السويداء – ريان الأطرش
زرع خالد أرضه مع بداية العام الحالي بالقمح، لكنه لا يستطيع حتى الآن حصاد موسمه، فمحصوله عالق وسط خلافات من خطف وثأر ودم، ما بين أهالي قرية القريا في محافظة السويداء ومدينة بصرى الشام في محافظة درعا.
عملية الخطف التي قام به يحيى النجم (زعيم عصابة خطف محلية) في آذار الماضي، في قريته القريا، لشخصين من أهل بصرى الشام، لم تنتهِ آثارها مع مقتله على يد فصيل مسلح من السويداء، وما زالت الاشتباكات بين عناصر “الفيلق الخامس” في درعا والفصائل المحلية قائمة.
وراح ضحية اشتباك، في 27 من آذار الماضي، 15 قتيلًا من أبناء السويداء، سُلمت جثامينهم، بعد تدخل الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين الشيخ موفق طريف، إلى منظمة “الهلال الأحمر السوري”، الذي نقلهم بدوره إلى المشفى “الوطني” في السويداء، في 29 من الشهر نفسه.
عقب ذلك، توغل “الفيلق الخامس”، المدعوم من روسيا، في الأراضي الغربية لبلدة القريا ورفع سواتر ترابية فيها على امتداد كيلومترين على الحدود مع بصرى الشام، ولا تزال قائمة حتى الآن.
الضامن الروسي غير مؤثر
حمّل المزارع خالد، في حديثه لعنب بلدي، مسؤولية حل الخلاف لروسيا والنظام السوري، بعد أن حاول أهالي القريا استرجاع أراضيهم، في 25 من نيسان الماضي، معلنين “النفير العام”، إثر انتهاء مهلة قدموها للنظام والضامن الروسي، الداعم لــ”الفيلق”، وطالبوا بتسليم كل من تورط في “حادثة آذار”.
لكن تدخل الزعامات الدينية والاجتماعية في السويداء أدى إلى تهدئة الموقف وإيقاف الحشد.
أحد المشاركين في التهدئة (طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية) وصف لعنب بلدي النفير بأنه “كالمصيدة”، متوقعًا أن تذهب المنطقة إلى حرب مفتوحة “ليس من مصلحة السويداء خوضها”.
التدخل الروسي في القضية تمثل بتحرك الشرطة الروسية لإزالة السواتر الترابية من القرية، في 27 من نيسان الماضي، إلا أن التحرك فشل بعد إطلاق مسلحين النار على الشرطة، وقتلهم مزارعًا كان يعمل في أرضه، حسبما نقلت شبكة “القريّا الآن“.
ووصفت الشبكة تلك الحادثة بـ”اللعبة” الهادفة لاتهام شباب القريا باستهداف الروس، مع فرار الشرطة الروسية نحو بصرى الشام.
وأفادت الشبكة بتكرار حدوث الاعتداءات خلال أيار وحزيران الماضيين على المزارعين في القريا، مع توجه المسلحين المسؤولين عنها نحو السواتر الترابية التابعة لـ”الفيلق الخامس”.
المستشار القانوني الممثل عن فصائل الجنوب في قائمة المعارضة باللجنة الدستورية، حسن الحريري، الذي يشارك في جهود الصلح بين المحافظتين، نفى لعنب بلدي حدوث تلك الاعتداءات، مشيرًا إلى قيام عناصر “الفيلق” بتحرير مواطن مخطوف من السويداء وإعادته إلى أهله خلال حزيران الماضي.
وأضاف الحريري، وهو من أهالي محافظة درعا، أن الروس طلبوا من قيادة “الفيلق” التراجع عدة مرات، وشاركوا مع أبناء بصرى الشام بدوريات مشتركة على المنطقة الفاصلة بين القريا وبصرى.
وتراجع “الفيلق” باتجاه بصرى، حسبما قال الحريري، مسافة كيلومترين، وأزال الحاجز الترابي القريب من القريا، مع إبقائه على دورية دائمة “للتصدي لعمليات الخطف”، مشيرًا إلى أن دوريات حفظ الأمن تستخدم الأرض بين القريا وبصرى الشام دون تمييز الحدود، مع غياب أي حدود طبيعية بين المنطقتين.
المزارعون بانتظار الحل
محاصيل القريا، التي يشكل القمح أغلبيتها، مع العدس والشعير والحمّص والكمّون، ما زالت مجهولة المصير، وما لا يقل عن 60 عائلة تعطلت أرزاقها بسبب وقوعها تحت النيران.
وبحسب أهالي القريا، فإن الأغنام ترعى في الأراضي الزراعية بشكل عشوائي، والمزارعون ما زالوا عاجزين عن الوصول إلى أراضيهم بشكل آمن.
وأكد عضو الأمانة العامة في “الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني في السويداء”، مؤيد فياض، لعنب بلدي، استمرار التواصل مع أهالي درعا للصلح بين المحافظتين.
وأضاف فياض أن هناك تنسيقًا بين “الهيئة الاجتماعية” و”التجمع الوطني” المعارض في السويداء وقيادة حركة “رجال الكرامة”، وهي الفصيل الأبرز في المحافظة الذي اشترك في الاشتباكات مع “الفيلق الخامس”، و الكل يُجمع على إنهاء الخلاف القائم مع “الإخوة في درعا”.
ورغم أن أطراف الخلاف يلقون باللائمة على النظام وأجهزته الأمنية، يرى الطرفان أن العائق الأبرز هو انقسام الآراء والمواقف لدى الأهالي في كل من محافظتي السويداء ودرعا حيال القضية، وهو ما يعرقل الوصول إلى حل المشكلة وتسوية الخلاف.