عبد القادر نعناع لعنب بلدي: مؤسسات المعارضة تحكمها النفعية.. “برلمان ثوري” أحد الحلول
حوار أسامة آغي
“لا أحد يقول عن لبنه حامض”، ينطبق هذا المثل الشعبي على مؤسسات المعارضة السورية، التي لا يبدي مسيّرو عملها نجاحًا في إدارة ملف الثورة السورية، ما أوصله إلى “أفق مسدود”، من وجهة نظر سوريين معارضين.
التقت عنب بلدي الدكتور عبد القادر نعناع، الباحث السوري في شؤون الإثنيات والهوية، الذي شرح محددات “استعادة القرار الثوري”، وكيفية إدخال الديمقراطية إلى مؤسسات المعارضة، كما تطرق اللقاء إلى دور قانون “قيصر” الأمريكي في “انهيار قريب للنظام السوري”.
“محددان لاستعادة القرار الثوري”
أتت إخفاقات مؤسسات المعارضة “كنتيجة حتمية”، بعد عقود من التصحر السياسي، الذي عمل عليه النظام السوري بحسب نعناع، الذي تحدث لعنب بلدي عن محاولة “لاستدراك آليات العمل والتنظيم السياسي، ولبناء تجمع أعلى يقود الثورة، ويعمل على تحقيق تطلعاتها”.
لكن نعناع يستنكر أن يظل “الإخفاق مستمرًا لأكثر من ثماني سنوات”، ويرى في ذلك “مشكلة بنيوية موجودة في هذه المؤسسات، وكذلك مشكلة فكرية تتصل ببرامج عملها”، كما يعتقد أيضًا بوجود “مشكلة شخصية تتعلق بنفعية وانتهازية القائمين عليها”.
ويرى المدرّس الجامعي الحائز على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من “المعهد العربي للأبحاث والدراسات” من القاهرة، أن هذه المؤسسات تحوّلت إلى أدوات نفعية، وأخرى تحكمية من قبل القوى الخارجية التي تهيمن على المشهد السوري.
لكنه يشرح محددين رئيسين لاستعادة القرار السوري “الثوري”، أولهما الانفكاك عن النفعية الشخصية التي رسّختها مجموعة صغيرة من السياسيين هيمنت على هذه المؤسسات.
وثانيهما، وهو تابع حتمي للمحدّد الأول، ويتمثل في “الانفكاك عن التبعية الخارجية، والاشتغال على قاعدة المصلحة السورية أولًا”.
وحول علاقة تنفيذ القرار الدولي رقم 2254 وحاجته لوجود مرجعية سورية حقيقية، قال نعناع، “استكمالًا للمحددين السابقين، ربما نحتاج إلى إعادة تشكيل مؤسسات المعارضة السورية، أو إنتاج أخرى، تكون مؤسسات تمثيلية بشكل حقيقي ديمقراطي تشاركي، وتعبّر عن الرأي العام السوري”.
“برلمان سوري ثوري”
يعتبر نعناع أن السوريين ما زالوا في طور تجربة آليات التنظيم السياسي، وبالتالي “لدينا كثير من الإخفاقات على مستوى العمل الجماعي”، لكنه مقتنع في المقابل بأن “البيئة السورية تزخر بغنى وافر من الكفاءات على كل المستويات، وذلك أول أساسات بناء أي مرجعية”.
تلك المرجعية، التي يأمل نعناع أن تكون قائمة في المدى المنظور كبديل عن المؤسسات المعطلة، من المفترض أن تكون “تمثيلية”، أي أشبه بـ”برلمان سوري ثوري”، وأن تكون “تداولية ديمقراطية، ذات خطاب سوري داخلي، حتى تحوز على شرعية لا يمكن من دونها العمل على تنفيذ القرارات الدولية”.
ويشرح عبد القادر نعناع وجهة نظره هذه، “حين نتحدث عن ضرورة تحديث تلك المؤسسات، أو استحداث أخرى، فإن ذلك نتيجة الإدراك أن هذه المؤسسات باتت تنفيذية لتوجيهات القوى المتدخلة في الشأن السوري وقراراتها، وبالتالي لا دور لهذه المؤسسات في رسم مستقبل السوريين حتى الآن، وتتحمل وحدها مسؤولية إقصائهم عن هذا الدور”.
“قيصر استهداف مزدوج”
حول النتائج المترتبة على تطبيق قانون “قيصر”، قال عبد القادر نعناع لعنب بلدي، إن تصميم القانون يترافق مع نقطتين لا بدّ من مراعاتهما، الأولى تتمثل في استعصاء النظام داخليًا، ووصوله إلى مرحلة التآكل والانهيار الذاتي، إذ “يمكن للنظام أن يعيش لفترة أطول، لو لم يكن خارجًا من حرب طويلة، ولو كان حلفاؤه قادرين على توفير دعم مستمر له”.
أما النقطة الثانية، فتتمثل بأن “القانون أتى لاستهداف حلفاء النظام المنهكين في سوريا ومناطق أخرى، وبالتالي يحدّ من قدرتهم على توفير الشرط السابق لاستمرار النظام”.
وفقًا للنقطتين، “يأتي القانون ليشتغل وفق إطار زمني ممتد لتفكيك النظام من داخله، وإجبار حلفائه على استعجال هذا التفكيك”.
ويرى نعناع أن النظام وحلفاءه متضررون، لكن الضرر الأول سيقع على عاتق أثرياء النظام، الذي سيسعى للسيطرة على أموالهم بعد أن فقد قدراته التمويلية، وتحوّل إلى “مافيا”، أما الدائرة الثانية التي سيطالها هذا الاختراق فستكون “دائرة كبار الضباط، وهم شركاء أثرياء النظام، وهو ما سيخلق منازعات داخل مؤسسات النظام العليا”.
ويتابع، “صحيح أن ما يقال عن تصفية شخصيات من النظام ليس دقيقًا كما يتم ترويجه، لكن لا يجب علينا استبعاد أن النظام ينفذ هذه التصفيات لأبعاد سياسية وأمنية ومالية، بعد أن بلغ مرحلة التآكل والانهيار الذاتي”.
ويؤكد أن “ضررًا كبيرًا سيقع على عاتق روسيا وإيران والإمارات لناحية وقف تنفيذ مشاريعهم الاستثمارية الخاصة بإعادة البناء، ورفع تكلفة تدخلهم في سوريا إلى مستويات تجبرهم على تحريك المياه الراكدة”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :