تحكم تصرفات الشخص بملكيته العقارية عدة قوانين في سوريا، تنظم بيعها أو استئجارها أو رهنها، ولا تطبق أي من تلك القوانين في مناطق سيطرة فصائل المعارضة شمال غربي سوريا، وسط استمرار تصرف أهالي المنطقة بمساكنهم وأراضيهم ببيعها أو تأجيرها لأطراف أخرى، ما يستدعي وجود جهة تنظم تلك التصرفات لتضفي عليها الصفة الإلزامية لأطرافها في المستقبل، حتى وإن كانت تلك الجهات غير معترف بها من قبل حكومة النظام في دمشق.
في عام 2015، خرجت مدينة إدلب عن سيطرة قوات النظام السوري، وخرجت بذلك تصرفات الأهالي العقارية من دائرة الإلزام القانوني، في حال لم توثق وتنظم داخل جهة حكومية يعترف بها النظام، ولذلك أنشأت حكومة “الإنقاذ” العاملة في المنطقة “مكتب التوثيق العقاري” التابع لوزارة الإدارة المحلية والخدمات في “الإنقاذ”، ليكون جهة مدنية تعمل على توثيق وأرشفة تلك التصرفات التي تطرأ على المساكن أو الأراضي في المنطقة.
وأعاد “مكتب التوثيق العقاري” تفعيل قسم “تنظيم المكاتب العقارية” في “المديرية العامة للعقارات” بجميع الفروع التابعة للمديرية في مناطق سيطرة المعارضة.
وأُطلقت التسمية على هذه الجهات كلها بقرار من حكومة “الإنقاذ”، وفي حزيران الماضي، صدر قرار آخر حمل الرقم “263” وقضى بتفعيل دور “المديرية العامة للعقارات”.
آلية التوثيق
آلية توثيق التصرفات التي تطرأ على المساكن والأراضي في منطقة إدلب تتمحور بمجموعة من الإجراءات التي تطلبها “المديرية العامة للعقارات” من مالك العقار الذي ينوي التصرف بعقاره، بحسب ما قاله المحامي العامل في إدلب أحمد خبو لعنب بلدي، وذلك بتقديم سند الملكية، وهو وثيقة رسمية تُثبت ملكية شخص ما لعقار معين (الطابو الأخضر)، بالإضافة إلى بيان القيد العقاري بتاريخ استخراج جديد، لإثبات اسم المالك ورقم وتاريخ عقد الملكية.
كما يتطلب توثيق التصرف الذي يطرأ على العقار في إدلب، استخراج قيد مدني أو صورة طبق الأصل عن هوية مالك العقار المدنية وهوية الطرف الثاني، وفق خبو، بالإضافة إلى عقد محدد فيه وصف التصرف الذي طرأ على العقار، سواء كان بيعًا أم رهنًا أم استئجارًا.
ويُطبع العقد بخمس نسخ في “الدائرة العامة للعقارات”، ويُحفظ داخل جهاز المعلومات الخاص بالدائرة، ويُحدد فيه اسم البائع واسم المشتري وأوصاف العقار (رقم العقار، واسم المنطقة التي يقع فيها، ومساحته، ووصفه، ونوعه الشرعي).
كما يتطلب أن يُقدم الطرفان أصحاب المصلحة في التصرف بالعقار، وثيقة تثبت أنهما غير ممنوعين من التصرف بسبب حجز المحكمة عليهم بسبب عته أو سفه أو جنون، أو الحجز على العقار بسبب تنفيذ دعوى قضائية معينة، وتصدر هذه الوثيقة من “مكتب الممنوعين من التصرف” في إدلب.
“موافقة أمنية” ثانية
وفي هذا الوقت، يُطلب من أي شخص يرغب بالتصرف بعقاره، أن يُقدم ضمن الوثائق اللازمة لإتمام تصرفه “موافقة أمنية” تثبت عدم تعامل أي طرف من أطراف العقد مع أي جهة تابعة للنظام السوري، يصدرها “مكتب الدراسات في إدلب” وفق ما ذكره المحامي خبو.
وأصدرت حكومة النظام السوري عام 2015 قرارها “رقم 4554″، القاضي بإضافة البيوع العقارية وعمليات إيجار وفراغ المنازل والمحلات إلى القضايا التي تستوجب الحصول على موافقة أمنية مسبقة من الجهات المختصة.
ويُخالف قرار إلزام إصدار “الموافقة الأمنية” حقوق الملكية الفردية في الدستور السوري لعام 2012، الذي أكد في مادته “رقم 15” على حق الفرد بحرية التصرف بأملاكه وعدم جواز مصادرتها.
وعند تأمين كل الوثائق المطلوبة لإتمام التصرف بالعقار، يذهب طرفا العقد إلى رئيس “مكتب التوثيق العقاري” المختص، وفق خبو، بتوثيق العمليات العقارية في إدلب، والتأكد من كامل الإجراءات الشكلية و”القانونية” الخاصة بالعقد، بالإضافة إلى تأكد رئيس المكتب من خلو إرادة كل من طرفي العقد من أي إكراه يحول دون تطبيق العقد، من خلال سماع إقرار كلا الطرفين بالتزامهما بتنفيذ بنود العقد.
وبعد ذلك يذهب الطرفان إلى رئيس “دائرة التوثيق العقاري” في إدلب ليُسجل التصرف على الصحيفة العقارية.
أقسام “المديرية العامة للعقارات” في إدلب
وتُقسم “المديرية العامة للعقارات” في إدلب إلى عدة أقسام تتبع إداريًا للمديرية، بحسب ما قاله المدير العام للعقارات في المنطقة، عبد الرحمن زين، في حديث سابق لعنب بلدي.
وتتمثل هذه الأقسام بـ”مكتب توثيق العقود”، ومهمته تصديق كل عقد يبرم بين طرفيه، وإخضاع هذه العقود للقرارت الصادرة عن حكومة “الإنقاذ”، وإبلاغ الأطراف بهذه القرارات والتأكد من صحة العقود.
بالإضافة إلى “مكتب الترخيص والشكاوى” المختص بمتابعة ترخيص المكاتب العقارية في مجالس البلديات، واستقبال الشكاوى من أطراف عقود الإيجار، وتشكيل لجان محلية تقوم بالكشف على العقار وتخمين قيمة إيجاره بالليرة التركية، كما تقوم هذه اللجان بتقدير الأضرار التي قد يسببها المستأجر للعقار.
ومن مهام هذا المكتب أيضًا، بحسب زين، تنفيذ لوائح تطبيق القرار الخاصة بالاستثناءات التي يحق فيها للمؤجر إخلاء المستأجر.
وفي حال عدم تثبيت العقود في قسم تنظيم المكاتب العقارية، يخسر طرفا العقد الحماية لحقوقهم لأنهم أبرموا عقودًا ولم يصدقوها لدى “المديرية العامة للعقارات”، بحسب زين، وفي حال أي خلاف بين المؤجر والمستأجر لن تقبل أي جهة ادعاءهم إلا بعقد مصدق وموثق في المديرية، و”هذا تجاوز يعرّض مالك العقار والمكتب العقاري للمساءلة والمحاسبة”، وفق ما ذكره زين.
–