ثلاثة اجتماعات خلال شهر
مساعٍ روسية لكسب الجنوب السوري.. هل تنجح في القنيطرة
عنب بلدي – خاص
تسعى روسيا لكسب مناطق الجنوب السوري (درعا، السويداء، القنيطرة) إلى صفها، وحصولها على صفة الصديق بدلًا من العدو، عبر العديد من التحركات السياسية والعسكرية والخدمية.
ففي 6 من تموز الحالي، اجتمع وفد روسي مع محافظ السويداء و”اللجنة الأمنية” التابعة للنظام السوري وعدد من ممثلي الفصائل المسلحة في السويداء، وهو الاجتماع الثاني مع الروس بعد المظاهرات التي شهدتها المدينة، في حزيران الماضي، والتي تراجعت مؤخرًا.
وبحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في السويداء، حينها، فإن فصائل المدينة التي حضرت الاجتماع الثاني مع الروس بعد الاعتقالات التي طالت ناشطين في المدينة من قبل قوات النظام الأمنية، هما فصيلا “فزعة فخر” و”كتائب البعث”.
وتزامن الاجتماع الأول مع اعتصام مجموعة من الناشطات أمام مبنى المحافظة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، بعد قرار بنقلهم إلى دمشق، في 22 من حزيران الماضي، ليفرج عنهم بعده.
وعقد قائد القوات الروسية في الجنوب السوري، في 15 من أيار الماضي، اجتماعًا في درعا مع “اللجنة المركزية” التي شُكلت بعد دخول النظام إلى المنطقة الجنوبية، من شخصيات مدنية وقادة في “الجيش الحر”، ومهمتها تمثيل الأهالي والحوار مع النظام والروس ونقل المطالب.
وبحسب ما أكده الناطق باسم “اللجنة المركزية” المحامي عدنان المسالمة، لعنب بلدي، حينها، فإن الجانب الروسي أكد للجنة أنه يعمل بشكل جدي ومكثف لمنع وقوع أي حوادث أو أي عمل عسكري في المنطقة، مبررًا حشود قوات النظام بأسباب عسكرية أخرى ليست غايتها اقتحام المنطقة.
محاولات لضم القنيطرة إلى “الفيلق الخامس”.. كيف تعمل روسيا فيها؟
لم تفشل روسيا في استمالة بعض أعضاء اللجان المحلية والمعارضين السابقين في مدينة القنيطرة، وإظهار قربها من السكان عن طريق توزيع المساعدات في بعض المناطق واستقبال الشكاوى منهم، ودعمت بطريقة غير مباشرة الحراك الشعبي الذي تنظمه “اللجان المركزية” ضد النظام وحليفته إيران، بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي في المدينة.
وقال ناشط إعلامي، وأحد عناصر “اللجنة المركزية” في الجنوب السوري، (تحفظ على نشر اسمه) لعنب بلدي، إنه منذ بداية المفاوضات الحقيقية التي جرت بين روسيا وإسرائيل منتصف عام 2018، حول إعادة سيطرة النظام على الجنوب السوري، كانت الأولى تضمن إبعاد ميليشيات إيران عن حدود إسرائيل، ودار الحديث حينها عن تعهد روسيا بإبعاد الميليشيات مسافة 100 كيلومتر عن الحدود مع الجولان المحتل والأردن.
ومع تطبيق الاتفاق بسيطرة النظام وإخضاع فصائل المعارضة لاتفاق “تسوية” بمفاوضات شكلية، شُكّل “اللواء الثامن” و”الفيلق الخامس” التابعان لروسيا، ليضما المئات من عناصر المعارضة السابقين، وهدفهما منع انتشار إيران و”حزب الله” في الجنوب، ولكنها سيطرت على أهم النقاط دون اتخاذ أي إجراء ضدها، بحسب الناشط.
تمكنت قوات الأسد والحليف الروسي من السيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة، في تموز 2018، بموجب اتفاقيات “تسوية”، بعد أيام من قصف وتعزيزات عسكرية، وسط تقديم ضمانات روسية للأهالي وفصائل المعارضة. |
ومن خلال مصادر خاصة حضرت أحد الاجتماعات التي جرت في القنيطرة من أجل مناقشة موضوع انضمام المدينة إلى “الفيلق الخامس” أو “الفرع 220” المعروف بفرع “سعسع”، وبعد تحقق مراسل عنب بلدي في المدينة من المعلومات، تبين أن هناك بعض القادة العسكريين والمدنيين يريدون إفشال المشروع الروسي، وفصل القنيطرة عن درعا، بانضمامها للنظام السوري.
وحضر هذا الاجتماع، الذي عُقد في 4 من تموز الحالي، في ريف القنيطرة الشمالي، رئيس مجلس محافظة القنيطرة “الحرة” سابقًا، ضرار البشير، وبعض قادة الفصائل مثل “أبو جعفر ممتنة”، و”أبو مجاهد”، و”أبو محمد الأخطبوط”.
وقال البشير (عراب المصالحات مع النظام)، الذي ترأس بعض الاجتماعات في المدينة، بكلمته في الاجتماع “يجب أن نبقى سوريين ونحارب المحتل الروسي والإيراني ونقف إلى جانب بعضنا في وجه هذا المشروع، ونصل إلى تشكيل قوة عسكرية يترأسها فرع سعسع مع أهالي القنيطرة”، ليوافقه أهالي القنيطرة ولجان المصالحة فيها بقولهم، “نحن لن نكون أداة بيد الروس ولا إيران ولا حتى أفرع النظام الأمنية التي تتبع بالخفاء لإيران وحزب الله”، بحسب المصادر التي حضرت الاجتماع.
وأكدوا أنهم سيقفون على الحياد ولن ينضموا لأي تشكيل، موضحين أن من تخلى عن الثورة السورية وادعى أنه صديق للشعب السوري، لا يُستبعد عنه التخلي عنهم في حال اتفقت الأطراف المعنية كالنظام وروسيا وإيران ودول الجوار، رافضين أن يكونوا أداة أو وقودًا لهذه الحرب.
بدوره، بدأ “أبو جعفر ممتنة” بوضع حواجز على المناطق المتصلة بين درعا والقنيطرة وعلى الطرق الفرعية، منعًا لوصول أهالي درعا إلى القنيطرة، كي لا يفتح المجال لانضمام المدينة إلى “الفيلق الخامس”، وفق المصادر.
منذ سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة الجنوبية، فتحت روسيا باب الانضمام إلى “الفيلق الخامس” أمام عناصر “المصالحات”، وسلّمت قيادته إلى أحمد العودة، القيادي السابق في “الجيش الحر”.
وفضّل كثير من عناصر “التسويات”، الذين كانوا يتبعون لفصائل المعارضة، الانضمام إلى صفوف “الفيلق”، كخيار أفضل من الخيارات الموجودة أمامهم، وهي مغادرة المحافظة إلى الشمال السوري أو الانضمام إلى قوات النظام السوري وتشكيلاتها العسكرية، وخاصة “الفرقة الرابعة”.
بين الحين والآخر يعمل “الفيلق” على توسيع نفوذه في المنطقة، في ظل تراجع الأطراف الأخرى وتقليص دورها، وخاصة “اللجان المركزية”، التي فاوضت قوات النظام بضمانة روسية، وحصلت على ضمانات ضمن اتفاق “التسوية” في تموز 2018.
“يد ملطخة بالدم”
يرى العميد المنشق عن صفوف النظام من القنيطرة، حسن طه، الذي كان في المنطقة الجنوبية، ويتنقل حاليًا بين تركيا والشمال السوري، بحسب حديثه لعنب بلدي، أن روسيا لن تستطيع تغيير صفتها الحقيقية “لأن يدها ملطخة بالدم”.
وبحسب وصفه، فإن بعضًا من “أصحاب القلوب الصغيرة والسياسيين المتطفلين قالوا إن روسيا هي الحل الوحيد لنا من أجل إسقاط النظام وطرد إيران”، ولكن برأيه فإن روسيا لن تتغير و”من يظن أنها تغيرت فهو مخطئ، رغم نجاحها فعلًا بكسب بعض القيادات والتكتلات في الجنوب لمصلحتها، وتجنيد كثير من الشباب ضمن الفيلق الخامس”.
وعاد “الفيلق الخامس”، الذي يعتبر الذراع العسكرية للروس في سوريا، إلى الواجهة مجددًا خلال الأسابيع الماضية، من خلال محاولته توسيع نفوذه في الجنوب السوري، أو من خلال استهداف قواته من قبل مجهولين.
وتحاول روسيا منح “الفيلق” صلاحيات واسعة لضبط الأمن في مناطق سيطرته، ومنع أي قوات أخرى من التوغل فيها، بما في ذلك قوات النظام السوري، مقابل محاولة كسب قوة عسكرية كبيرة لها جنوبي سوريا تحت قيادة واحدة في درعا والقنيطرة.
ومنذ بداية “التسوية” دخلت روسيا كضامن لكبح سطوة النظام الأمنية واعتقال معارضيه، لكن حوادث الاعتقال استمرت في المحافظتين، كما استمرت حالات السَّوق إلى الخدمة الإلزامية والحوادث الأمنية، الأمر الذي قلل من نجاح التطمينات الروسية في إقناع جزء من أهالي الجنوب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :