عنب بلدي- علي درويش
نشطت تحركات قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، خلال الأسابيع الأخيرة، بعد “نجاح” المرحلة الأولى من الحوار الكردي- الكردي، وبدء المرحلة الثانية، حسبما أعلن أواخر أيار الماضي.
التقى مظلوم عبدي مع شيوخ ووجهاء العشائر العربية في مناطق سيطرة “قسد” شمال شرقي سوريا، كما التقى مع قائد القوات المركزية الأمريكية، الجنرال كينيث ماكينزي، وقائد القوات الروسية في سوريا، أليكساندر تشايك، خلال تموز الحالي.
وكانت “قسد” بدأت، مدفوعة بدعم أوروبي وأمريكي، تحركات بهدف تقريب وجهات النظر بين الأحزاب الكردية السورية، وإنهاء حالة القطيعة بين الأطراف المتخاصمة، لا سيما “حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)وأحزاب “المجلس الوطني الكردي”.
وجاءت الاجتماعات الكردية- الكردية، عقب مبادرة أطلقها عبدي، في 9 من تشرين الأول 2019، وتضمنت إزالة العوائق القانونية أمام “المجلس الوطني الكردي”، الذي يحظى بتوافق مع أنقرة، في مناطق سيطرة “قسد”، التي تعتبرها تركيا حركة انفصالية وامتدادًا لحزب “العمال الكردستاني” المحظور والمصنف إرهابيًا.
وعُقدت عدة اجتماعات بين الأحزاب الكردية، دون الإفصاح عن نتائجها، لكنها تُرعى من بعض الدول وخاصة من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
تخوّف المكوّن العربي من الحوار.. الحل الأسلم التعاون مع “قسد”
الباحث في مركز “عمران للدراسات” والمتخصص في الشأن الكردي بدر ملا رشيد، أوضح، في حديثه لعنب بلدي، أن وراء اللقاءات المتكررة بين عبدي ووجهاء وشيوخ العشائر عدة أسباب، ومع بدء الحوارات الكردية- الكردية، زادت حدة التوتر في المناطق العربية ضمن “الإدارة الذاتية”، ما يعكس أن الحوارات الكردية- الكردية ستكون على حساب العرب في المنطقة.
كما أن موضوع المناهج المفروضة من “الإدارة الذاتية”، التي تلقى رفضًا شعبيًا منذ فرضها سواء من الكُرد أو العرب، زاد التوتر وبالأخص في منطقة ريف دير الزور الشرقي، حيث خرج الأهالي بمظاهرات رفضًا للمناهج، كما اعتصم معلمون اعتراضًا عليها.
وحاليًا، يبدو أن قيادة “قسد”، وعبر الدعم الأمريكي المستمر، استطاعت إلى الآن استيعاب بعض مخاوف العشائر العربية، كما أن الجزء الأكبر من هذه العشائر يرفض عودة النظام، لذا تبقى “قسد” بالنسبة لها بديلًا مقبولًا إلى حين حدوث نوع آخر من الاتفاقات لإدارة المنطقة، حسب الباحث بدر ملا رشيد.
وعقد مظلوم عبدي عدة اجتماعات مع وفود من العشائر العربية، خلال الأسبوعين الماضيين، بهدف بحث تطورات المنطقة.
أحدث اللقاءات كان في 18 من تموز الحالي، حيث عقد اجتماعًا مع شيوخ ووجهاء عشيرة “البكارة”، وسبقه في 15 من الشهر نفسه، اجتماع مع شيوخ عشائر منطقة دير الزور، وطلب شيوخ العشائر، خلال الاجتماع، بتشديد “قسد” الأمن والحفاظ على الاستقرار في مناطق دير الزور، ومنطقة شحيل بريفها الشرقي بشكل خاص، وسط تخوّف من عودة نشاط خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في المنطقة.
وفي 4 من تموز الحالي، اجتمع عبدي مع شيوخ عشائر مدينة الرقة، وتطرق وجهاء العشائر إلى الوضع الاقتصادي والمعيشي في المدينة، وتشديد القبضة الأمنية في المناطق الواقعة على تماس مع مناطق النظام، وإعادة النظر في ملف المساجين الذين “لم تتلطخ أيديهم بالدماء”.
أيضًا في 22 من حزيران الماضي، اجتمع عبدي مع شيوخ ووجهاء عشائر مدينة الطبقة بالرقة، وذلك حسب بيانات صادرة عن الموقع الرسمي لـ”قسد”.
روسيا وأمريكا تناوران لضمان نفوذ أكبر في سوريا
تحاول روسيا، حسب الباحث بدر ملا رشيد، الاتفاق مع قيادة “قسد”، لمنحها نفوذًا أكبر في المنطقة على حساب الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه النقطة كانت أحد أسباب زيارة قائد القوات المركزية في الجيش الأمريكي، كينيث ماكينزي، لمظلوم عبدي، في 11 من تموز الحالي، بالإضافة إلى الملف الأمني.
والجانب الروسي من جهته يحاول النفوذ للمنطقة بشكل أكبر، سواء بمحاولة تشكيل فصيل من عشائر المنطقة، أو دفع بعض موالي النظام لإزعاج الدوريات الأمريكية، بالإضافة إلى قيام الدوريات الروسية نفسها بذات الأمر، ويضاف إليها محاولات روسيا الاتفاق مع “قسد” على تضييق المنطقة على الجانب الأمريكي مقابل منحها سلطة محلية أوسع، لكن الولايات المتحدة وموسكو تحافظان على توازن قوى في المنطقة، حسب الباحث.
أما بخصوص “قسد” فهناك عدة عوامل حافظت من خلالها على علاقات جيدة مع روسيا وأمريكا، منها انضباطها العسكري، وترجيحها من حيث المبدأ الاصطفاف مع قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة”.
وفي نفس الوقت تتجنب القوات تصنيف النظام حليف روسيا على أنه جهة يجب أن تحارَب، بل يمكن التعاون مع النظام في حال قررت الولايات المتحدة الانسحاب بشكل كامل، كما أن “قسد” ترى في روسيا قوة عظمى تستطيع أن تدفع بالنظام ليعترف بشكل من أشكال الحكم الذاتي.
وإلى الآن، لا تزال الولايات المتحدة الجهة الرئيسة التي تتحكم بنسبة كبيرة في قرارات “قسد”، ويعود ذلك إلى أن فكرة تشكيل “قسد” جاءت بدفع من الولايات المتحدة، وهي التي جعلت منها الحليف المحلي لقوات “التحالف الدولي”، كما تقدم الولايات المتحدة الجزء الأعظم من الميزانية العسكرية لـ”قسد”.