تعا تفرج
سنفاوضهم.. والحمد لله
خطيب بدلة
ما إن خرجنا من أزمة رابطة الكتّاب السوريين، على خير وسلامة، والحمد لله، حتى بدأنا نقرأ عن خلافات داخل رابطة الصحفيين، ثم فهمنا، من سياق المنشورات على “فيسبوك”، أن الخلافات انتهت، والحمد لله، ولكننا قرأنا، بعدئذ، أن رئيس الرابطة استقالَ تحصيلًا لحاصلِ الخلافاتِ نفسها. وقبلها نتف العاملون في إحدى الإذاعات السورية التي أُنشئت بعد الثورة لحى بعضهم بعضًا، مع أنهم كانوا، جميعًا، دون لحى.
حصل هذا كله في حين خيّم السلام، والوئام، والمحبة، والتآخي على جماعة “الائتلاف”، فانسحب منهم مَن انسحب، واستمر مَن استمر، حتى تمكنوا من تنفيذ ما توافقوا عليه، وهو حلول نصر الحريري في “الائتلاف”، مكان أنس العبدة، وانتقال أنس العبدة إلى مكان نصر الحريري في “هيئة التفاوض”.
عندما تدردش مع سائق تاكسي تركي، تزجية للوقت في أيام الازدحام، يخطر لك أن تسأله سؤالًا بائخًا، من قبيل: حضرتك مسلم؟ فيقول لك تلقائيًا، مسلم والحمد لله، وأنا، بوصفي إنسانًا سوريًا مسلمًا، والحمد لله، سأحلف لكم يمينًا إسلامية معظمة، ومستعد أن أتحمل وزرها، على أنني لا أحمل على الحريري والعبدة، أو على سواهما، إصرًا، وقد كنت من المتحمسين لتشكيل “هيئة التفاوض” عندما طُرحت فكرتُها، إلا أنني لم أعرف بعد أن تشكّلت، وحتى هذه اللحظة غير التاريخية، على أي شيء فاوضت، من أيام الدكتور رياض حجاب، ثم الدكتور نصر الحريري، كنا نتابع أخبار الاجتماعات التي يرتبها ديمستورا في جنيف، فلا نرى سوى صور مفاوضينا وهم يجرون حقائبهم في ممرات الفنادق، ونسمع أن الاجتماع الأول سيعقد، ولكن وفد النظام لم يحضر، ثم يجري خلاف حاد حول جدول الأعمال، وتحذف منه مادة، وتضاف إليه أخرى، وتمضي الأيام المخصصة للجولة (الراوند) ولا يبقى في أذهاننا بعدها سوى صورة بشار الجعفري وهو ينظر إلى الحاضرين بحقد من تحت نظارتيه الزاحلتين، ويرن في آذاننا صوته المقزز الذي لا يعترف بشعب أو بشر أو إنسان، وليس في قاموسه سوى كلمتين: بلادي، والإرهاب.
أتساءل عما يمكن أن تحققه “هيئة التفاوض”، الآن، في زمن الأخ أنس العبدة، بعدما أصبح معلومًا للقاصي والداني، أن روسيا وافقت على إصدار قرار مجلس الأمن رقم 2254، في كانون الثاني 2016، وفي اليوم التالي حلفت بالطلاق الإدلبي المثلث، على أنها لن تسمح لإنسان (في مؤخرته لْبَاس) أن يطبقه، ولا أعني هنا الانتقال السياسي الذي يؤدي إلى تشكيل هيئة حكم، أو حوكمة، ذات مصداقية، وما بعرف أيش، وإنما أعني المادتين اللتين تسمحان بإيصال المساعدات الإنسانية للناس العائفين مؤخراتهم من الفقر، والقهر، والزجر، والهجر، والنخر، حتى إن الأمم المتحدة ذاتها، ومنظماتها الإغاثية، لجأت إلى مجلس الأمن لتطبيق بندي الإغاثة اللذين لا يحتاجان إلى قرار جديد أصلًا، فلم تكتفِ روسيا بإشهار “الفيتو”، بل جَرَّت معها الدولة أمّ “الكوفيد- 19″، وبعد هياط ومياط، ومسابلة ومدابلة، وتبويس لحى (مع أن أعضاء مجلس الأمن بلا لحى) سمحت الدولتان الفيتوهيَّتان بإدخال مساعدات لسنة واحدة، ومن معبر واحد. فتأمل!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :