جريدة عنب بلدي – العدد 36 – الأحد – 28-10-2012
بعد أن انبرى الإبراهيمي وهو «يخرفق» من دولة إلى أخرى بحثًا عن دعم لهدنته التي اقترحها ووافق عليها النظام، وهو يمثل دوره بكل احترافية أمام المجتمع الدولي، وكانت موافقة الأسد «المشروطة» توحي وبكل تأكيد أن خيانة الأسد ستطفو على السطح، وسيكشر عن أنيابه كعادته التي بات السوريون يحفظونها عن ظهر قلب. قرر الأسد خرق الهدنة.
ففي أول أيام عيد الأضحى، اليوم الأول للهدنة، تم تسجيل أكثر من 220 حالة خرق للهدنة في سوريا، وأكثر من مائة شهيد وعشرات الجرحى على طول امتداد البلاد، فلا قصف المدافع توقف، ولا رصاص البنادق هدأ أزيزه، ولا طائرات النظام حطت رحالها لتركن إلى الهدنة التي قال الأسد أنه قد وافق عليها. ونتيجة خرق النظام للهدنة، نفذ قادة الجيش الحر ما وعدوا به حين أكدوا عزمهم على الرد في حال خرق النظام الهدنة.
ومع دخول الهدنة حيز التنفيذ التزم الثوار بها، رغم يقينهم بأن النظام لن يلتزم بها كما لم يلتزم بوعود قطعها قبل ذلك خلال أيام الثورة السورية، هذا إن لم نعد للوراء إلى ما يزيد عن أربعين عامًا. وحشد الثوار لمظاهرات عارمة جابت البلاد من درعا في أقصى الجنوب إلى عامودا في أقصى الشمال الشرقي للتأكيد على مطالبهم التي خرجوا من أجلها منذ البداية، إلا أن مكر النظام قد سبقهم، قصفٌ في معرة النعمان والقرى المجاورة لها، وتفجيرٌ في درعا المحطة وآخر في حي الزهور في دمشق، وإطلاق للنار على متظاهرين في إنخل في درعا، وتفريق لمظاهرة بالقوة في الرقة وصواريخ هزت محيط مسجد خالد بن الوليد في حمص وغيرها من الانتهاكات التي باتت سمة فارقة لنظام الأسد.
ويبدو أن هدنة الإبراهيمي التي حاول إهداءها للسوريين في أيام العيد، قد سارت على خُطى خطة سلفه كوفي عنان، الذي خرج من سوريا بخفي حنين بعد أن صال وجال ولم يترك أمرًا إلا وجربه لإنجاح خطته الفاشلة. وإلى اللحظة لم تتوقف خروقات النظام، وكيف يجرؤ على التوقف عن مسلسل إجرامه ولو للحظة واحدة؟؟!! كيف له أن يترك السوريين ليعيشوا لحظاتهم دون خوف أو رعب من قذائف طائشة أو طائرات ميغ تحلق فوق رؤوسهم؟؟!! أويتركهم يجوبون الشوارع بمليونيات كما كان سابق عهد الثورة؟؟ أيترك الثوارَ ليصلوا إلى الساحات، والجيش الحر يطبق سيطرته على المدن والأحياء التي سيطر عليها فيحشر الأسد في «خانة اليك» وينتظر أن يصيح بوجهه أحدهم قائلًا: «كش ملك»!!
من المستحيل أن يقبل الأسد بهدنة مهما قصرت مدتها، فهو يعيش حالة من رعب بات يخامره ليل نهار من وصول الثوار إلى الساحات واقترابهم من تحقيق أهدافهم في حال توقف رصاص الأسد ليوم واحد فقط، فهو يعلم علم اليقين أن سقوطه بات قاب قوسين أو أدنى، وما عملياته العسكرية إلا مجرد محاولات بائسة لإطالة عمر بقائه لأيام معدودات أخرى… وهو سيستمر في قصف المدن السورية للقضاء على أكبر قدر من السوريين علّه يصل إلى مبتغاه في القضاء على ثورة سطرها السوريون بدمائهم ولم يستطع أن يقف بوجهها لا عنف الأسد ولا وقوف العالم الدولي برمته إلى جانب نظام وحشي قمعي «نيروني» طوال تسعة عشر شهرًا.