في بلادنا شيء ما.. يشبه التحكيم

  • 2020/07/26
  • 10:21 ص
العميد فاروق بوظو ومفيد زهر الدين وعدنان بوظو والصحفي عبداللطيف البني (مجموعة الرياضيين القدامى/ فيس بوك)

العميد فاروق بوظو ومفيد زهر الدين وعدنان بوظو والصحفي عبداللطيف البني (مجموعة الرياضيين القدامى/ فيس بوك)

عروة قنواتي

أقتبس بعض التوصيفات من لوحة فنية لمسلسل سوري قديم، يروي فيها أحد الفنانين للآخر بأن “الدول المتطورة لديها كرة قدم، نحن لدينا شيء يشبه كرة القدم”.

يمكن إسقاط هذا التوصيف على كثير من أمور الحياة في بلادنا، دول العالم لديها برلمانات ولدينا شيء يشبه البرلمان، وهو ما ينطبق على جهاز الشرطة أيضًا وقطاع التعليم والصحة، لدينا ما يشبه هذه القطاعات ولكنها ليست كما يطمح المواطن أو يشاهد في الدول المتقدمة.

التحكيم الكروي أيضًا لدينا يشبه التحكيم الكروي في العالم، تشابه اللباس والصافرة والبطاقات الملونة واللجان المسؤولة والقواعد الدولية، ورغم أن الحكام موجودون بحقيقتهم، وفي حقبة معينة أثبتوا جدارتهم في محافل دولية وقارية وعالمية، فإن حالة الشبه هنا يجري إسقاطها على الحلقة الأضعف وعلى التكتل الأمني والعسكري فوق رقاب التحكيم الكروي، ما يجعله هشًا كستارة ممزقة على شباك تطاير زجاجه منذ فترة طويلة.

لا عناية ولا حماية ولا كلمة فصل بحق التحكيم، تهديدات وتطاول ومؤامرات واستقطاب أسماء بتاريخ مقرف، وعبث بأيادٍ مختلفة مارست إجرامها على الشعب السوري لسنوات طويلة (حزبية وعسكرية وأمنية وسلطوية)، كل هذا يصب في جملة لدينا ما يشبه التحكيم الكروي في العالم.

استعرض زملائي في العدد الماضي من عنب بلدي، ومن خلال ملف عن التحكيم الكروي، شهادات لحكام دوليين خارج سوريا، ذكروا في قصصهم وإشاراتهم غيضًا من فيض، ولكونك بحاجة دائمًا إلى وثيقة في النشر ليكون القارئ دائمًا على اطلاع، ولكون المساحة لا تكفي لربع قصص التحكيم السوري والتطاول السافر الذي مارسته الأجهزة الأمنية والحزبية على سلك التحكيم منذ عدة عقود، فلا بأس من إشارات هنا ضمن الزاوية الرياضية لروايات سريعة سمعتها وسمعها غيري عن مباريات فُصّلت نتائجها على مقاس بعض الفرق، كما حدث في مطلع التسعينيات بمباراة فريقي جبلة والحرية، التي مدد وقتها الإضافي الحكم الرئيس، واقتربت الشمس من الغياب الكامل ولا أضواء في الملعب، حتى استطاع فريق جبلة الحصول على هدف التعادل (لم يكن بإمكان طاقم التحكيم إلا التنفيذ والتعايش مع المطلوب، وإلا لن تخرج سالمًا من ملعب البعث في جبلة).

وفي أحد المواسم تعرض الحكم الدولي جمال الشريف لإهانة داخل الملعب من فواز الأسد شخصيًا (ابن عم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المعروف بأنه كبير محبي نادي تشرين)، مع توجيه اتهامات للشريف بأنه “مشبوه سياسيًا” وسيقوم بتربيته قريبًا.

كما أنه من المعروف للعاملين في الوسط الرياضي الكروي السوري، ومنذ سنوات طويلة، ارتباط اسم الحكم الدولي نزار وتة بجداول التحكيم عندما يكون مسؤولًا عنها، وأين توضع الجداول، وكيف يجري اختيارها في محل الأجبان والألبان الذي كان يملكه سابقًا في حلب، حيث كانت تفصّل قضايا التحكيم والشخصيات التي ستدير المباريات لأسبوع أو لأسابيع متعددة.

ملخص القول، إن الأزمات الأخيرة التي ملأت وسائل التواصل الاجتماعي عن إضراب بعض الحكام وتناحر ممثل هيئة الإعداد البدني للجيش ورئيس لجنة الحكام، زكريا قناة، مع ممثل مؤسسة الشرطة ورئيس اتحاد كرة القدم، العميد حاتم الغايب، بما يشي بصراع أكبر بين المؤسستين تدور رحاه خارج اتحاد كرة القدم، أمر ليس مفاجئًا ولا غريبًا، وإنما هو فصل من فصول الفساد الرياضي المستمر برغبة القيادة الرياضية والسياسية والعسكرية في سوريا.

لربما كانت الأصوات أعلى هذه المرة، ولكن التجارب تؤكد أنه لا تدخلات قارية أو دولية بما يحدث في الكرة السورية، وأن الإرث الذي تركه الجنرال فاروق بوظو سيبقى مستمرًا ولسنوات طويلة في سوريا من خلال ما يشبه الرياضة في العالم، وما يشبه كرة القدم، وما يشبه التحكيم الكروي.

وسلامتكم..

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي