حوار: أسامة آغي
الانتقال السياسي في سوريا وفق القرار الأممي 2254، يتطلب وجود رؤى سياسية بديلة عن رؤية وفكر النظام السوري الحاكم الوحيد في دمشق.
هذه البدائل تحملها مشاريع سياسية تطرح نفسها في عملية انتخابية لتغيير الواقع السوري، وتوسيع الحريات فيه أكثر، لتصوغ تلك البدائل السياسية مواقفها من القضايا الداخلية والخارجية، وتدرس علاقاتها الإقليمية والدولية في سياق أي انتقال سياسي سوري محتمل.
وتحاول هذه المشاريع السياسية، التي تطرح نفسها كبديل عن النظام السوري، تحديد ملامح أولية لطبيعة الحياة السياسية المتوقعة بعد حدوث استقرار نسبي داخلي في سوريا.
شرح الرئيس الحالي للمكتب السياسي لـ“جبهة الإنقاذ الوطني”، فهد المصري، رؤيته السياسية بشأن القضايا الخارجية في حديث مع عنب بلدي، خصوصًا بعد طرح نفسه مرشحًا رئاسيًا لسوريا في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2021.
توسيع الرؤية الإسرائيلية تجاه سوريا
يعتقد المصري أن من أساسيات الانتقال السياسي في سوريا هو السعي إلى تغيير الموقف الإسرائيلي تجاه سوريا، بقوله، “أنا لا أسعى أن تدعمني إسرائيل شخصيًا، بل أسعى إلى تغيير وتوسيع الرؤية الإسرائيلية تجاه سوريا”.
وفي وقت سابق، نشر الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، عبر حسابه في “توتير”، تلميحًا إلى إمكانية أن يكون المصري بديلًا رئاسيًا عن بشار الأسد لحكم سوريا في المرحلة المقبلة.
وقال المصري، “نحن قدمنا رؤية للسلام السوري- الإسرائيلي” من خلال دراسة “جبهة الإنقاذ الوطني” العلاقة مع إسرائيل، معتبرًا أنها “دولة قائمة، تحظى بدعم كامل وغير محدود من أركان القوى العالمية والكبرى”، والتعامل معها أمر واقع “سواء اعترفنا أم لم نعترف بإسرائيل”، بحسب تعبير المصري.
وبرر المصري رؤية “جبهة الإنقاذ” بشأن فكرة “السلام السوري- الإسرائيلي” كونه “لا يمكن” بناء سوريا جديدة بعد سياسة “الشعارات الكاذبة والأوهام” التي اتخذها حزب “البعث” الحاكم بدمشق في العداء لإسرائيل “إلا بردم ودفن هذه الشعارات”.
ويرى المصري أن “تسويق فكرة العداء لإسرائيل، كانت العمود الفقري لعهد الأسد الأب، ثم فترة الابن”، وبرأيه فإن هذه القاعدة هي التي سمحت للأسد بالاستمرار وتوريث ابنه، والهروب من الاستحقاقات الداخلية في التغيير، والاستمرار بالقمع والاستبداد وسحق الحريات العامة.
وأضاف حول ردود الفعل تجاه رؤيته لمستقبل العلاقة بين سوريا وإسرائيل، “نحن لم نقم علاقة مع إسرائيل، ولم نختطف دور الدولة السورية الجديدة ومؤسساتها التي ستكون منتخبة، والتي ستمثل إرادة السوريين والشرعية الوطنية”.
وربط المصري، الذي طرحه الصحفي الإسرائيلي كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية بعد الانتقال السياسي السوري، بين “عودة الأمن والاستقرار، وحل مستدام والانتهاء من حكم عائلة الأسد”، وبين أن “تحصل إسرائيل على ضمانات تتعلق بأمنها القومي” بالتزامن مع أي تغيير سياسي محتمل في سوريا.
“مشكلتنا الوحيدة مع إسرائيل هي الجولان”، وفق ما قاله المصري، معتبرًا أن “الوصول إلى تفاهمات عادلة، سيحول الجولان إلى واحة للسلام والتعاون، وإقامة مشاريع اقتصادية وحيوية مشتركة تحقق التنمية والفائدة لكل الأطراف”.
ويرى المصري أن سوريا الجديدة يجب أن تكون “خارج جميع الصراعات والنزاعات والتجاذبات العربية والإقليمية والدولية”.
مشروع وطني “يتجاوز المعارضة والموالاة”
“جبهة الإنقاذ”، بحسب وصف المصري، “ليست تيارًا أو حزبًا سياسيًا، بل إطار وطني جامع يتجاوز مسألة المعارضة والموالاة”، وقال إنها “تعمل من أجل المشروع الوطني الجامع الذي لا يقصي أحدًا لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية التعددية والتشاركية ودون أي تمييز”.
وأضاف المصري أن “الدخول في المرحلة الديمقراطية يتطلب عدة معايير، ويتطلب ظروفًا مناسبة واستقرارًا نسبيًا وقوى سياسية ومدنية منظمة”، لكنه لم يحدد في حديثه الشروط والظروف المتحكمة بمثل هذه الحالات.
ويعتقد المصري أن دعم القرار الأممي 2254 من شأنه دعم قيادة المرحلة الانتقالية، عبر فرض المجتمع الدولي الحل السياسي.
وقامت “جبهة الإنقاذ” بتسويق مشروعها لدى “عواصم القرار الدولي” وفق المصري، الذي يرى أن “إدارة الجبهة تتفق مع الإدارة الأمريكية، وهناك انسجام كبير في بعض القضايا”، دون تحديد ماهية تلك القضايا.
ويدعو المصري إلى تغيير اسم الدولة السورية الرسمي، وذلك بحذف كلمة “العربية” من “الجمهورية العربية السورية”، ويبرر هذا التغيير بـ“إعادة النصاب الوطني الصحيح، دون أي تشويه، أو نزعات عنصرية، علمًا أن سوريا كان اسمها الجمهورية السورية قبل هيمنة الفكر العنصري مع حكم حافظ الأسد”.
من هو فهد المصري
فهد المصري سوري من مواليد 1970، ولد في حي الميدان الدمشقي من أسرة محافظة، درس الأدب العربي في جامعة دمشق ولم يكمل دراسته، وهاجر إلى أوروبا واستقرّ في فرنسا منذ 24 عامًا.
حصل على درجة الماجستير في الإعلام بالعاصمة الفرنسية باريس، ودرس في معهد “الدراسات الشرقية” اللغة والحضارة الفارسية.
عمل مذيعًا في بداية الثورة السورية عام 2011 في لندن، وظهر متحدثًا باسم القيادة المشتركة لـ”الجيش السوري الحر”.
في كانون الأول 2016، أعلن تأسيس جبهة تضم قيادتين سياسية وعسكرية، تحت اسم “جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا”.
ووجه باسم “جبهة الإنقاذ الوطني”، في كانون الأول 2016، رسالة مفتوحة للشعب الإسرائيلي حول السلام بين إسرائيل وسوريا “الجديدة”.
وفي عام 2017، انتُخب المصري رئيسًا للمكتب السياسي لـ”جبهة الإنقاذ”، بينما انتشر 35 من أعضاء الجبهة ليكونوا ممثلين رسميين لها في 35 دولة في أنحاء العالم.
–