عنب بلدي – إدلب
حتى عام 2018، كان غطاس واحد يعمل في مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا هو مصطفى النجار، لكن بعد تدريب كوادر “الدفاع المدني” وصل العدد إلى 43 غطاسًا.
انضم مصطفى النجار إلى فريق التدريب في “الدفاع المدني السوري” المكوّن من خمسة أشخاص عملوا سابقًا غطاسين في فوج إطفاء حلب، وخضعوا لدورة ضفادع بشرية، وهم نواة الغطس في مناطق سيطرة المعارضة، حسبما تحدث به لعنب بلدي.
وفي عامي 2019 و2020 درب فريق الغطس 26 غطاسًا في الريف الشمالي (ريف حلب)، إضافة إلى 20 آخرين تخرجوا في محافظة إدلب قبل ثلاث سنوات، ويوجد حاليًا 43 غطاسًا في مناطق المعارضة شمالي سوريا، حسبما أفاد به مدير التدريب في “الدفاع المدني”، حسام بدوي، لعنب بلدي.
وتوزع الخريجون على دورة مديرية حلب الأولى، ودورة ثانية في مراكز “الدفاع المدني” القريبة من المسطحات المائية، كمراكز عفرين وجنديرس وراجو وشران بالقرب من بحيرة “ميدانكي” في ريف حلب الشمالي الغربي، ومركزي الغندورة وجرابلس (على نهر الفرات) شمال شرقي حلب.
13 غطاسًا من بين 80 متقدمًا
أنهى “الدفاع المدني” دورة الغطس الثانية، في 21 من تموز الحالي، بريف حلب، التي أطلقها في 9 من نفس الشهر، وأهّل فيها 13 غطاسًا، اختيروا من بين 80 متقدمًا، بعد زيادة حالات الغرق في المسطحات المائية والأنهار.
وقُبل المتدربون بناء على الرغبة أولًا، ثم خضعوا لفحص طبّي شامل، للتأكد من خلوهم من الأمراض المزمنة، أو التي تمنعهم من الغوص في المياه.
واختير المتقدمون أصحاب المهارة في السباحة، وخضعوا لفحص سباحة في بحيرة “ميدانكي” الصناعية التابعة لسد “17 نيسان” في عفرين بريف حلب الشمالي الغربي.
ماذا تضمّن التدريب
تدرّب المتطوعون على استخدام معدات الغوص بشكل صحيح، والتعامل معها في حال تعطلت تحت الماء، والمدة التي يستطيعون خلالها البقاء في القاع، كما تعرّفوا إلى طرق الاستدلال بتضاريس البحيرات والمسطحات المائية ليسهل عليهم العودة إلى نقاط الانطلاق.
وتضمنت دورة الغطس تدريبات نظرية تمحورت حول الطرق الصحيحة للغطس وطرق التعامل مع المعدات الخاصة، بالإضافة إلى الطرق الصحيحة لانتشال الغرقى.
أما التدريبات العملية فكانت تطبيقًا للمعلومات النظرية التي تلقاها المتدربون، بالإضافة إلى قياس قدرتهم على التحمل تحت الماء، بحسب مدير المكتب الإعلامي في “مديرية الدفاع المدني” بحلب، إبراهيم أبو الليث.
وقال المدرّب مصطفى النجار، إن المتطوعين دُرّبوا على الأمور النظرية والتعرف إلى عتاد الغطس، وكيفية لباسه والتعامل معه على سطح الماء (معدات الغطس الحر من دون جهاز، نظارات وزعانف وأنبولة).
ثم تعلموا استعمال الجهاز في المسبح أولًا، ثم في الأنهار والبحيرات، وبعد ذلك انتقلوا إلى التدريب في أعماق بحيرة “ميدانكي”، ومناطق المياه الضحلة، وكيفية التعامل معها.
وأخيرًا انتقلوا إلى التدريب الأخطر في تيارات نهر “الفرات”، وكيفية السباحة في مناطق التيارات والخروج منها، ثم كيفية الغطس أسفل التيار، والتعامل مع سرعته.
ورافق التدريبات رمي جثة صناعية ثقيلة الوزن (نحو 250 كيلوغرامًا) في البحيرات وتيارات “الفرات”، والغاية من ذلك حسب المدرّب مصطفى النجار، محاكاة الواقع لنزع الخوف من المتدربين ورفع الكفاءات لديهم، للحصول على غطاس محترف قادر على مواجهة الواقع وتحمّل تضاريس المسطحات المائية الصعبة.
غرق المدنيين متواصل في المسطحات المائية
ظاهرة الغرق ليست جديدة في مناطق المعارضة، وفي العام الحالي زادت الحالات، بحسب حديث سابق لمدير التدريب في “الدفاع المدني”، حسام بدوي، لعنب بلدي.
وبرر بدوي زيادة حالات الغرق، بارتياد الأهالي المسطحات المائية بقصد السباحة، بعد ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الكثافة السكانية في شمال غربي سوريا، إذ سجل “الدفاع المدني”، في حزيران الماضي، 31 حالة غرق في محافظة إدلب، بينما استجابت فرق الغطس منذ بداية العام الحالي لنحو 50 حالة غرق في الشمال السوري، واستطاعت انتشال 47 مدينًا بينهم أطفال، حسب الموقع الرسمي لـ”الدفاع المدني”.
وفي عامي 2018 و2019، انتشلت فرق غطس “الدفاع المدني” 95 مدنيًا توفوا غرقًا في الشمال السوري، بينهم 23 طفلًا و12 امرأة، حسب إحصائية نشرها في موقعه الرسمي.
الجهل بمناطق السباحة.. أبرز أسباب الغرق
أوضح مدير التدريب في “الدفاع المدني”، حسام بدوي، أن أبرز أسباب غرق المدنيين جهلهم بالمنطقة التي يسبحون فيها، إذ يأتون من المناطق التي يسكنون فيها للسباحة في مسطحات مائية، لذلك لا يكون لديهم وعي بطبيعة المكان، ومن الممكن أن يواجهوا تيارات مائية أو عمقًا مفاجئًا أو طبيعة مختلفة، ما يعرضهم للغرق.
أحيانًا، يرى شخص ما أحد أفراد عائلته وهو يغرق فيحاول مساعدته، لكنه لا يستطيع فيغرق أيضًا، وهي حالة متكررة، رغم الإرشادات والتوعية واللوائح التي ينشرها “الدفاع المدني”، إضافة إلى الأنشطة التوعوية حول المسطحات المائية.
وخلال السباحة، يتعرض بعض الأشخاص لأزمات قلبية أو شد عضلي يؤدي إلى غرقهم.
وبالنسبة للأشخاص الذين لا يعرفون السباحة، فالمسطحات المائية كافة خطر عليهم، بحسب بدوي، لكن تعدّ بعض المسطحات أكثر خطورة، كبحيرة “ميدانكي” الصناعية، والسدود والأماكن العميقة التي تشهد تيارات مائية.
كما تعد المسطحات الوعرة بوجود الصخور والأشجار في القاع، والتي منسوب مياهها مرتفع، أكثر خطرًا من السواقي والمسابح العادية.
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب يوسف غريبي