عبد اللطيف الحمصي – حمص
«لولا وجود الحاجزين بداية ونهاية السوق والدورية المتنقلة لما تجرأ أحد على المشاركة في هذه الفعالية، بسبب تهديدات الشبيحة الموالين الذين يسرحون ويمرحون في الشوارع بلا حسيب ولا رقيب»، يقول التاجر (ح.ض)، الذي شارك في فعاليات مهرجان التسوق في رمضان الماضي.
ورغم انتشار الحواجز حدثت بعض السرقات المتفرقة ليلًا بعد إغلاق السوق، الذي نظّم قرب مدخل حي الدبلان، ويعتبر التاجر أن عناصر الحواجز هم المسؤولون، مردفًا «ليس باليد حيلة، إذ يبقى عناصر الحواجز أقل سوءًا من شبيحة الدفاع الوطني، فعلى الأقل لو حصل شيء يعرف الشخص إلى أين سيذهب ويطالب بحقه».
وسيطر النظام على مدينة حمص بعد خروج آخر مقاتلٍ منها منتصف عام 2014، وفق تسوية بوساطة إيرانية أممية بين النظام والثوار المحاصرين، ناشرًا حواجزه داخل الأحياء.
وليس سرًا، بحسب التاجر، أن حواجز النظام كما في غيرها من المحافظات «تذيق الناس الويلات من التفتيش الإجباري والاعتقال على الشبهة إلى السوق لخدمة العلم أو التجنيد للاحتياط، مرورًا بإذلال الناس وفرض الأتاوات على أصحاب المهن والتجار».
وعلى اعتبار أن الصيدلي ملزم بتوفير الدواء لعنصر الحاجز، وصاحب المطعم ملزم بإطعامه، كما أن صاحب المكتبة مضطر لتأمين القرطاسية لأولاده وأخوته، لا يحتاج العنصر لأن يبتاع شيئًا من السوق، وهذا ما يسميه أهل حمص «دفع البلاء» في إشارة إلى أنهم إن لم يُرضوا عناصر الحواجز فإنهم معرضون لخطر المضايقة وتعسير أمورهم وتنقلاتهم وصولًا إلى اعتقالهم لأتفه الأسباب.
وينتشر 20 حاجزًا رئيسيًا داخل مدينة حمص موزعين في ثلاثة أحياء فقط، ويعتبر حاجز السفير في مدخل حي الإنشاءات أكثرها شهرة، بالإضافة إلى حاجز الشبيبة «الملعب» الذي لا يبعد عن السابق سوى 150 مترًا، وحاجز السامسونج «الكورنيش» في مدخل حي الملعب، وتتبع هذه الحواجز لأفرع الأمن السياسي وأمن الدولة والأمن العسكري، إضافة إلى حواجز فرعية وأخرى «طيارة» (يشكله العناصر مؤقتًا ثم ينسحبون إلى مقراتهم).
وفي ظل هذا التضييق يرى بعض السكان أن وجود الحواجز، على سوئها، بات أمرًا ضروريًا وملحًا، لتفادي نشر قوات الدفاع الوطني واللجان الشعبية حواجز غير رسمية، ما يؤدي إلى عودة ظاهرة الخطف والنهب والسلب التي أشاعها النظام في بداية الثورة عام 2011.
كما يتهم مؤيدو النظام لجان الدفاع الوطني بتسيير المفخخات إلى الأحياء الأكثر مناصرة له، كوادي الذهب والزهراء، وقد تحولت إلى مظاهرات في حي عكرمة نهاية العام الماضي طالبت بضبط الأمن من الحواجز، على خلفية تفجيرين راح ضحيتهما 53 شخصًا معظمهم من الأطفال.
ويحاصر نظام الأسد من تبقى من سكان حمص، وأغلبهم من الموالين والموظفين في الحكومة وآخرين لم يستطيعوا الخروج من المدينة أو آثروا البقاء فيها، بين فكي كماشة إما بنشر الحواجز أو إطلاق يد شبيحته «غير الرسميين»، وسط غياب أي مشروع أو بصيص أمل في تحريك حالة الجمود التي وصلت إليها «عاصمة الثورة».