أحمد الشامي
في خطابه اﻷخير، بقي الرئيس الوريث وفيًا لمبادئ العصابة المتحكمة برقاب السوريين منذ أربعين عامًا، فحين يتجاوز «رئيس دولة» كل اﻷعراف والقوانين ليصرح «أن سوريا لمن يحميها…»، فهذا يعني أن البلد بما ومن عليها هي غابة مباحة لكل قاطع طريق، وأن المزاد على ما بقي من سوريا مفتوح، واﻷسد «بيّاع».
الخطاب اﻷسدي يتناغم مع خطابات «حالش»، حين يسمح نصر الله لنفسه بوضع اليد على لبنان بحجة «المقاومة»، ككل بلطجي يفرض الخوة على «محمييه» بعذر حمايتهم من البلطجية… الآخرين.
كذلك في اليمن تقوم عصابة «الحوثي» بالسطو على هذا البلد الفقير بحجة «حمايته» من الهيمنة السعودية.
في بلد الولي الفقيه، يقوم الحرس الثوري بمصادرة مستقبل وإمكانات إيران لصالح مشروع امبراطوري «ساساني»، بهدف الدفاع عن المقامات والمزارات في طول الشرق وعرضه! باستثناء تلك المحروسة من قبل الصديق الصهيوني في فلسطين المحتلة.
من جهة ثانية، «داعش» وأشباهها تصرح أن «المهاجرين» ممن «يحمون» البلاد أحق بها من أهلها، وأن البلد لمن يحررها، كعصابة ترث أخرى، لا حقّ ولا قانون ولا مبادئ سوى المدفع والحزام الناسف وتنويعاتهما.
هل بقي هناك من لم يدرك بعد أن المنطق الوحيد الذي يحكم هؤلاء جميعًا ويشتركون به مع جماعة «بوتين» هو منطق «مافيا» ما بعد الدولة، بكلمة أخرى فكلهم عصابات وكلهم زعران دون استثناء.
تبدو منطقتنا وقد أسلمها «أوباما» لمنطق الغاب تشفيًا من كل من هو مسلم وثأرًا «لغزوة» البرجين. مطلوب من المنطقة أن تغرق في غياهب العصور الوسطى حيث يتقاتل أمراء الحرب إلى ما لا نهاية، وحيث تغيب كل قيمة بشرية وأخلاقية تحت سمع وبصر مجلس أمن ليس له من اﻷمن سوى الاسم.
ليس أوباما واﻷسد وحدهما المسؤولين، فكل اللاعبين اﻹقليميين والمحليين يتبارون في البربرية والصفاقة. ها هو اردوغان يتجاهل براميل اﻷسد ويهاجم الأكراد بحجة محاربة داعش، وها هو سفاح رابعة يتباكى على السيادة السورية التي تنتهكها تركيا!
حسنًا، لقد فهمنا أننا نعيش في غابة لا مكان فيها سوى للقوي والبلطجي، فهل مصيرنا كسنة مشرقيين أن نبقى نعاجًا يتناهشها هؤلاء الذئاب ويباع دمها في المزاد؟