالي.
وغرد مصطفى، عبر حسابه في “تويتر”، في 10 من حزيران الماضي، بقوله إن الحكومة اتخذت الخطوة الأولى في مسيرة ضخ الفئات النقدية الصغيرة من العملة التركية في الشمال الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة، و”هي خطوة ستتبعها المزيد من الخطوات”.
وبعدها، في 12 من حزيران الماضي، بدأت كميات من العملة التركية ذات الفئات الصغيرة بالوصول إلى إدلب شمالي سوريا، تزامنًا مع تأكيد حكومة “الإنقاذ”، العاملة في المنطقة، بدء صرف رواتب الموظفين بالليرة التركية.
وكانت مسألة التعامل بالليرة التركية في الشمال السوري أخدت حيزًا كبيرًا من النقاش خلال الأشهر الماضية، لتحديد سلبياتها وإيجابياتها.
لكن بعد تراجع الليرة السورية إلى مستويات قياسية (وصل سعر صرف الدولار في 8 من حزيران الماضي إلى 3000 ليرة)، بدأت حكومات الشمال السوري (“الإنقاذ” في إدلب، و”الحكومة السورية المؤقتة” في ريف حلب)، البحث عن بدائل للتعامل بغير الليرة السورية.
أسهم في بناء هذه المادة مراسلة عنب بلدي في إدلب شادية تعتاع