تعد لجان حل الخلافات المنصوص على تشكيلها بموجب القانون رقم /10/ لعام 2018 لجانًا غير دستورية، وهي تشكل تجاوزًا للسلطة القضائية، كما أن الطعن بقراراتها لا يكفل للمواطنين حق الخضوع لإجراءات قضائية عادلة.
فقد نصت المادة الـ”14″ من القانون رقم /10/ لعام 2018، على تشكيل لجنة أو أكثر ذات اختصاص قضائي، (القانون رقم /23/ لعام 2015 نص أيضًا على تشكيل مثل هذه اللجان)، وهي تختص بالنظر في جميع الاعتراضات والادعاءات بالملكية أو بالمنازعات العينية على العقارات الداخلة في المنطقة التنظيمية، وتُحال إليها جميع الدعاوى المماثلة المتعلقة بالمنطقة القائمة أمام المحاكم التي لم يُبتّ فيها بحكم مبرم.
وتشكَّل هذه اللجنة خلال شهر واحد بعد انتهاء سنة ميلادية على إعلان صدور مرسوم إحداث المنطقة التنظيمية، وهي المدة التي أُعطيت لأصحاب هذه الحقوق أو من ينوب عنهم من وكلائهم القانونيين أو أقاربهم حتى الدرجة الرابعة للتصريح بحقوقهم، وذلك بموجب القانون رقم /42/ لعام 2018 المعدِّل لبعض مواد القانون رقم /10/ (إذ تم تعديل مدة التصريح بالملكية والحقوق العينية من ثلاثين يومًا إلى سنة).
تُقدم هذه الاعتراضات والادعاءات إلى الوحدة الإدارية التي تقوم بدورها بإحالتها إلى لجنة حل الخلافات، إذ تقوم هذه اللجان بالنظر في جميع الاعتراضات والادعاءات بالملكية أو بالمنازعات العينية، سواء سبق أن صُرح عنها خلال المهلة المحددة لتقديم الادعاء بالملكية أو الحقوق العينية، أم لم يتم ذلك، وتُحال إليها جميع الدعاوى المماثلة المتعلقة بالمنطقة القائمة أمام المحاكم التي لم يُبتّ فيها بحكم مبرم.
كما أن لأصحاب الحقوق الذين لم يتقدموا باعتراضاتهم أمام لجنة حل الخلافات الحق في الادعاء بشأنها أمام القضاء العادي، بعد انتهاء أعمال اللجان القضائية المنصوص عليها في أحكام هذا القانون.
وتُشكَّل لجان حل الخلافات بقرار يصدر عن محافظ دمشق، وتكون مؤلفة من:
- قاضٍ بمرتبة مستشار، يسميه وزير العدل رئيسًا.
- ممثل لمديرية المصالح العقارية في المحافظة من حملة الإجازة في الحقوق، يسميه المدير العام عضوًا.
- ممثل عن محافظة دمشق من حملة الإجازة في الحقوق، يسميه المحافظ عضوًا.
ويجب ألا تقل خدمة ممثل كل من المديرية العامة للمصالح العقارية ومحافظة دمشق في الدولة عن عشر سنوات من تاريخ حصولهما على شهادة الإجازة في الحقوق.
وأعطى القانون لهذه اللجان في سبيل الفصل بالادعاءات أو المنازعات المقدمة أو المحالة إليها، جميع الاختصاصات التي تتمتع بها المحكمة المختصة أصلًا بالنظر في النزاع، وهي تتمتع بصلاحيات قضائية كاملة، ومعفاة من التقيد بقانون أصول المحاكمات، كما أنها تُصدر قراراتها باسم الشعب العربي السوري.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن تشكيل هذه اللجان من قاضٍ واحد وعضوية اثنين من موظفي السلطة التنفيذية، يُعتبر تجاوزًا صريحًا للسلطة القضائية، إذ نص الدستور السوري في المادة “51” الفقرة (3) و(4) على أن:
– حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون، وتكفل الدولة المساعدة القضائية لغير القادرين وفقًا للقانون.
– يُحظّر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
وإذا كان الهدف من هذه اللجان هو سرعة البتّ في النزاعات حول الحقوق العقارية بالمناطق الخاضعة للتنظيم، كان من الأجدر أن تُشكّل من ثلاثة قضاة لضمان أن تكون قراراتها صادرة عن قضاة مختصين يمثلون السلطة القضائية.
من جهة أخرى، يتم الطعن بقرارات هذه اللجان أمام محكمة الاستئناف المدنية في المحافظة وفق المواعيد والأصول المتبعة باستئناف قرارات قاضي الأمور المستعجلة، وتفصل محكمة الاستئناف في غرفة المذاكرة بالطعن بقرار مبرم، وإن الفصل بهذه الطعون في غرفة المذاكرة بناء على الاختصاص الولائي للمحكمة يحرم الأشخاص من تقديم دفوعاتهم أمام محكمة الاستئناف، الأمر الذي قد يضر بحقوق المواطنين.
ولا بد من التأكيد على أن الملكية الفردية مصونة في الدستور السوري، وهي أحد الحقوق الأساسية للأفراد، وتعد السلطة القضائية الضامن الأساسي لحماية هذه الملكيات، لكونها الجهة المنوط بها تحقيق العدالة وإعادة الحقوق لأصحابها.
–