العملات الاجنبية، بين تراجع الاحتياطي وتقييد البيع
جريدة عنب بلدي – العدد 36 – الأحد – 28-10-2012
في محاولة لوقف «النزيف» المالي الذي يشهده الاقتصاد السوري، أصدر المصرف المركزي مؤخرًا تعليمات جديدة تتعلق بتقييد بيع العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية في ثالث إجراء من نوعه منذ انطلاق الثورة السورية المباركة.
وقد تضمنت تعليمات المصرف المركزي تقييد عمليات بيع العملات الأجنبية وحصرها بالحالات المبررة اقتصاديًا والتي تتمثل أساسًا بعمليات الشراء لتمويل المستوردات. كما تضمنت التعليمات «المبررات السبعة» للسماح ببيع العملات الأجنبية لأغراض التمويل غير التجاري والتي تتضمن:
• الشراء بداعي السفر: حيث سمحت التعليمات للمسافرين إلى الدول العربية عدا لبنان والأردن بشراء 1000 دولار كحد أقصى، وثلاثة آلاف دولار للمسافرين إلى بقية دول العالم عدا تركيا، وذلك لمرة واحدة في العام. واشترطت التعليمات أن يقوم المسافر بشراء العملة الأجنبية من كوى المصرف التجاري السوري في المطارات حصرًا، وقبل موعد السفر بأربع وعشرين ساعة على الأكثر.
• الشراء بداعي الدراسة: حيث سمحت التعليمات بشراء العملات الأجنبية بما لايتجاوز 12 ألف دولار كرسوم للدراسة في الخارج، ويضاف إليها ألف دولار شهريًا كنفقات الطالب في الخارج على شكل تحويل مصرفي.
• الشراء بقصد العلاج: تم تحديد مبلغ 10 آلاف دولار كسقف لنفقات العلاج في الخارج على شكل تحويل مصرفي.
• الشراء لتلبية الاحتياجات الشخصية: حيث يسمح للمواطن بشراء مبلغ لا يتجاوز الألف دولار أو الألف يورو لمرة واحدة في العام بقصد تلبية الاحتياجات الشخصية.
• الشراء بقصد الإدخار: سمحت التعليمات أيضًا بشراء مبلغ لا يتجاوز 5 آلاف دولار أو يورو ولمرة واحدة في العام بهدف الإدخار شريطة إيداعها في حساب مصرفي لدى أحد المصارف العاملة كوديعة لمدة ستة أشهر على الأقل.
ومع صدور هذا القرار وتعليمات المركزي بخصوصه شهد سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار هبوطًا حادًا حيث وصل سعر الصرف إلى حدود 77 ليرة للدولار الواحد، ليتراجع في اليوم التالي إلى حدود 74.5/ 75 ليرة للدولار الواحد.
إن صدور هذا القرار وتعليماته تعتبر مؤشرًا مهمًا على تراجع حجم احتياطيات المصرف المركزي من العملات الأجنبية، وتعزز التقارير الواردة حول تراجع هذا الاحتياطي من حوالي 18 مليار دولار مع انطلاقة الثورة السورية بداية العام 2011 حيث انخفض بحسب هذه التقارير إلى حدود 4 مليار دولار.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار التقارير الواردة عن إمداد إيران للنظام بما يتجاوز 10 مليارات دولار من المساعدات خلال الأشهر الأخيرة، والتي توقفت نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في إيران والاحتجاجات التي شهدتها مدن إيرانية ضد سياسات حكومة أحمدي نجاد الاقتصادية ومنها الدعم اللامحدود لنظام الأسد، نجد أنه وبعد توقف هذه المساعدات بات الأسد ونظامه غير قادرين عل تأمين العملات الأجنبية اللازمة لتمويل عملياته العسكرية ضد شعبه ولتمويل صفقات شراء السلاح التي دأبت إيران على سداد فواتيرها دعمًا لحليفها السوري.
في ظل هذه المعطيات نجد أن قرار المصرف المركزي بتقييد عمليات بيع العملات الأجنبية يتناقض وبشكل كبير مع كل التصريحات الصادرة عن مسؤولي النظام وأعضاء حكومته بمن فيهم حاكم مصرف سوريا المركزي الذي ما فتأ يكرر القول أن الإحتياطي الأجنبي لايزال كما هو وأن كل التقارير عن تراجعه بشكل حاد ليس سوى إشاعات مغرضة تهدف إلى إضعاف العملة السورية والاقتصاد السوري وزعزعة ثقة المواطن السوري بعملته واقتصاد بلده.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :