
Image Source: Canva
Image Source: Canva
د. أكرم خولاني
لازلنا نتحدث عن صحة الوليد وأشيع التظاهرات الطبيعية والمرضية التي يمكن مشاهدتها عنده، وسنتناول في هذا العدد موضوع الخصية الهاجرة كإحدى أهم المشاكل عند المواليد الذكور.
تتكون الخصيتان عند الجنين الذكر في البطن خلال الحياة الجنينية، ثم تنزلان الى كيس الصفن (كيس جلدي تحت القضيب الذكري) بين الأسبوع 28-40 من الحمل، وما يحدث عند عدد قليل من الذكور أن إحدى الخصيتين أو كلتيهما تفشلان في الهبوط الى كيس الصفن، فيولد الطفل وما تزال الخصية في البطن وتسمى بـ «الخصية الهاجرة» أو المعلقة.
أكثر ما يشاهد عدم نزول الخصية عند المواليد الذين ولدوا قبل موعد ولادتهم الطبيعي، أو قبل إكمال الأسبوع 37 من الحمل، والأطفال ناقصي الوزن عند الولادة أو الأطفال التوأم أو الذين يوجد في أسرتهم تاريخ مرضي بنفس الحالة، وكثيرًا ما يصاحب عدم نزول الخصية تشوهات خلقية أخرى، ولكن الملاحظ أنه في أكثر الحالات تنزل الخصية عند هؤلاء خلال الشهور التسعة الاولى بعد الولادة وعند عدد قليل منهم لا يتم هذا النزول، وهنا لا بد من اللجوء الى إنزال الخصية من قبل الطبيب.
لا، حيث يجب الانتباه الى إمكانية ارتفاع الخصية النازلة أصلًا عند الكثير من الأطفال الطبيعيين، خاصة عندما يجلس الطفل في الماء البارد، وتسمى هذه الحالة بالخصية النطاطة أو المتجولة، وهي خصية تتحرك ذهابًا وإيابًا بين الصفن والقناة الاربية الواصلة بين الصفن وجوف البطن، وبالإمكان إرجاعها إلى داخل الصفن بصورة يدوية وبسهولة نسبية خلال زيارة عيادة الطبيب، وهي عادة لا تحتاج لأي علاج لأنها ستستقر أخيرًا في كيس الصفن، إلا أنها إذا صعدت بشكل دائم بحيث لا يمكن إنزالها يدويا فإنها تعالج معالجة الخصية الهاجرة.
بشكل عام تكتشف حالة الخصية الهاجرة عند خضوع الوليد للفحص الأول بعد الولادة مباشرة من قبل الكادر الطبي، لكن برغم ذلك على الأب والأم التأكد من وجود الخصيتين في مكانهما الطبيعي، فإذا كانت كلتا الخصيتين غير نازلتين يلاحظ عندها أن كيس الصفن يبدو صغيرًا وغير مكتمل النمو، أما إذا كانت واحدة فقط من الخصيتين غير نازلة فسيبدو الصفن غير متناظر (فارغ في جهة وممتلىء في الجهة الأخرى)، وعندها يجب مراجعة الطبيب بأقرب وقت.
يعتبر الكشف السريري من قبل أطباء الأطفال الأهم في التشخيص، إذ يجب على الأطباء الكشف على منطقة العانة والخصيتين في كل زيارة، حتى لو كان الطفل ولد طبيعيًا، ويستطيع الطبيب أن يحدد بسهولة –نسبيًا- إذا كانت إحدى الخصيتين أو كلتيهما غير نازلة إلى الصفن.
الهدف من إجراء فحوص مستقبلية هي تحديد مكان الخصية الدقيق وتعقب التغيرات التي تحدث في مكانها، ففي حال كانت الخصية موجودة في القناة الأربية قد يستطيع الطبيب المعالج تحديد مكانها عن طريق التحسس اليدوي فقط، أما في حال كانت الخصية لا يمكن تحسسها فيجب إجراء واحد أو أكثر من الفحوصات التالية حسب ما يقرره الطبيب: تصوير بالأمواج فوق الصوتية (إيكو)، أو بالرنين المغناطيسي، أو تنظير البطن، أو إجراء عملية جراحية.
يهدف العلاج إلى نقل الخصية الهاجرة وإعادتها الى مكانها الطبيعي داخل الصفن، ومع أن العلاج في مراحل مبكرة جدًا قادر على التقليل من خطر ظهور مضاعفات لاحقة قد تنجم عن حالة الخصية الهاجرة، إلا أنه وجد بالدراسات أن 70-77% من الخصى الهاجرة حال الولادة تنزل تلقائيًا وبدون معالجات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الطفل، بينما يقل احتمال نسبة نزولها بعد العام الأول من عمر الطفل إلى 1% فقط، ولهذا فإن العلاج يكون وفق المراحل التالية:
لضمان تطور وعمل الخصيتين بشكل سليم، وتجنبًا لحدوث مضاعفات لها آثار خطيرة صحية ونفسية على الطفل، فالخصيتان يجب أن تبقيان بدرجة حرارة أقل بقليل من درجة حرارة الجسم وهذا ما يؤمنه الصفن، حيث تقل حرارته درجتين مئويتين عن حرارة الجسم، أما الخصية الهاجرة فتتعرض لدرجة حرارة عالية من شأنها تدمير الخلايا المسؤولة عن إنتاج النطاف وتؤدي إلى ضمورها ومن ثم العقم أو تحولها الى أنسجه غريبة لها طابع نمو خبيث يتحول إلى أورام سرطانية.
من المضاعفات الأخرى الناتجة عن وجود الخصية في غير مكانها الطبيعي:
خلاصة القول، إن اكتشاف الخصية الهاجرة مبكرًا والسعي لإنزالها إلى مكانها الطبيعي في العام الأول من عمر الطفل قد يساعد في المحافظة عليها وتجنيبها للمضاعفات المحتملة، لذلك على الكوادر الصحية وكذلك الأب والأم أن يتحملوا مسؤوليتهم في التحري عن وجود الخصية الهاجرة، وفي حال ملاحظة ظهور أي تغيرات في الأعضاء التناسلية للطفل أو في حال القلق حيال سلامة تطورها يجب استشارة الطبيب المختص لمتابعة الحالة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى