هندسة الهيمنة على النساء.. من “الأمومية” إلى “استيلاء الرجل”
عبر آية قرآنية وأخرى من الإنجيل، افتتحت الدكتورة السورية ميادة كيالي كتابها “هندسة الهيمنة على النساء”، الذي تناقش من خلاله الزواج في حضارات مصر والعراق القديمة، وهو أمر له دلالته، على اعتبار أن وضع المرأة في العالم العربي تحديدًا يرتبط بالأديان، وبمجموعة من الأعراف والتقاليد المتوارثة عبر السنين.
بدأ الكتاب، عبر فصله الأول، بشرح النشأة الدينية والاقتصادية للزواج منذ عصور ما قبل التاريخ، وذلك عبر العلاقات الإنسانية قبل ظهور فكرة الزواج، ثم كيفية ظهوره وعلاقته بالدين، وما أطلقت عليه الكاتبة اسم “الزواج المقدّس” و”البغاء المقدس”، وكلاهما بحث منفصل.
وترى الكاتبة أن الزواج “بمفهومه المعاصر” مر بعدة مراحل زمنية طويلة حتى وصل إلى شكله الحالي، وأصبح “ارتباطًا بين طرفين تكون بينهما علاقة جنسية مقبولة ومعترف بها من قبل المجتمع هدفها الإنجاب والمتعة، وفق قوانين أو تقاليد اجتماعية وتشريعات دينية”، ومن هنا يبدأ الربط بين الدين والمجتمع وخطوة الزواج والارتباط.
وتطرقت الكاتبة إلى نظرية “المجتمع الأمومي”، التي طرحها يوهان جاكوب باخوفن في القرن الـ18 عبر كتابه “حق الأم”، واعتبر أن أصل نظام العائلة كان “أموميًا”، أي أن بدايات البشرية حُكمت من قبل النساء ثم استولى الرجال على هذه السلطة.
وتكمن أهمية الكتاب في شرح أن دور المرأة في المجتمعات لم يكن مقتصرًا على تلبية رغبات الرجل أيًا كانت واتباع خطواته، بل إن المرأة كانت هي أساس الحكم المجتمعي في الأطوار الأولى للبشر، وبالتالي يقدم الكتاب نظرة مختلفة عن واقع المرأة في جميع أنحاء العالم وليس في المنطقة العربية فقط.
في المبحث الثاني من الفصل الأول، وبعد انتهاء شرحها لعلاقة الدين والمجتمع بالزواج، انتقلت الكاتبة إلى الحديث عن العلاقة بين الزواج والاقتصاد، ثم العلاقة بين الزواج والنظام الأبوي، وأخيرًا التعددية في الزواج وأصلها، وهنا تشير الكاتبة إلى أن العلاقة الوطيدة بين الأم وابنها هي الأساس الأول في العائلة، وتوضح دور الأب في هذه العلاقة.
في حين تنتقل في الفصل الثاني إلى شرح المظاهر الحضارية والاجتماعية للزواج في مصر والعراق، وفيه شرح مختلف للأفكار التي ذُكرت سابقًا، مع الأخذ بعين الاعتبار تطور البشر وظروفهم الدينية والاجتماعية.
كما يتضمن الكتاب ملاحق مهمة تتعلق بأسماء الآلهة القديمة، ومواد قانونية وأسماء المدن القديمة، وعدة ملاحق أخرى تتعلق بالبحث العلمي نفسه.
نُشر الكتاب للمرة الأولى في عام 2018، وهو في أصله رسالة دكتوراه أعدتها ميادة كيالي للحصول على شهادتها من جامعة “فان هولاند”، ونشرها المركز الثقافي للكتاب في المغرب، ووزعتها دار “مؤمنون بلا حدود” في بيروت، بينما رسم صورة الغلاف الفنان السوري صفوان داحول.
وبناء على هذا الكتاب، حصلت ميادة كيالي على شهادة الدكتوراه في التاريخ القديم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :