عنب بلدي – صالح ملص
“إعادة بناء العقول وإصلاح النفوس هو التحدي الأكبر وليس إعادة بناء البنية التحتية (…) والمطلوب منا في الفترة المقبلة هو أن نعمل باتجاهين: الاتجاه الأول هو حماية الداخل، والاتجاه الثاني هو محاربة وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت”.
ذلك ما قاله القائد العام لـ“كتائب البعث” في سوريا، باسم سودان، في إحدى جلسات مجلس الشعب في دمشق، حول الخطط التي يجب أن تعمل عليها مؤسسات الدولة، وتعطيها جزءًا من اهتمامها.
“محاربة وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت”، هي في قائمة أولويات رئيس مكتب الفروع الخارجية في “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا”، باسم سودان، المسؤول عن شؤون وقضايا الطلبة في الاتحاد، كون وسائل التواصل الاجتماعي “تضعف نفس المواطن”، بحسب ما قاله في جلسة مجلس الشعب.
ولد سودان في عام 1969 في محافظة اللاذقية، وينتمي سياسيًا لحزب “البعث العربي الاشتراكي” الحاكم في سوريا.
رئيس “كتائب البعث”
يترأس سودان “كتائب البعث”، التي أُسست في العام الثاني للثورة، لتكون ميليشيا رديفة للنظام تضم متطوعين ومتطوعات من معظم المحافظات السورية، وتشرف عليها “القيادة القطرية” لحزب “البعث”.
ويتلقى منتسبو هذه الميليشيا مبالغ نقدية وامتيازات أمنية لقاء قتالهم إلى جانب قوات النظام، إذ يحصل المتطوع على راتب شهري قدره 30 ألف ليرة سورية (حوالي 12 دولارًا أمريكيًا بسعر الصرف الحالي)، إضافة إلى تعهد النظام بحساب مدة القتال من مدة الخدمة الإلزامية، عدا عن بطاقة أمنية تسهل عبور الحواجز.
وشارك عناصر “كتائب البعث” في المواجهات ضد فصائل المعارضة السورية في ريفي حماة وإدلب بين عام 2016 و2018، بحسب ما رصدته عنب بلدي، إذ قُتل ما لا يقل عن 15عنصرًا من متطوعي الكتائب خلال النزاع في سوريا.
وقُتل قائد “كتائب البعث” في محافظة طرطوس ونائب قائد “لواء البعث”، العميد شرف سلامة محمد، في المواجهات العسكرية بريف مدينة حماة عام 2017.
وفي عام 2019، طرح مؤتمر لـ”حزب البعث” انعقد في بلدة حمورية في الغوطة الشرقية بعد انقطاع لسنوات، “ضرورة تفعيل كتائب البعث في المناطق المحررة”، إلى جانب العمل على الواقع الخدمي والزراعي والتعليمي وإعادة تأهيل المرافق العامة، بعد انسحاب فصائل المعارضة السورية منها.
طلبة سوريا أداة لسياسة النظام
منذ دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ، الذي تفرض بنوده عقوبات اقتصادية أمريكية على النظام السوري لتعديل سلوكه السياسي، تهاجم وسائل الإعلام الحكومية والموالية للنظام القانون باعتباره غير إنساني، كونه تسبب بتراجع قيمة الليرة السورية وتردي الأوضاع المعيشية.
وأشرف رئيس مكتب الفروع الخارجية في “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا”، باسم سودان، على إعداد فيديوهات مسجلة عبر “فيس بوك” تتضمن مقاطع للطلبة السوريين خارج سوريا وهم يشاركون في سياسة النظام تجاه العقوبات، كون الطالب السوري “جنديًا من جنود الجيش العربي السوري” بحسب ما قاله سودان في مقابلته مع قناة “الإخبارية السورية” الرسمية.
و”أنشأت الدولة السورية منذ عشرات السنين شبكات حماية اجتماعية”، وفق ما قاله سودان في إحدى جلسات مجلس الشعب، والهدف من هذه الشبكات “هو حماية المواطن بشكل أو بآخر، وتأمين العيش الرغيد له، ومن ضمن هذه الشبكات هي وزارة التعليم”، بحسب سودان، دون أن يوضح ماهية هذه الشبكات والفرق بينها وبين وزارات الدولة ومؤسساتها الاعتيادية.
وتقع مسؤولية الطالب التي ترعى وزارة التعليم شؤونه، بحسب سودان، في ثلاثة محاور هي: مسؤولية معرفية، ومسؤولية أخلاقية، ومسؤولية نضالية.
لكن هذه المسؤوليات التي تحدث عنها سودان، تلاشت بفعل سياسة النظام القمعية التي انتهجها خلال تسع سنوات، إذ “لم يعد أطفال سوريا في سن التعليم يعرفون سوى الحرب والقتل”، بحسب تقرير لموقع “reliefweeb” المتخصص بتنسيق الشؤون الإنسانية.
وذكر التقرير، الصادر في حزيران الماضي، أن طفلًا يُقتل كل عشر ساعات في سوريا بسبب العنف، وحُدد التعليم على أنه التحدي الأكبر للعائلات في سوريا، يليه الفقر والحصول على الرعاية الصحية ورعاية الأيتام.
ترشح جديد للانتخابات التشريعية
يعتبر معدل النزاهة والديمقراطية في الانتخابات التشريعية داخل سوريا صفرًا من أربعة، بحسب مؤشر الحريات العامة في العالم الخاص بمنظمة .“Freedom House”
وذكر تقرير المنظمة أنه في أحدث انتخابات لمجلس الشعب المؤلف من 250 مقعدًا في عام 2016، واجه موظفو الدولة ضغوطًا للتصويت، وسُمح لأفراد الجيش بالمشاركة في الانتخابات لأول مرة، وحصل حزب “البعث” وحلفاؤه المعلنون على 200 مقعد من 250 مقعدًا.
ولا توجد، بحسب تقرير المنظمة، شفافية أو مساءلة تحيط بالعملية الانتخابية الرسمية، وتمنح السلطات التنفيذية من خلال جهاز الأمن العسكري الإذن بالمشاركة في الانتخابات في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام.
وفاز سودان بالانتخابات التي نُظمت في عام 2016، ليبقى داخل مجلس الشعب في دورة تشريعية ثانية من عام 2016 حتى 2020.
وفي العام الحالي يشارك سودان بالانتحابات التشريعية للدورة الثالثة التي تُعقد في 19 من تموز الحالي، بعد تأجيلها لمرتين بسبب إجراءات التصدي لفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
ويعتبر سودان مرشحًا لقائمة “الوحدة الوطنية” في مدينة اللاذقية غربي سوريا، عن “الفئة أ”.
قادة ميليشيات عسكرية في السباق إلى مجلس الشعب
مع بدء الانتخابات التشريعية، تظهر شخصيات مقربة من كيانات وميليشيات إيرانية في سوريا.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، خلال الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن شخصيات مقربة من الميليشيات الإيرانية رشّحت نفسها لمجلس الشعب، من بينها القائد في “الدفاع الوطني”، خير الله عبد الباري.
ويعتبر عبد الباري، الذي ينحدر من الرستن في حمص، من المقربين من الميليشيات الإيرانية، وشكّل خلال السنوات الماضية “لواء الرضا” التابع لـ”الدفاع الوطني”.
وتحول اسم اللواء لاحقًا إلى “لواء التدخل السريع”، الذي يتخذ من حمص مقرًا له، ويضم أكثر من ألفي مقاتل في حمص ودير الزور، بحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي من مصادر محلية.
وظهر عبد الباري في صورة سابقة مع قائد “فيلق القدس” السابق، قاسم سليماني، خلال إحدى زياراته إلى سوريا.
وقُتل سليماني، الذي كان يعتبر العقل المدبر للوجود الإيراني العسكري في سوريا، مطلع العام الحالي بقصف أمريكي في العراق.
ورشّح عبد الباري نفسه إلى مجلس الشعب كمرشح مستقل عن محافظة حمص، بحسب صورة الحملة الانتخابية له.
كما رصدت عنب بلدي صورًا للمرشح عبد الإله العبدو، عن محافظة حلب، وهو مدعوم من “لواء القدس” الفلسطيني الذي يقاتل إلى جانب قوات النظام.
ونشر المرشح صورة له على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر شعار “لواء القدس” عليها، في دلالة على دعمه للوصول إلى مجلس الشعب.
ويعتبر “لواء القدس” من أبرز الميليشيات المقاتلة إلى جانب قوات النظام، ويتبع إلى “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، وهو موالٍ للوجود الإيراني، ويتلقى مؤخرًا تدريبات من روسيا.
ويحمل التشكيل شعار “فدائية الجيش العربي السوري”، ويضم عددًا من أبناء مخيم “النيرب” للاجئين الفلسطينيين، ومخيم “حندرات” في ريف حلب، ويتراوح عدد عناصره حاليًا بين ألفين وثلاثة آلاف مقاتل.
بالإضافة إلى ترشح قائد مركز دمشق لـ”كتائب البعث”، يوسف حسن السلامه، إلى الانتخابات التشريعية الحالية.
ودعمت إيران النظام السوري، خلال السنوات الماضية، سياسيًا واقتصاديًا، إضافة إلى دعم عسكري عبر ميليشيات تقاتل مع قوات النظام، وإقامة قواعد عسكرية في عدة مناطق.
لكن طهران تنفي وجود قوات لها داخل سوريا، وصرح مسؤولوها مرارًا بأن وجودها استشاري فقط بناء على طلب النظام السوري.
ومنذ تدخلها عملت إيران على سياسة “التغلغل الطويل الأمد” في قطاعات مختلفة، بهدف ترسيخ وجودها في سوريا.