عنب بلدي – ريف درعا
“لا أستطيع تأمين مصروف عائلتي، الأسعار مرتفعة والأجور لا تكفي لشراء نصف الاحتياجات”، بهذه الكلمات عبّر الشاب أحمد الذي يعمل بالأجرة اليومية (مياوم) في المشاريع الزراعية بأجر لا يتجاوز 2500 ليرة سورية، أي ما يعادل دولار أمريكي واحد مع تراجع قيمة الليرة السورية.
أحمد هو واحد من مجموعة عمال زراعة مياومين في ريف درعا التقتهم عنب بلدي (رفضوا جميعهم نشر أسمائهم الكاملة لأسباب أمنية)، أجمعوا على أن ما يجنونه من عملهم بات غير كافٍ لإعالة أسرهم بالحد الأدنى، في ظل ارتفاع الأسعار.
المصاريف تفوق الدخل
ضياء، هو طالب جامعي مفصول ومطلوب للخدمة العسكرية الإلزامية، قال لعنب بلدي إن ظرفه فرض عليه العمل ضمن المشاريع الزراعية، رغم أنه كان يطمح للعمل بشهادة الحقوق.
ولكن المطاف انتهى به في ميدان الزراعة، بأجر لا يكفيه مصروفه اليومي “فنصف أجرته يساوي ثمن علبة دخان فقط”، على حد تعبيره.
ولا تختلف حال العاملات من النساء، ومنهن أم عمار (40 عامًا)، وهي أرملة تعيل أربعة أولاد، قالت لعنب بلدي إنها تعمل ضمن المشاريع الزراعية لتأمين مصروف أبنائها، ولكن بعد غلاء الأسعار لم تعد قادرة على تأمين احتياجاتهم، وخصوصًا من المؤن الضرورية لتخفيف عبء المصروف لاحقًا.
وتتخوّف أم عمار أيضًا من قدوم المدارس وما يلزمها من مصاريف، كلباس أطفالها وشراء كتب وقرطاسية.
أما الشاب أحمد، فيتخوّف من استمرار تراجع قيمة الليرة وانعكاسه على الأسعار، “فالغلاء عام يشمل كل المنتجات الوطنية والمستوردة وحتى الأدوية”.
أسعار مرتفعة
كما في أغلب المحافظات السورية، تضاعفت أسعار السلع أكثر من مرة، خلال فترة تراجع قيمة العملة المحلية منذ أيار الماضي، ورصد مراسل عنب بلدي أسعار بعض المنتجات الغذائية الأساسية بالنسبة للمواطنين.
ووصل سعر كيلو السكر إلى 1200 ليرة، وكيلو الرز حسب جودته ما بين 1500 و3000، في حين وصل سعر كيلو الشاي إلى 18 ألف ليرة، وليتر الزيت إلى 3000، والكيلو من فوط الأطفال إلى سبعة آلاف ليرة، وكذلك ارتفعت أسعار الملابس والأحذية.
ونتيجة ذلك، قالت أم عمار إنها تخلت عن الكماليات، “فالكيلوغرام الواحد من الدجاج يبلغ سعره 2500 ليرة، وكيلوغرام لحم العجل بـ12 ألفًا، والسمن بـ3500 ليرة، فكيف لأجر يومي أن يجاري هذه الأسعار!”.
مخاوف لدى العمال من تراجع المساحات المزروعة في المواسم المقبلة
يتخوّف العمال من قلة الطلب على الأيدي العاملة في حال تقليص مساحات المشاريع الزراعية بعد الارتفاع الحاصل بتكاليف الزراعة، خصوصًا بأسعار الأدوية التي ترتبط بتقلبات الدولار وأغلبها مستوردة.
وأشار الشاب أحمد إلى تململ بعض المزارعين من ارتفاع تكاليف الإنتاج، ونيتهم تخفيض مساحة بعض المواسم، معتبرًا أن هذا يعني الاستغناء عن جزء من الأيدي العاملة.
وتوقع وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة” العاملة في مناطق ريف حلب شمال غربي سوريا، عبد الحكيم المصري، في حديث سابق لعنب بلدي، تقليص المزارعين المساحات المزروعة خلال المواسم المقبلة، مرجعًا ذلك لارتفاع تكاليف إنتاج المحاصيل وانخفاض أسعارها.
90% تحت خط الفقر.. القدرة الشرائية إلى مزيد من التدهور
سبق أن حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أزمة غذاء غير مسبوقة في سوريا، وسط توقعات بتسارع تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، بحسب ما نقلته وكالة أنباء “رويترز“، في 26 من حزيران الماضي، عن المتحدثة باسم البرنامج، إليزابيث بايرز.
وقالت بايرز، إن تسعة ملايين و300 ألف شخص في سوريا يفتقرون إلى الغذاء الكافي، موضحة أن عدد من يفتقر للمواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع مليون و400 ألف خلال الأشهر الستة الماضية.
وارتفعت أسعار السلع الغذائية بنسبة تزيد على 200٪ في أقل من عام واحد، وأرجعت المتحدثة باسم برنامج الأغذية ذلك إلى الانهيار الاقتصادي في لبنان، وإجراءات العزل بسبب “كورونا”.
بينما قدرت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا، أن 90٪ من سكان سوريا يعيشون تحت خط الفقر، أي بأقل من دولارين في اليوم الواحد.