عنب بلدي – خاص
تستمر تركيا بمحاولة إعادة ترتيب أوراقها العسكرية في إدلب شمالي سوريا، ودمج الفصائل العسكرية تحت مظلة وقيادة عسكرية واحد بعيدًا عن التعددية الفصائلية، تحسبًا لأي تصعيد ومواجهة عسكرية قد تحدث في أي لحظة بالمنطقة من قبل النظام السوري وداعميه روسيا وإيران.
عملت تركيا منذ تعزيز وجودها في الشمال، عبر إدخال أرتال عسكرية ضمت آلاف العناصر والأسلحة الثقيلة، على إنشاء هيكلية جديدة للفصائل وإنشاء تشكيل عسكري جديد بين الفصائل و”هيئة تحرير الشام”، لكن هذا التحرك لم يُترجم على الأرض في ظل تعنّت بعض الأطراف ورفضهم أي عملية اندماج.
اندماج لكن بطريقة مختلفة
في ظل توقعات بانتهاء الهدوء في إدلب وعودة المعارك والتصعيد العسكري من قبل روسيا، وهو ما دلت عليه الحشود العسكرية للنظام على جبهات القتال إلى جانب التصعيد الروسي الأسبوع الماضي، عاد الحديث عن لقاءات بين قادة الفصائل في “الجيش الوطني” وضباط أتراك بهدف التوصل إلى هيكلية واحدة.
وبحسب مصدر عسكري من “الجبهة الوطنية للتحرير”، طلب عدم ذكر اسمه، فإن قادة الصف الأول في “الجيش الوطني” اجتمعوا قبل أيام مع ضباط أتراك لبحث تشكيل جسم عسكري جديد، دون توضيحات أكثر بشأن آلية التشكيل.
وقال المصدر لعنب بلدي، إن مشروع الاندماج ليس جديدًا وإنما عملت عليه تركيا خلال الأشهر الماضية، مؤكدًا وجود جدية في الوقت الحالي بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف العسكرية.
من جهته، أوضح القيادي في “الجيش الوطني السوري”، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، لعنب بلدي أن هناك جدية حاليًا بشأن عملية دمج الفصائل، لكن حتى الآن لا يوجد شيء على الأرض.
وأكد عبد الرزاق أن الحديث كان بشأن تشكيل جسم عسكري واحد في جميع المناطق المحررة، بقيادة ضباط وبتنظيم عسكري، لكن كانت هناك عقبات كثيرة، في حين توجد محاولات الآن للوصول إلى جسم كهذا رغم تضارب التصريحات.
وجرت اجتماعات بين مختلف الجهات من فصائل وتشكيلات وضباط وجهات سياسية معارضة، بحسب عبد الرزاق، لكن حتى الآن لا يمكن الحديث عن شيء جديد، إلا إذا شاهدنا خطوات حقيقية على الأرض.
وتحدث عبد الرزاق عن وجود عقبات في طريق تشكيل الجسم العسكري، لكنه أكد وجود غرفة عمليات واحدة.
وبحسب معلومات عنب بلدي، فإنه لا وجود لغرفة عمليات جديدة، وإنما يدور حديث بشأن تشكيل لجنة عليا مكونة من عدة فصائل تشرف على العمليات العسكرية، وعلى توزيع مكونات مختلف الفصائل وضبط مستوى المعسكرات، وهو ما أكده مسؤول المكتب الإعلامي في “هيئة تحرير الشام”، تقي الدين عمر.
وقال تقي الدين، في مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، إن “اللجنة مكونة من فصائل (الفتح المبين)، تشرف على الرباط وتوزيع قوات مختلف مكونات الغرفة، وتضبط مستوى المعسكرات، والإسناد الناري، وتوزيع الألوية العسكرية وجاهزيتها وتحصين الجبهات، كما تطور مختلف الصنوف والأعمال العسكرية”.
وتضم غرفة عمليات “الفتح المبين” كلًا من “هيئة تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير” المنضوية ضمن “الجيش الوطني السوري” إلى جانب “جيش العزة”.
وبدأت الفصائل العسكرية العاملة في المنطقة خلال الأشهر الماضية، وعقب الاتفاق التركي- الروسي على وقف إطلاق النار في 5 من آذار الماضي، بالعمل على دراسة الحملة العسكرية الأخيرة التي أدت إلى سيطرة قوات النظام على مدن استراتيجية في ريف إدلب الشرقي والجنوبي، واكتشاف الثغرات على جبهات القتال.
تصعيد عسكري مرتقب
يتزامن التحرك لدمج الفصائل العسكرية في جسم واحد، مع توقعات بعودة المعارك إلى الشمال السوري، بعد قرابة خمسة أشهر من الهدوء، باستثناء بعض خروقات النظام.
وتوقع القيادي عبد السلام عبد الرزاق، أن تكون المعركة المقبلة في حال وقوعها في جنوبي طريق حلب- اللاذقية (M4)، لكنه استبعد أن تكون قريبة.
من جهته، توقع المتحدث باسم الجناح العسكري في “الهيئة”، “أبو خالد الشامي”، في مقابلة مع شبكة “إباء”، التابعة لـ”الهيئة”، في 19 من تموز الحالي، بدء قوات النظام السوري، مدعومة من روسيا، بعمل عسكري في جبل الزاوية بريف إدلب في أي لحظة.
وقال الشامي، إن النظام السوري رمّم أسلحته وأجرى أعمال التمويه على السلاح ليخفيه، مضيفًا أن “الهيئة” تتوقع بدء عمل عسكري في أي لحظة، وتراقب جبل الزاوية، وسط استقدام قوات النظام وروسيا العديد من القوات على تخوم جبل الأربعين وسراقب وجبهات كبانة بريف اللاذقية.
كما أرسلت غرفة عمليات “الفتح المبين” تعزيزات عسكرية إلى محاور التماس مع قوات النظام السوري والميليشيات الرديفة جنوبي إدلب.
وقال المتحدث الرسمي باسم “الجبهة الوطنية للتحرير”، النقيب ناجي مصطفى، لعنب بلدي، إن الفصائل العسكرية أرسلت تعزيزات إلى محاور القتال جنوبي إدلب، وعززت المواقع الدفاعية فيها.
ويترقب أهالي الشمال السوري بحذر ما ستؤول إليه الأيام المقبلة، وسط تخوف من عودة المعارك والتصعيد العسكري مجددًا، خاصة في ظل معاناتهم من الواقع المعيشي المتردي إلى جانب انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) ووصول عدد المصابين إلى 23 شخصًا.