الضغط يتزايد على الأسد.. ببطء نحو النهاية
من العدد المطبوع الخاص بأفريقيا والشرق الأوسط لصحيفة الإيكونومست
بعد أربع سنوات ونصف دمرت البلاد واستهلكت المقاتلين أكثر من أي وقت مضى، يبدو أن نهاية الحرب الأهلية المروعة في سوريا أمر عسير في الوقت الراهن.
تقلص سيطرة الأسد في سوريا إلى “السدس”
ولكن وكالسرد القصصي والمسلسل التلفزيوني الذي لا نهاية له، لا تدل المخططات ولا تعطي تلميحات عن نتيجة مفيدة، ومن غير المرجح أن تظهر أي نتائج في الموسم الصيفي الحار والدموي الحالي، ولكن ربما في المستقبل غير البعيد.
وحتى وقت مبكر من هذا العام، تزايدت سيطرة كل من نظام الأسد وتنظيم “الدولة الإسلامية”، ولكن الأحداث انقلبت ضد كل منهما الآن.
وفي تحليل حديث لمجلة “جين” البريطانية للدفاع أشارت أنه وبعد سلسلة الخسائر سواء لتنظيم “الدولة” أو الجماعات المعارضة الأخرى المتنافسة، تقلصت المنطقة التي تسيطر عليه القوات الحكومية منذ كانون الثاني الفائت حوالي 16%، لتصبح قرابة 30 ألف كيلومترٍ مربع، أي ما يعادل بالكاد سدس مساحة الأراضي في سوريا.
وكان هذا الأمر قبل الهجوم الأخير لجيش الفتح، والذي استولى في 28 تموز الماضي على مدن وبلدات ومناطق مهمة على الطريق الذي يربط حلب، المدينة الثانية في سوريا، بالساحل.
ويأتي هذا التقدم بعد سقوط مركز محافظة إدلب في آذار الماضي ومدينة جسر الشغور في نيسان، ما وطّد سيطرة المعارضة في المنطقة.
ويهدد جيش الفتح في الوقت الراهن المناطق الزراعية المحيطة بالجبال الساحلية والتي تعتبر معقل العلويين، الطائفة التي ينتمي إليها الأسد.
وفي وقت سابق من هذا العام، فقدت قوات الأسد سيطرتها على المدينة الصحراوية، تدمر، لصالح تنظيم “الدولة الإسلامية”، فضلًا عن خسارتها لعدد من المناطق في الجنوب على طول الحدود مع الأردن، لصالح جماعات معارضة أخرى.
وبعيدًا إلى الشرق تخوض جيوب النظام معارك حول مدينة الحسكة ضد التنظيم، بمساعدة من الميليشيات الكردية والمسيحية المستقلة.
وفي حين أن القوات الحكومية استعدت العام الماضي لمحاصرة المعارضة في حلب، يبدو في الوقت الحاضر أن رجال الأسد الذين يسيطرون على نصف المدينة بالاعتماد على خطوط الإمداد الطويلة والمكشوفة، غير محصنين بما فيه الكفاية على هذه الجبهة التي أصبحت أكثر حيوية من أي وقت مضى.
ويشير المحللون إلى أن النكسات التي تعاني منها الحكومة تعود لأسباب عديدة وهي: أن المملكة العربية السعودية وتركيا زادتا الدعم الخارجي للمعارضة السنية وحجم ونوعية الإمدادات العسكرية، ما يعوض الخلل الكبير في قوتها النارية.
خطاب الأسد “غير مقبول”
قوات الأسد نفسها استنزفت قواتها، وبدا ذلك في التهرب من الالتحاق بصفوفها وتسرب الجيش النظامي ضمن الميليشيات المحلية الموالية للحكومة. ولم يعد لدى الجيش قوى عاملة ومنظبطة تستطيع الحفاظ على المناطق التي تخضع لسيطرته على عدة جبهات، إذ تعتمد بشكل متزايد على الشيعة الأجانب “المتطوعين”، بمن فيهم المقاتلون العراقيون والأفغان الذين تدربوا في إيران، بالإضافة إلى حزب الله والذي ينهمك بتنفيذ حصارٍِ طويل في بلدة الزبداني، وهي جيب المعارضة على الحدود مع لبنان.
قد يكون تخفيض النفقات من قبل الحكومة متعمدًا جزئيًا؛ “حزب الله وإيران طلبوا من الأسد تبني استراتيجية أكثر واقعية”، كما يقول اميل حكيم، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، مضيفًا “لقد قاوم واعترف بأنه لا يستطيع السيطرة على كافة الجبهات في سوريا، لكنه يدرك أن هذا الأمر غير مقبول”.
وكان الرئيس السوري اعترف في خطابه الأخير قائلًا “يجب علينا أن نحدد المناطق الهامة التي تشغلها القوات المسلحة وعلى ذلك لا نسمح بانهيار البقية”.
وبعد أن منحت الحكومة السورية مؤخرًا عفوًا للمتهربين من الخدمة في محاولة لحشد مجندين، ألمح الأسد أن حكومته قد تأمر بتعبئة عامة، ما سيسمح لها بتجنيد المركبات والآليات وغيرها من الممتلكات المدنية.
بصيص من الأمل على الجبهة الدبلوماسية
ورغم أن تركيا سعت طويلًا لتوفير جهد دولي أكبر ضد الأسد، إلا أنها من غير المرجح أن تقلب المعادلة بشكل حاسم ضده بدخولها الرسمي في الصراع.
من جهتها ستسعى إيران في وقت قريب للحصول على الأموال بعد رفع الحجب عنها بموجب الاتفاق النووي، وتبدو الآن ملتزمة بأولئك الذين يدعمون الرئيس السوري.
وحتى مع أفضل الأسلحة والزخم الأقوى للمعارضة السنة، إلا أنها تفتقر إلى القوى العاملة على الأرض والقيادة اللازمة لتندفع باتجاه دمشق، العاصمة السورية.
وتبقى بعض هذه الجماعات وهي جبهة النصرة، التي تعلن صراحة ولاءها لتنظيم القاعدة، لعنة على القوى الغربية التي قد تكون أحرص على تسريع سقوط الرئيس الأسد.
وعلى الرغم من نجاح تنظيم “الدولة” في تدمر لا تبدو المنطقة مكانًا جيدًا “الخلافة”، بوجود الضربات الجوية لقوات التحالف التي تقلص من تمددها.
بدورها توسعت القوات الكردية بلا هوادة منذ كسر حصار “الجهاديين” عن كوباني، الشتاء الماضي، وكان آخرها سيطرتهم على بلدة صريين على نهر الفرات، وفي الوقت الذي لا يتوقع كثيرون أي انهيار مفاجئ للتنظيم، يعتقد كثير من المحللين أنه باستثناء بعض الأخطاء من قبل أعدائه التي قد تمكنه من كسب حلفاء جدد، بلغ التنظيم فعليًا ذروته في الحجم والقوة.
وحتى لو كانت الآمال حول حل سريع على الأرض في سوريا ضئيلة، إلا أن البعض يرى بصيصًا من الضوء على الجبهة الدبلوماسية، إذ ركز الاتفاق النووي مع إيران العقول على حل قضايا إقليمية أخرى.
وعندما يجتمع وزراء الخارجية بمن فيهم وزراء أمريكا وروسيا، في الثالث من آب الجاري داخل قطر، سيبدو ذلك ظاهريًا طمأنة لدول الخليج العربي بأنه وبعد الاتفاق النووي من المؤكد أن سوريا على جدول الأعمال.
نشر في 1 آب وترجمته عنب بلدي، لقراءة المقال باللغة الإنكليزية من المصدر اضغط هنا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :