صار الاقتصاد في سوريا في حالة من “الفوضى” بسبب استثمارات “صورية” المضمون يعلم المستثمرون فيها عند توقيع العقود أن هذه المشاريع “لن تحقق أي تقدم” في مجال الاستثمار الاقتصادي.
وبحسب دراسة للباحث السوري في معهد “الشرق الأوسط”، كرم شعار، فإن حكومة النظام السوري اتبعت العديد من آليات لإنقاذ اقتصادها وسط الأزمات الاقتصادية المتتالية منذ بدء ثورة 2011 حتى الآن.
ومن ضمن هذه الآليات، اعتماد النظام على الدعم المالي القادم من حليفته إيران، وتحفيز النمو الناجم عن التضخم عن طريق طباعة النقود السورية، بالإضافة إلى تقديم تنازلات مغرية للشركات الأجنبية لجذب استثماراتها داخل البلاد.
ووفق دراسة شعار، فإن أغلب الاستثمارات الاقتصادية في سوريا التي تعمل عليها حكومة النظام “لا تؤتي ثمارها”، فمن بين 118 مشروعًا وافقت عليها وكالة الاستثمار السورية عام 2018، اتخذت 46% فقط خطوات جدية نحو التنفيذ اعتبارًا من أوائل عام 2020، واصفًا تلك المشاريع بالـ”الاستمارات الصورية”.
غاية تلك الاستمارات هي مجرد الإعلان عنها لترضي الحكومة جمهورها، على المدى القصير وفق شعار، من خلال طمأنتهم بأن الرخاء الاقتصادي على الأبواب من جهة، بينما يستثمر المستثمرون نفوذهم في تلك المشاريع من جهة أخرى.
ويجري الإعلان عن تلك الاستثمارات على أساس أنها بنية حقيقية، لكن “يعرف الطرفان تمامًا أنه لا توجد خطط لتنفيذ المشاريع المعلنة فعليًا”.
وتطرح الدراسة مثالًا حين وافقت حكومة النظام على إنشاء مصفاة نفط، تحمل اسم “مصفاة الرصافة”، التي ستبنى جنوب محافظة الرقة.
وستشغل جزئيًا من قبل شركة “Arfada Petroleum” التابعة لمجموعة “قاطرجي الدولية“، التي يملكها حسام قاطرجي بنسبة 34% وأخيه محمد براء قاطرجي بنسبة 33%، وأحمد بشير بن محمد براء قاطرجي بنسبة 33%.
وتخضع مجموعة “قاطرجي” لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وبحسب الإعلان، ستنشأ المصفاة برأس مال قدره عشرة مليارات ليرة سورية (ما يعادل 4.7 مليون دولار أمريكي).
لكن، بحسب الدراسة فإن هذا المبلغ بالكاد يكفي لتنقية المياه وليس لتكرير 60 ألفًا من براميل النفط الخام الثقيل.
وتقارن الدراسة رأس مال “مصفاة الرصافة” المنخفض بالنسبة للتخطيط الخاص بـ”مصفاة أبو خشب” التي طال انتظارها في دير الزور شمال شرقي سوريا بتكلفة 2 مليار دولار في عام 2009. وقدرت تكلفة مشروع تحديث “مصفاة بانياس” غربي سوريا في عام 2007 بمبلغ 600 مليون دولار.
ولا يزال غير واضح مصدر النفط الخام المراد تكريره في “مصفاة الرصافة”، فلا يتجاوز النفط الذي يمكن تهريبه من المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) 2000 برميل في يوميًا، وفق توقع شعار في الدراسة، وهو عمل محفوف بالمخاطر تعارضه الولايات المتحدة الداعمة لـ”قسد”.
وتساءلت الدراسة: إذا كانت المصفاة ستستخدم خام النفط الإيراني، إذ تأتي معظم احتياجات النظام عن طريق البحر، فلماذا لا تُبنى المصفاة بالقرب من الساحل؟
قدرة تكرير نفط الخام الحالية في سوريا، من المصافي المحلية في بانياس وحمص، تغطي احتياجات المناطق التي يسيطر عليها النظام لمعظم المشتقات النفطية، وتخضع صادرات النفط السورية لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لذا لا حاجة وفق الدراسة لاستخدام مصفاة جديدة، إلا إذا كانت ضمن “الاستثمار الصوري”.
وقُدر الناتج الاقتصادي السوري حسب التضخم في عام 2019 بنحو ثلث مستواه قبل 2011، بينما يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر.