كتب جوشوا كايتنغ في موقع سليت
لعب الرئيس السوري بشار الأسد دور الضعيف بشكل جيد، ولكن يبدو أنه جازف في قلب الرهان ضده، حتى أنه فقد السيطرة على جزء كبير من الأراضي في سوريا وترأس أسوأ أزمة إنسانية في القرن 21، بإبقائه المؤيدين إلى جانبه وتعنته للبقاء في منصبه، ولكن معظم المراقبين في الشرق الأوسط يعتقدون أنه لم يعد أمامه سوى أشهر قليلة لترك السلطة.
وتفادى الأسد خدعة باراك أوباما حول استخدام الأسلحة الكيميائية ونجح في تجنب التدخل بالتخلي عنها، واستفاد مباشرة أو ضمنيًا من تزايد قوة تنظيم “الدولة” ليبعد التوجه الدولي عن العنف الذي يستخدمه، لدرجة أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قبل بضعة أشهر على وشك أن تعترف بأنه سيبقى في السلطة.
كما استفاد من كل هذا الوقت في مواصلة ترويع الشعب السوري وقصفه بالقنابل والبراميل والأسلحة الكيميائية.
ولكن للمرة الأولى منذ فترة طويلة، وفي ظل التطورات الأخيرة يبدو الأمر غير جيد بالنسبة للأسد، إذ تقدمت المعارضة هذا الأسبوع في سهل الغاب شمال غرب سوريا، وهي المنطقة التي قالت رويترز، “إنها حاسمة للدفاع عن الجبال في الساحل والتي تعتبر معقل طائفة الأسد العلوية”.
ويأتي ذلك بعد أن فقدت القوات الحكومية في أيار أكثر من بلدة في محافظة إدلب شمال غرب البلاد “لصالح مقاتلين من تنظيم القاعدة على صلة بجبهة النصرة”.
وكان الأسد اعترف الأحد الماضي بنقص القوة البشرية في جيشه، مشيرًا إلى أنه سيضطر للانسحاب من بعض المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية.
وهناك أنباء سيئة بالنسبة للأسد وهي أن تركيا والولايات المتحدة يعملان اليوم بنفس الخطوات عندما يتعلق الأمر بسوريا، ففي حين وضعت الولايات المتحدة تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق كأولوية في المقام الأول، وتدريبها لمعارضين مناهضين للأسد في سوريا، ظلت حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ملتزمة بالإطاحة بالأسد.
وشمل الاتفاق بين الحكومتين الذي ركز الأسبوع الماضي على تنظيم “الدولة” خطة إنشاء “منطقة آمنة”، على طول 60 ميلًا عبر الحدود التركية السورية لتضم المقاتلين من المعارضة “المعتدلة نسبيًا”، أي أولئك الذين لا ينتمون للتنظيم على الأقل أو للقاعدة، بالإضافة إلى النازحين السوريين.
وهذا يبدو كأمر قريب جدًا من “منطقة حظر جوي”، كما دعت تركيا لسنوات، على الرغم من أن الولايات المتحدة غير راغبة في أن تسميها كذلك، وهذا خبر سيء للجيش السوري الذي لا يملك أحد غيره قوة جوية في البلاد.
من جهتها ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في مقال البارحة أن المسؤولين والداعمين الدوليين الرئيسيين للحكومة السورية، وهما روسيا وإيران، بدءا يفقدان الصبر مع عميلهم في دمشق “بإظهار المزيد من الانفتاح لمناقشة بدائل للأسد الذي يفقد نظامه المزيد من الأراضي”، وكان هناك تكهنات لقادة المعارضة السورية الذين كانوا المصادر الأساسية في المقال حول هذا الأمر من قبل.
إعلان روسيا هذا الأسبوع أنها تدرس استئناف مشاريع النفط والغاز مع سوريا لا يبدو كبارقة أمل، ولكن هناك بعض التفاصيل المثيرة للاهتمام في هذا المقال، بما في ذلك حقيقة أن المسؤولين الروس يجتمعون مع المعارضة السورية في تركيا لأول مرة.
وذكرت الصحيفة أيضًا إلى اجتماع عقد مؤخرًا بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية السوري الذي أشار إلى سلسلة من النكسات العسكرية للأسد وإلى أن النظام السوري يجب أن يتكاتف مع منافسيه في المنطقة وهم تركيا والمملكة العربية السعودية.
وبوجود هذا التحالف سيكون من الصعب أن نتصور الأسد باقٍ في السلطة، وفي هذا الصدد قال محلل السياسة الخارجية الروسية فيودور لوكيانوف إن الكرملين “ينظر في قبول مرشحين آخرين في هذه المرحلة”.
علامة الاستفهام الكبيرة هي حول الداعم الرئيسي الآخر لسوريا وهي إيران، إذ يشير أنصار الاتفاق النووي الأخير إلى إمكانية أن يكون هناك مزيد من المفاوضات بين إيران والغرب حول القضايا الإقليمية، بما فيها القضية السورية.
ويرى منتقدو الاتفاق أن رفع العقوبات سيمكن طهران من استخدام السيولة في زيادة دعمها للأسد، ولكن الحقيقة هي أنه لا أحد من الأطراف يعلم حقًا كيف ستؤثر هذه الصفقة، وهل ستؤدي إلى مزيد من الصراعات المعقدة.
رحيل الأسد لن ينهي العنف في سوريا أو العراق، وسيبقى تنظيم “الدولة” في ظل غيابه عاملًا مؤثرًا في السنوات المقبلة إن لم يكن أطول، كما أن الكوكبة “المعقدة” من المعارضة التي تقاتل الأسد، بما فيها المرتبطة بتنظيم القاعدة، لن تلقي أسلحتها دفعة واحدة وتبتعد.
ولكن بالنظر إلى المذبحة في سوريا والصراع العالمي الذي خلقه حكم الأسد، فإن رحيله عن المشهد سيكون تطورًا مرحبًا به بشكل كبير، والآن هناك أمل أكبر من ذاك الذي كان قبل سنوات.
نُشر في 29 تموز الجاري وترجمته عنب بلدي؛ لقراءة المقال باللغة الإنكليزية من المصدر اضغط هنا.