تتشعب علاقات سيدة الأعمال البريطانية أماندا ستافيلي بين قطر والإمارات وصولًا إلى السعودية، بمساعداتها للإمارات والسعودية للاستحواذ على أندية كرة القدم.
أماندا المولودة في مقاطعة يورك شاير البريطانية في عام 1973، ساعدت منصور بن زايد آل نهيان للاستحواذ على نادي مانشستر سيتي في عام 2008، وتلعب دورًا بارزًا في الصفقة المحتملة بانتقال نيوكاسل إلى ملكية صندوق الاستثمار السعودي.
كما ظهر اسمها في قضية بنك “باركليز” الإنجليزي في عام 2008.
مكاسب بالملايين وسط شبهات الاحتيال
برز اسم أماندا في عام 2008، على خلفية القضية التي عُرفت باسم “بنك باركليز”، وهي القضية التي اُتهم فيها البنك بالحصول على مساعدة من قطر لإنقاذه.
وعانى المصرف البريطاني من أزمة مالية في ذلك العام، شأنه شأن البنوك العالمية إثر الأزمة المالية العالمية، لتعرض قطر خدماتها لإنقاذ البنك.
وأسهمت أماندا بإقناع الإمارات العربية المتحدة بالاستثمار في البنك لإنقاذه من الانهيار، ووافقت أبو ظبي لاحقًا، وعُقد الاتفاق، بمشاركة قطر.
وكشفت صحيفة “The Guardian” البريطانية، في 13 من حزيران الماضي، عن تفاصيل القضية التي طالبت من خلالها أماندا بتعويض مالي بلغ مليارًا ونصف المليار جنيه إسترليني، بسبب “تعرضها للخداع” بحسب الصحيفة.
واتهمت أماندا بنك “باركليز” بإخفاء القرض القطري عن السوق والمساهمين، ولذلك تطالب بتعويض مادي حاليًا، إذ اعتبرت أن البنك خدعها باتفاقه مع قطر.
ووفقًا لصحيفة “Daily Mail” البريطانية، حصلت شركة أماندا على 40 مليون جنيه إسترليني كعمولة لنجاح الصفقة، عدا عن الأموال الخاصة بها.
وعلى خلفية القضية الشائكة، وجه مكتب “مكافحة الاحتيال البريطاني” تهمًا للبنك تتعلق بإخفاء الشروط المربحة لقطر عن السوق والمستثمرين الآخرين، قبل صدور حكم البراءة في عام 2018.
واشترطت قطر، حينها، الحصول على رسوم بقيمة 3.25% مقابل الاستثمار في البنك وإنقاذه.
وقالت صحيفة “telegraph” البريطانية في عام 2008، إن البنك تسلم مبلغ خمسة مليارات جنيه إسترليني، وإن الصفقة أثارت كثيرًا من الجدل.
اللافت أن هذه الأموال لم تأتِ من الدوحة فقط، إذ كان للإمارات، ولمنصور بن زايد تحديدًا، دور كبير في الصفقة، عبر ضخه ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار بحسب الصحيفة.
مانشستر سيتي صلة الوصل الأولى
قبل فترة من إبرام الصفقة الثلاثية بين قطر والإمارات وبنك “باركليز”، أسهمت أماندا بشكل مباشر في استحواذ الإمارات على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي.
في عام 2001، التقت أماندا بالأمير آندرو، ابن ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في دبي، وهو ما فتح لها أبواب الاتصال مع حكام الإمارات.
ووفقًا لصحيفة “Daily Mail“، ارتبطت أماندا بعلاقة عاطفية بالأمير كادت أن تؤدي إلى الزواج، وزارت قصر “باكنغهام” وتعرفت إلى شقيقات الأمير، حتى إنه طلب يدها للزواج في عام 2003، لكن أماندا رفضت.
هذا الرفض جاء لخوف سيدة الأعمال البريطانية من فقدانها استقلاليتها التجارية، والحد من أعمالها.
عادت أماندا إلى دبي لتؤسس شركة خاصة بالوساطات المالية والصفقات الدولية في الإمارات وقطر، مستغلة علاقاتها الجيدة، ثم أسهمت بشكل مباشر في صفقة انتقال ملكية السيتي إلى الإمارات.
وفي عام 2019، قالت أماندا في لقاء مع موقع “The National” الإماراتي، إنها “فخورة” بالنتائج التي وصل إليها السيتي والاستثمارات الضخمة التي أجراها.
