عنب بلدي – خاص
بعد أكثر من شهر على دخول قانون “قيصر” حيز التطبيق، وبدء الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية على شخصيات وكيانات مرتبطة بالنظام السوري، أعلنت واشنطن عن حزمة عقوبات جديدة، الأسبوع الماضي، بهدف زيادة الضغط على النظام لتغيير سلوكه والدخول بجدية في العملية السياسية تحت مظلة “جنيف” والقرار الدولي 2254.
حملت العقوبات الجديدة رسائل إلى النظام السوري ومن ورائه روسيا، التي تعتبر أبرز داعميه، تجسدت في إدراج أسماء من عائلة رئيس النظام، بشار الأسد، على قائمة العقوبات، إلى جانب إطلاق أسماء مجازر، ارتكبتها قوات النظام بحق السوريين خلال السنوات الماضية، على العقوبات.
14 كيانًا وشخصية بينها حافظ
في 29 من تموز الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن فرض عقوبات ضد قائمة ضمت 14 كيانًا وشخصية مرتبطة بالنظام السوري، شملت بشكل لافت اسم حافظ الأسد، نجل رئيس النظام، بشار الأسد، بعد إدراج والدته أسماء، ضمن العقوبات الماضية، في اتجاه واضح لتضييق الخناق أكثر على عائلة الأسد.
وبررت الولايات المتحدة الأمريكية فرض العقوبات الاقتصادية على حافظ الأسد، بلسان نائب مساعد وزير الخارجية والمبعوث الخاص إلى سوريا، جويل رايبرن، الذي قال خلال مؤتمر صحفي، إن “هناك اتجاهًا بين كبار الجهات الفاعلة في النظام السوري، سواء من المسؤولين أم من رجال الأعمال الذين يتصرفون نيابة عن نظام الأسد، للقيام بأعمال تجارية من خلال أفراد أسرهم البالغين لمحاولة التهرب من العقوبات بهذه الطريقة، لذلك نحن نعتزم معاقبة حافظ بشار الأسد اليوم كجزء من ذلك”.
وأكد أن “أفراد عائلتي الأسد والأخرس يجب ألا يتمتعوا بالحق في القيام بأعمال تجارية مع أي شخص يشارك في القطاعات المالية للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي”.
وكان المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا، جيمس جفري، أكد في حزيران الماضي، أن “أسماء الأسد تشارك شخصيًا، وبوسائل عديدة، بـالأهوال التي تشهدها سوريا اليوم، ولذلك فُرضت عقوبات عليها، وليس لأنها زوجة الأسد”.
كما كان لافتًا إدراج “الفرقة الأولى” في قوات النظام السوري على القائمة، وقائدها زهير توفيق الأسد، ابن عم رئيس النظام، ما أثار تساؤلات حول تخصيص واشنطن هذه الفرقة بالعقوبات دون غيرها من الفرق والألوية العسكرية.
وخدم زهير الأسد بعد تخرجه من الكلية الحربية في “سرايا الدفاع”، التي كان يقودها رفعت الأسد، ثم تدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة لواء ركن، وعُيّن قائدًا لـ”الفرقة الأولى ميكانيك”، ويُتهم، بحسب موقع “مع العدالة”، بارتكاب جرائم في ريف دمشق الغربي، وحصار المناطق ومنع دخول المواد الغذائية، إلى جانب تكوين شبكة لتهريب النفط، عبر التعاون مع عناصر تنظيم “الدولة”، حيث امتلك أكثر من عشر محطات وقود في محافظة اللاذقية.
ووصف رايبرن “الفرقة الأولى” بأنها “بربرية لبشار الأسد في الجيش العربي السوري”، قائلًا إنه “بدلًا من القيام بدورها في حماية الشعب السوري، هاجمت، هي وغيرها من وحدات الجيش السوري، المدنيين بتجاهل قاسٍ للحياة البشرية”.
وأضاف أن “بعض الوحدات العسكرية طوّرت شبكات واسعة لتحويل المساعدة بعيدًا عن الشعب السوري، وفرض ضرائب على جميع السلع، أي ببساطة أثرت نفسها باستغلال بؤس الشعب السوري. والفرقة الأولى هي بالتأكيد مثال رئيس على هذا النوع من السلوك”.
لكن الرسالة من فرض عقوبات على “الفرقة الأولى” كانت موجهة إلى روسيا، التي عملت خلال الأعوام الماضية على دعم الفرقة بمعدات عسكرية في محاولة لتكون تحت إشرافها.
ففي أيلول 2018، ذكرت صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الروسية، أن وزارة الدفاع الروسية سلمت نماذج جديدة من ناقلة الجنود المدرعة “بي تي إر-70إم”، التي تحتوي على مدفع رشاش “كا بي في تي” عيار 14.5 ملم ومدفع رشاش “كلاشنيكوف” عيار 7.62 ملم، إلى “الفرقة الأولى” المدرعة في قوات النظام السوري.
وجاءت عملية التسليم حينها بعد أشهر من معارك درعا في الجنوب السوري، التي تسلّمت روسيا فيها زمام الأمور، وأشرف ضباط روس على العملية.
وإلى جانب العقوبات الأمريكية، تتعرض الفرقة، في بلدة الكسوة غربي دمشق، إلى قصف شبه متكرر من الطائرات الإسرائيلية، كان أحدثه في تموز الماضي.
وعود تصعيدية
بالنظر إلى المدة الزمنية الفاصلة بين الحزمتين من العقوبات، لم يتغير شيء على الأرض، فالنظام ما زال يصر بسلوكه على أنه “دولة ذات سيادة يحكمها الدستور”، وهو ما تجسد بإجراء انتخابات مجلس الشعب منتصف تموز الماضي، التي قال جيفري إنها “دلالة على عدم اهتمام النظام بشعبه، وهي خطوة تمثل استفزازًا كاملًا وحقيرًا ضد السوريين”.
واعتبر جيفري في مقابلة خاصة مع “راديو سوا”، في 22 من تموز الماضي، أن الانتخابات “تأكيد آخر على أن نظام الأسد الديكتاتوري المجرم غير مهتم بالشعب السوري”.
وحول مدى تأثير قانون “قيصر” على النظام السوري، أوضحت الناطقة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جيرالدين جريفيث، أن “تأثير قانون قيصر طويل الأمد”.
وقالت جريفيث لعنب بلدي في مراسلة إلكترونية، إن “نظام الأسد يواجه خيارًا بسيطًا متمثلًا باتخاذ خطوات لا رجعة فيها، باتجاه تنفيذ حل سياسي لإنهاء الصراع السوري بشكل يحترم حقوق الشعب السوري وإرادته، أو مواجهة مجموعات جديدة من العقوبات الخانقة”.
وأضافت أن واشنطن ستواصل إصدار مجموعات من العقوبات ضد نظام الأسد وممكّنيه الأجانب والمحليين، وأي جهة تعوق التوصل إلى حل سياسي للصراع في سوريا أو تمنع ذلك، وأن أمريكا “لن تكف عن إصدار هذه العقوبات إلى أن يوقف نظام الأسد حربه ضد الشعب السوري، وتنضم الحكومة السورية إلى حل سياسي وفقًا لما يدعو إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″، مؤكدة “لقد حان الوقت لينهي بشار الأسد حربه المروعة التي لا معنى لها على الإطلاق”.
ووعدت المتحدثة الأمريكية بفرض مجموعات إضافية من العقوبات على الأفراد والشركات التي تدعم النظام وتعرقل التوصل إلى حل سلمي وسياسي للصراع، خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، “وقد بات كثير من عمليات الإدراج الإضافية على لوائح العقوبات جاهزًا”، بحسب قولها.