العيد على أبواب السوريين.. لا يملكون ثمن أضحيته

  • 2020/07/26
  • 12:00 ص

سوق الغنم بريف ادلب الجنوبي - 28 كانون الثاني 2018 (عنب بلدي)

عنب بلدي – زينب مصري

مع اقتراب عيد الأضحى، لا يجد كثير من المواطنين السوريين قدرة مالية على شراء الأضاحي، إذ أثّرت تقلبات الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، خلال الأشهر القليلة الماضية، على مفاصل الحياة الاقتصادية والمعيشية لكثير من السوريين بمختلف جغرافيا الصراع في سوريا.

في مناطق الشمال الغربي لسوريا، حيث نفوذ المعارضة السورية، خفّض ارتفاع الأسعار إقبال المواطنين بشكل كبير على ذبح أضاحي العيد، نتيجة “لضيق الحال والفقر” بسبب قلة فرص العمل، فالأشخاص الموجودون في مدن وبلدات الشمال “بحاجة لتُوزع الأضاحي لهم، لا أن يذبحوا هم الأضاحي”، بحسب تاجر المواشي وأحد سكان قرية قورقينا رضوان فطراوي.

ما الأسعار للعام الحالي؟

تحدث رضوان لعنب بلدي عن أسعار المواشي، وقال إن سعر كيلو الخروف “المُسمّن” أو الكبش المُعد للأضحية يبلغ 8500 ليرة سورية، ويختلف بحسب السوق، ويبلغ كحد أدنى ثمانية آلاف ليرة سورية.

ويتراوح سعر الخروف بين 600 و700 ألف إذا كان وزنه يتراوح بين 60 و70 كيلوغرامًا، بينما يتراوح سعر كيلو لحم العجل بين 6500 وسبعة آلاف ليرة سورية.

ويصل سعر العجل بوزن يتراوح بين 500 و600 كيلوغرام، إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية، ما اعتبره التاجر رضوان مبلغًا كبيرًا بالنسبة لمتوسط دخل العائلات السورية في الوقت الحالي.

ويصل سعر صرف الدولار إلى 2010 ليرات سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم”، المتخصص بأسعار العملات.

وأضاف رضوان، “لا أحد يستطيع شراء أضحية بهذه القيمة أو تأمين ثلاثة ملايين ليرة سورية، لذلك سيكون عدد الأضاحي قليلًا مقارنة بالسنوات السابقة”.

وبالمقابل، يشتكي المربي أو صاحب الأغنام، عند بيعه الخروف بعد تربيته بتكلفة مرتفعة بسبب غلاء أسعار الحبوب والعلف، من بيعه بقيمة رأس المال أو بهامش ربح قليل جدًا، على الرغم من ارتفاع الأسعار بشكل عام، بحسب رضوان.

العلف والتهريب من الأسباب

يرى تاجر المواشي أحمد الحبيشي، المنحدر من الغوطة الشرقية في ريف دمشق، أن السبب الرئيس لارتفاع أسعار الأضاحي، إلى جانب ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، هو زيادة الطلب على الأضاحي وسط غيابها من السوق بسبب عمليات التهريب إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري وإلى العراق.

وتأثرت تربية المواشي في مناطق الشمال الغربي السوري بسبب خسارات في المساحات الزراعية تكبدها السكان، نتيجة المعارك وموجات النزوح التي شهدتها تلك المناطق.

ودفعت خسارة تلك المساحات المربين إلى نقل مواشيهم من المناطق التي تعرضت للقصف إلى مراعٍ آمنة نسبيًا، لكنها أضيَق، ما أجبرهم على بيعها بأسعار “قليلة” لتجار هربوها إلى مناطق سيطرة النظام السوري، و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بحسب ما قاله تاجر الأغنام محمد خير المحمد في حديث سابق لعنب بلدي.

وانخفض اعتماد الأغنام على المراعي، وزاد اعتمادها بشكل أكبر على العلف، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف تربيتها، بحسب التاجر، إذ يتراوح سعر طن الشعير حاليًا بين 400 و500 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل 2500 ليرة)، والتبن بين 100 و125 ألف ليرة، بينما كان سعر طن الشعير في عام 2019، 80 ألفًا.

ولا يقتصر تهريب الأغنام والمواشي على محافظة إدلب بل يمتد إلى كل المناطق السورية، بينها ريف حلب الشمالي والجزيرة السورية التي تشهد عمليات تهريب إلى كردستان العراق.

ارتفاع أجرة القصّابين

كما الحال في مناطق الشمال الغربي لسوريا، ارتفعت أسعار المواشي في مناطق الشمال الشرقي، الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية”، بنسبة تقارب 467% مقارنة بأسعارها في 2019، الذي تراوح سعر الكيلو الواحد من لحم فيه بين 1200 و1500 ليرة سورية، بينما يتراوح في العام الحالي بين 7000 و7500 ليرة سورية.

ولا يتوقع القصاب حسين الزكريا، المنحدر من مدينة الرقة، إقبال السكان على الأضاحي في العام الحالي، وأرجع ذلك لارتفاع الأسعار وصعوبة الظروف المعيشية التي يعيشها سكان المدينة، بالإضافة إلى تهريب المواشي وارتفاع أجور نقلها.

واعتاد حسين، وهو يعمل على ذبح أضاحي العيد منذ أكثر من 20 عامًا، تسجيل أسماء ومواعيد الزبائن الذين كانوا يستعدون لذبح الأضاحي قبل عيد الأضحى بأسبوع على الأقل، لكنه لاحظ في العام الحالي عزوف زبائنه عن الذبح بسبب ارتفاع أسعارها، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وكان يحصل على مبلغ 2500 ليرة سورية أجرة له مقابل ذبح الأضحية في عام 2019، وارتفعت الأجرة في العام الحالي لتتراوح بين أربعة وخمسة آلاف ليرة للذبيحة الواحدة.

“سنّة لا تتماشى مع سوء الأوضاع”

“سنة الأضاحي لا تناسب أهل الرقة الذين يعيشون أسوأ أيامهم”، بهذا القول روت مريم العبد الله من سكان حي الرميلة شمال شرقي مدينة الرقة، عدم قدرة عائلتها على ذبح أضحية العيد في العام الحالي.

إذ ينعكس التضخم وغلاء الأسعار على السوريين في الداخل السوري على اختلاف مناطقهم، وعلى اختلاف الجهة المسيطرة على تلك المناطق.

واشتكت مريم في لقاء مع عنب بلدي من انخفاض الأجور التي يتقاضاها الموظفون لدى “الإدارة الذاتية” أو الموظفون في مؤسسات النظام السوري، مضيفة أن تلك الرواتب بالكاد تسد احتياجات العائلة من الخبز، ولا تسمح بشراء أضحية العيد.

رخصة وبدل منفعة

في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، وتحديدًا في العاصمة دمشق، يتراوح سعر كيلو الخروف البلدي الحي بين 6300 و6500 ليرة سورية، وسط توقعات المربين بارتفاع أسعار اللحوم أكثر مع اقتراب عيد الأضحى.

ولا يزال إقبال سكان المدينة على لحوم الأضاحي “ضعيفًا”، بحسب تصريح رئيس “الجمعية الحرفية للحامين” بدمشق، أدمون قطيش، لموقع “الاقتصادي” المحلي، في ظل قرارات لمحافظة دمشق تفرض على القصّابين دفع بدل عن عملهم في فترة العيد، وتنظم ذبح الأضاحي ضمن المحلات وتمنع ذبحها على أرصفة الطرقات.

وأصدر المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق قرارًا يقضي بمنح رخصة ذبح الأضاحي للقصّابين المرخّصين ضمن محلاتهم في مدينة دمشق خلال فترة العيد للعام الحالي، بعد توقيع تعهّد خطي، وفقًا لما نقلته صحيفة “تشرين” الحكومية.

ويلزم هذا القرار القصّاب بدفع “بدل منفعة” لمصلحة صندوق محافظة دمشق بقيمة 40 ألف ليرة سورية، عن فترة العيد فقط، بشرط أن يكون القصّاب حاصلًا على ترخيص مزاولة مهنة القصابة.

وأرجع قطيش انخفاض أسعار اللحوم في دمشق مقارنة بالمحافظات الحدودية بسبب تهريب رؤوس المواشي إلى العراق وأربيل، وتترواح، بحسب تصريحه لصحيفة “تشرين”، أعداد الرؤوس المهربة بين ألف وألفي رأس غنم يوميًا، وفي بعض الأيام تتضاعف الكمية إلى أربعة آلاف رأس في حال كان “الطريق مؤمّنًا”.

قطيش الذي أشار إلى أن إحصائيات التهريب ليست “دقيقة”، لفت إلى أن عمليات التهريب باتجاه لبنان أكبر، وتجري من خلال حصول المربي على بيان جمركي لبيعها في مدينة حمص، وتُهرب باتجاه لبنان عند وصولها إلى المدينة، وخاصة خلال الفترات التي تمنع فيها عمليات التصدير.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية