عنب بلدي – خاص
تحيط تحديات قانونية وقضائية بالنازحين واللاجئين السوريين بعد عودتهم إلى مناطقهم الأصلية المدمرة ماديًا في سوريا، والتي خرجوا منها قسريًا، تلك التحديات تفرضها القوانين والمراسيم العقارية، وتؤثر سلبًا على إثبات حقوق المهجرين في مساكنهم وأراضيهم، وسط إتلاف أو ضياع وثائق تأخذ الصفة القانونية في إثبات حق الملكية.
لتمكين الفئات المتضررة من هذه القوانين، خاصة سكان العشوائيات والنساء، من فهم هذه التحديات والمخاطر، ومعرفتهم بكيفية حماية ملكياتهم من أي انتهاك، يُنسّق “تجمع المحامين السوريين الأحرار”، بدعم من المؤسسة “الأورومتوسطية”، ندوات توعية ضمن مجتمع المهجرين السوريين في تركيا، حول إرشادات وطرق قانونية تدعم تحصين الملكيات أو استرداد الحقوق المصادرة دون وجه حق أو التعويض عن الأضرار التي أصابتها.
وتؤثر قوانين الأحوال الشخصية على الحقوق العقارية الخاصة بالنساء السوريات والأطفال، في الأسر التي فقدت معيلها صاحب حق المليكة للمسكن أو الأراضي، لأن النساء لا يملكن في الغالب عقارات بأسمائهن فعليًا، لأسباب تعود إلى أعراف اجتماعية تحول دون حصول النساء على حق الملكية.
ويوجد ما يقارب 85% من النازحين واللاجئين السوريين الذين يملكون عقارات في المناطق التي هُجروا منها قسريًا.
مسؤولية المهجرين تجاه أملاكهم
ضمن سياق مشروع التجمع تحت اسم “رد المساكن للاجئين والنازحين السوريين” المقام في عدة مدن تركية، مثل أنطاكية ومرسين، المستمر حتى نهاية العام الحالي، أكدت ندوات المشروع ضرورة دفاع السوريين، سواء كانوا نازحين داخليًا أو خارجيًا في دول الجوار أو أوروبا أو غيرها، عن حقوقهم في الملكية، من خلال توفير الوثائق، والمشاركة في عمليات الاعتراض على أي مخطط تنظيمي من شأنه التعدي على حقهم في عقارهم.
ولضمان حق ملكية المهجرين، قال رئيس “تجمع المحامين السوريين الأحرار”، غزوان قرنفل، لعنب بلدي، إنه يجب حصول كل شخص متضرر من إعادة تنظيم المناطق المدمرة على أي نسخة لوثيقة أو مستند يثبت ملكيته للعقار، حتى ولو لم يكون مقيمًا في المنطقة.
ويُتيح التجمع منصة إلكترونية لتوثيق ملكية الفرد العقارية في مختلف مناطق النزاع السوري، وتسجيل نوعية الاعتداءات التي تعرض لها العقار نتيجة النزاع.
وعملية التوثيق عبر هذه المنصة، وفق ما أشار إليه قرنفل، “محاطة بكل العناية والسرية اللازمة، والتجمع مسؤول بشكل قانوني عنها، وسيتم إيداعها لدى إحدى المؤسسات الدولية بمجرد أن يصبح ذلك متاحًا على نحو سلس، لتكون بمتناول أي سلطة انتقالية قادمة يناط بها أمر النظر في المنازعات المتعلقة بحقوق الملكية، والفصل بها بأي وجه من الوجوه”.
النساء.. الفئة الأكثر تأثرًا
تواجه النساء تحديات في مجال الحقوق في المساكن والأراضي حتى قبل عام 2011، بحسب ما أوضحه قرنفل، وزاد النزاع من حجم هذه التحديات، بسبب العقارات القليلة المسجلة بأسماء النساء، إذ تبلغ نسبتهن 5% من مجمل أصحاب الملكيات المسجلة في سوريا، وفق ما ذكره قرنفل.
ويرجع سبب هذه النسبة المنخفضة إلى التقاليد والأعراف الاجتماعية، منها عدم توريث المرأة أو استغلال زوجها لها، بحسب قرنفل، أو عندما يتوفى الزوج المالك للعقار أو يُقتل أو يُخطف أو يُعتقل، تواجه بعض النساء من أفراد الأسرة عقبات في الوصول إلى العقار.
وتعتبر النساء المهجرات قسرًا من المناطق التي حوصرت سابقًا فئة متأثرة أكثر من غيرها بالقوانين العقارية، فالعديد منهن يملكن وثائق غير معترف بها للزواج وولادة الأطفال، بحسب ما أوضحه قرنفل، في الوقت الذي يكون الزوج فيه مقتولًا أو مفقودًا أو معتقلًا.
وفي هذه الحالة لا رابط قانوني بين الزوجة والزوج لإثبات مشروعية توارثها منه، وفق قرنفل.
وعادة ما تفتقر النساء المهجرات إلى وثائق ضرورية للمطالبة بحقوقهن، مثل شهادة وفاة الزوج، أو عقد الزواج الملزم لاستخراج حصر الإرث الشرعي والقانوني، والمطالبة بإرثها العقاري.
ويعمل المشروع الخاص بالتجمع على توعية النساء بحماية إرثهن العقاري من خلال لفت أنظارهن لأهمية توثيق الوقوعات المدنية بشكل قانوني، مثل الزواج والولادة والوفاة، لحماية حقوقهن وحقوق أولادهن، وتحديد المركز القانوني للمرأة في معادلة التوارث.
وأشار قرنفل إلى أن أهم إجراء يمكن أن تقوم به النساء هو تسجيل واقعة وفاة الموروث بموعدها في دائرة الأحوال المدنية (دائرة النفوس المسجل فيها المتوفى) داخل سوريا، ثم تُؤخذ نسخة من بيان الوفاة الصادر عن الدائرة إلى المحكمة لاستخراج حصر إرث قانوني أو شرعي أو كليهما حسب العقارات التي يمكلها المتوفى، سواء كانت عقارًا أميريًا أو عقار ملك.
وهذا الإجراء يُمكن أن يجري من خلال شخص من العائلة (أحد الورثة أو أقارب من الدرجة الأولى) أو من خلال وكيل قانوني.
وستُصاغ التوصيات النهائية الخاصة بهذا المشروع مع ختام فعالياته بعد تحديد التقاطعات اللازمة لمجمل انطباعات وآراء المشاركين فيها، وسيعلن عنها كخلاصة لهذا المشروع.