من الإمارات إلى السعودية.. كيف تسهم أماندا في إغلاق الصفقة؟
في 15 من حزيران الماضي، كشفت صحيفة “Newyork Times” الأمريكية عن اسم أحد أبرز العاملين على إنهاء صفقة بيع نيوكاسل إلى صندوق الاستثمار السعودي.
وقالت الصحيفة، إن وثائق حصلت عليها الصحيفة تظهر اسم المستشار علي جاسم، الذي انضم إلى أماندا ستافيلي لإتمام الصفقة بشكل نهائي.
تحركات أماندا بدأت قبل سنوات، وتحديدًا منذ ظهورها في المباراة التي جمعت نيوكاسل مع ليفربول في عام 2017.
وبحسب موقع “examinerlive” البريطاني، قادت أماندا عملية المفاوضات، بعد تكليفها بهذا الأمر، دون أن يذكر الجهة التي كلّفتها بذلك.
وقال الموقع، إن توجه أماندا نحو نيوكاسل، جاء بعد فشل محاولات الاستحواذ على نادي ليفربول في عام 2016.
ولكن دخول أماندا على خط الوساطة لا يتضمن حصولها على عمولات البيع فقط، إذ ذكر موقع “Goal” الرياضي، أن الجهة التي ستستحوذ على نيوكاسل ليس صندوق الاستثمارات العامة السعودي وحده، الذي سيملك 80% من أسهم النادي.
وأضاف الموقع أن شركة “روبن” البريطانية ستحصل على 10%، وكذلك شركة “ستافيلي بي بي سي كابيتال بارتنرز” المملوكة لأماندا ستافيلي ستحصل على 10%.
وحتى اللحظة لم توافق رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز على الصفقة، التي بلغت 300 مليون جنيه إسترليني بشكل نهائي.
عقبات تواجه الصفقة في بريطانيا
وتواجه عملية البيع عقبات تتعلق بسجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.
وقالت صحيفة “The Independent” البريطانية، إن نيوكاسل سينضم إلى ناديي باريس سان جيرمان الفرنسي المملوك لدولة قطر، ومانشستر سيتي الإنجليزي المملوك لدولة الإمارات العربية المتحدة، وكلتا الدولتين تتعرضان “لانتقادات شديدة” في سجلات حقوق الإنسان.
لكن، بحسب الصحيفة، لا أحد ينتقد السعودية على هذا السجل.
وقال رئيس حملات منظمة العفو الدولية في بريطانيا، فيليكس جاكنز، للصحيفة إن المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية “يتعرضون لقمع وحشي”، وسجن العديد من الناشطين السلميين.
وأشار جاكنز إلى قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول، والحرب في اليمن، معتبرًا أن هذه الخطوة “محاولة إلهاء عن سجل حقوق الإنسان السيئ”.
ووصف جاكنز الخطوة السعودية بـ“الغسيل الرياضي”، مشيرًا إلى أن السعودية تستخدم بريق كرة القدم كأداة للعلاقات العامة.
من جهتها، حذرت منظمة العفو الدولية من الموافقة على بيع النادي للسعودية، وقال موقع “DW” الألماني، إن مديرة المنظمة، كيت آلن، بعثت رسالة إلى رئيس الدوري الإنجليزي الممتاز، ريتشارد ماسترز، “حذرت خلالها من خسارة الدوري الإنجليزي لسمعته”.
في حين اعتبرت صحيفة “The Guardian” البريطانية أن “حقوق البث تتفوق على حقوق الإنسان”.
وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته في نيسان الماضي، “وأخيرًا ظهر فارس ليواجه السعودية في قضية شراء نادي نيوكاسل، ولكن من هذا الفارس؟ هي قطر!”.
وسخرت الصحيفة من اعتراضات شركة “BeIn Sport” القطرية على الصفقة، معتبرة أنها تأتي في سياق حرب تجارية بين الطرفين على خلفية اتهامات قطر للسعودية بقرصنة بث المباريات عبر شركة “Be Out Q” ومقرها العاصمة السعودية، وهو ما تنفيه الأخيرة.
ووجهت الشركة القطرية رسالة لـ20 ناديًا إنجليزيًا طالبت خلالها بالوقوف بوجه الصفقة، قائلة إن السعودية “تسببت بضرر بالغ للأندية الإنجليزية بسبب القرصنة”.
وطالبت الشركة بالتحقيق في خلفية المالك الجديد لنيوكاسل، وكل المسؤولين عن ذلك.
وتنتقد منظمات وجهات حقوقية دولية المملكة العربية السعودية، لارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان، وسجن معارضين وتعريضهم للتعذيب، وهو ما تنفيه الرياض.
–