جريدة عنب بلدي – العدد 36 – الأحد – 28-10-2012
في محاولة منه للتظاهر بالشرعية التي فقدها منذ أن بدأ بشن حرب على شعبه، واستكمالًا للعبة الهدنة وخطة الإبراهيمي، الذي طالبه بإطلاق سراح المعتقلين، أصدر بشار الأسد مرسومًا تشريعيًا يقضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 23 تشرين الأول 2012 لكنه استثنى الجرائم التي تتعلق بالإرهاب والسلاح والفارين والمتوارين عن الأنظار!! إلا إذا قاموا بتسليم أنفسهم خلال مدة أقصاها ستون يومًا، وهو يقصد بهذا الاستثناء النشطاء في الثورة السورية.
وعفو الأسد المزعوم هذا ليس هو الأول خلال الثورة السورية، فقد أصدر سابقًا ولأكثر من مرة مراسيم عفو شملت رواد السجون من القتلة والمجرمين وتجار المخدرات!! فيما احتفظ بالمعتقلين الذين غصت بهم سجونه ممن طالبوا بحريتهم وكرامة بلادهم. عفو أراد منه الظهور إعلاميًا بمظهر الحاكم الشرعي للبلاد وبأنه ملتزم بتطبيق كافة الشروط التي يطالبه بها المجتمع الدولي فلا يحكمنّ أحد عليه بأنه فاقد للشرعية أو بأنه لا يقوم بتنفيذ ما يطلب منه!! وإن كان من خطأ يرتكب في سوريا، فابحثوا عن عصابات مسلحة..
وكي يلمع صورة الأسد «إعلاميًا» قال وزير العدل نجم حمد الأحمد بأن قرار العفو يأتي في إطار التسامح الاجتماعي والوحدة الوطنية ومتطلبات العيش المشترك وبمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، واعتبر أنه يمثل خطوة في سلسلة متصلة أعلن عنها «الرئيس» الأسد في أكثر من مناسبة!! فعن أي تسامح ووحدة يتحدث وزير «العدل» وانتهاكات النظام لم تتوقف منذ سنة وسبعة أشهر!! وهو الذي لم يحترم حرمة العيد بل عمد لارتكاب أفظع الجرائم خلال أيام العيد التي اختارها هدية يقدمها للشعب لقاء مطالبته له بحقوقه المشروعة حتى فاقت جرائم الأسد ومجازره التي ارتكبها في معظم المدن السورية كل المجازر التي ارتكبت في تاريخ الإنسانية وأدانتها تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان؟؟!!
والأسد يعلم جيدًا أن لا أحد من السوريين ينتظر عفوًا منه البتة، أولًا لأنه المجرم الأول في البلاد فكيف له أن يصدر عفوًا!! وثانيًا أن قرار العفو لم يشمل أيًا من معتقلي الرأي في سوريا وبأن قلة قليلة جدًا من المعتقلين خرجوا من سجون النظام بعد صدور القرار ومازال بقية المعتقلين، الذين قارب عددهم المائة ألف، مغيبين في أقسى الظروف الإنسانية فقط لأنهم طالبوا بحريتهم في التعبير عن رأيهم ضمن حقوق بديهية أخرى وهم مستثنون من القرار لأنهم متهمون بالإرهاب وبحمل السلاح، حتى رواد الحراك السلمي منهم!! والتهم الموجهة لهم تتراوح ما بين حيازة دبابة من دون ترخيص!! إلى الاتجار بالسلاح إلى تمويل المسلحين.
والعفو يبقى فقط مجرد زوبعة في فنجان أراد الأسد لها أن تتصدر شاشات التلفزة المحلية أولًا ليؤكد لداعميه الذين بات معدلهم في انحسار متسارع والخارجية ثانيًا ليؤكد للجميع بأن شرعيته قائمة وبأن إصلاحاته التي وعد بتطبيقها في بداية انطلاقة الثورة السورية تجري على قدم وساق لولا العقبات التي تضعها «العصابات المسلحة والمؤامرات الكونية والدول التي تدعم العصابات الإرهابية من أجل تشويه سمعته «البراقة» أمام الجميع في طريق تحقيقها فتجبره على السير في خطته لتدمير سوريا لا لشيء إلا لتطهيرها من فلول الإرهابيين!!